في الثامن عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني، كان اليوم الأوروبي للتوعية بالمضادات الحيوية بالتزامن مع انطلاق الأسبوع العالمي للتوعية بمضادات الميكروبات التي تشمل إلى جانب المضادات الحيوية ثلاثة أنواع مضادات أخرى للفيروسات والفطريات والطفيليات. ولعلّ الهدف الأساسي من هذا اليوم الأوروبي السنوي هو تعزيز التوعية بمقاومة المضادات الحيوية وباستهلاكها الحذر.
إلى جانب الاستهلاك العشوائي لذلك النوع من الأدوية الذي يمثّل أزمة في الصحة العامة، ثمّة مشكلة أخرى ترتبط بجزء منها بذلك الاستهلاك، ألا وهي النقص في المضادات الحيوية الذي حاولت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية تسليط الضوء عليه، وقد ربطته بارتفاع الطلب على تلك الأدوية الأساسية وبمشكلات المصنّعين مع سلاسل التوريد.
وتفيد بيانات صادرة في دول أوروبية عدّة بأنّ ثمّة نقصاً كبيراً في أصناف من المضادات الحيوية التي تُستخدَم على نطاق واسع، الأمر الذي يتسبّب في قلق بين الأطباء والمسؤولين حول توفّر تلك الأدوية التي من شأنها أن تعالج حالات مرضية من قبيل التهاب الأذن والالتهاب الرئوي وما بينهما، وهي أمراض تتزايد في موسم البرد.
وتعيد المجموعات المعنية بالصحة وكذلك المصنّعون النقص المسجّل إلى عوامل عدّة. فقد سجّل الطلب عليها قفزة بعد رفع القيود المرتبطة بأزمة كورونا الوبائية، الأمر الذي أدّى إلى ظهور أمراض أكثر. كذلك يواجه المصنّعون تأخيراً في التزوّد بمكوّنات الأدوية وبتغليفها وبمواد أخرى ذات صلة، ويُربط الأمر بالقيود التي تفرضها الصين في إطار استراتيجيتها الصارمة "صفر كوفيد" الهادفة إلى تطويق الوباء. بالإضافة إلى ذلك، تأتي تكاليف الطاقة المرتفعة لتصعّب استمرار عمليات إنتاج تتطلّب طاقة بطريقة مكثّفة.
ولا يخفي أطباء كثيرون قلقهم الكبير إزاء ذلك النقص. ويقول الطبيب ريمي سالومون المتخصّص في أمراض الكلى لدى الأطفال في مستشفى "نكير-آنفان مالاد" الجامعي في باريس، وممثّل الأطباء في مستشفيات المدينة الحكومية: "نحن خائفون جداً، إذ وردنا أنّ النقص سوف يستمرّ ما بين ثلاثة أشهر وأربعة".
والمجموعة التي يمثّلها سالومون تهيّئ دليلاً مع توصيات بوصف المضادات الحيوية لمدد أقصر من المعتاد، وذلك بهدف الحفاظ على المخزون، لكنّه يعبّر عن قلقه إذ إنّ الحدّ من مدّة العلاج قد يعني ألا يتخلّص بعض الأشخاص من العدوى أيّاً تكن.
وتؤدّي المضادات الحيوية دوراً حاسماً في مساعدة الناس من الشفاء من العدوى البكتيرية، من قبيل التهاب الشعب الهوائية والتهاب اللوزتَين. وبالتالي، فإنّ النقص في هذه المضادات من شأنه أن يفاقم حالات كثيرين، لا سيّما في مثل هذه الأيام مع انتشار الأمراض التنفسية وغيرها المرتبطة بفصل الشتاء.
تجدر الإشارة إلى أنّ مشكلات أوروبا في هذا السياق تأتي مشابهة لتلك المسجّلة في الولايات المتحدة الأميركية، حيث الارتفاع في مختلف أنواع العدوى في هذا الموسم خصوصاً يؤدّي إلى نقص في المضادات الحيوية. وهنا، يطرح سؤال حول نقص محتمل في مثل هذه الأدوية بأسواق المنطقة العربية وغيرها من مناطق تعاني في الأساس من نقص في أدوية مختلفة، ومنها ما يُعَدّ منقذاً للحياة.