افتُتح في الدوحة، اليوم الاثنين، منتدى حقوقي وطني من تنظيم اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان هدفه البحث في الممارسات الفضلى لحماية حقوق الإنسان خلال بطولة كأس العالم 2022 التي من المتوقع أن تنطلق فعالياتها في قطر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
وفي كلمة ألقتها رئيسة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان مريم العطية في المنتدى، قالت إنّ اللجنة بحكم ولايتها تؤكّد أنّ المعايير الدولية لحقوق الإنسان، من شأنها الاستجابة للتحديات، والتخفيف من المخاطر التي قد تنطوي عليها الأحداث الرياضية. وأضافت أنّ نهج حقوق الإنسان يحول دون استغلال الأحداث الرياضية، وتقويض جهود الدولة في حماية حقوق المشجّعين وكرامتهم مع واجبها في الحفاظ على الأمن والسلم الاجتماعي.
وثمّنت العطية الجهود التي تبذلها الدولة بكلّ مؤسساتها على المستويَين التشريعي والمؤسسي في كفالة حقوق الانسان وتعزيزها خلال مدّة فعاليات مونديال قطر 2022، مشيرةً إلى القانون رقم 10 لسنة 2021 بشأن تدابير استضافة كأس العالم الذي وضع آليات تنظيمية مقنّنة وإجراءات مرنة تبدأ قبل البطولة وفي أثنائها وبعد انتهائها. وأوضحت أنّ قطر لم تدّخر جهداً على كلّ المستويات لإنجاح تنظيم الحدث الرياضي، من خلال نهجها القائم على حماية حقوق الانسان وتعزيزها، مضيفة أنّ اللجنة بالشراكة مع وزارة الداخلية، وبالتنسيق مع شركائها الدوليين والإقليميين قد نظّمت خلال السنوات الماضية جملة واسعة من برامج العمل الهادفة إلى بناء وتطوير قدرات المكلفين بإنفاذ القانون، وفقاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وكانت حريصة على أن تتضمّن هذه البرامج كيفية احترام حقوق جمهور الحدث الرياضي الذين ينتمون إلى ثقافات وحضارات إنسانية مختلفة، ولديهم فهمهم المتنوّع للقوانين الوطنية حول دور المكلّفين بإنفاذ القانون وصلاحياتهم حول التحديات الأمنية والمجتمعية.
وأكّدت العطية أنّ اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان التي سوف تحتفي بذكرى مرور عشرين عاماً على تأسيسها في نوفمبر المقبل، ملتزمة بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، وسوف تواصل جهودها وعملها الدؤوب في إطار المبادئ التي جسّدها الدستور الدائم لدولة قطر ومقوّمات المجتمع القائم على العدل والإحسان والمساواة.
شاهد اعمال المنتدى الوطني الأول. لحقوق حول دور مؤسسات إنفاذ القانون اثناء مونديال كاس العالم فيفا قطر ٢٠٢٢.#حقوق_الإنسان_قطر https://t.co/ddoToUkwjL pic.twitter.com/mWADJxtT1w
— حقوق الانسان-قطر (@QATARNHRC) September 12, 2022
إصلاحات تشريعية
من جهته، عرض وكيل وزارة العمل المساعد محمد حسن العبيدلي في كلمته بالمنتدى، الجهود التي قامت بها دولة قطر خلال السنوات الماضية من أجل دعم العمل اللائق والظروف المعيشية للعمالة الوافدة، فيما أنجزت خلال المدّة الأخيرة إصلاحات شاملة تتعلق بقوانين ونظم العمل، بهدف دعم الضمانات المقرّرة للعمّال الوافدين وحمايتهم، وتحقيق المبادئ والحقوق الأساسية في مجال العمل، وتوفير العمل اللائق للجميع، فدولة قطر تضع حقوق جميع العمال الوافدين في محور سياساتها الاقتصادية والاجتماعية، استناداً إلى ما تضمّنته رؤيتها المستقبلية الشاملة "رؤية قطر الوطنية 2030"، وبما يتوافق مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030.
وتحدّث العبيدلي عن إصلاحات مهمة في سوق العمل من شأنها أن تعود بالفائدة على أصحاب العمل والعمّال والدولة على حدّ سواء، علماً أنّ الإصلاحات تركّزت خصوصاً على العمّال، وهم الركن البشري الأهم في المعادلة الإنتاجية. وأضاف العبيدلي أنّ الإصلاحات التي أقرّتها حكومة دولة قطر لحماية حقوق العمالة الوافدة ورعايتها، والمتمثلة في إصدار وتعديل عدد من القوانين المنظمة لشؤون العمالة، من ضمنها قانون العمل القطري، قد أكّدت جميعها حماية العمّال، وحفظ حقوقهم، وصون سلامتهم.
مؤسسات إنفاذ القانون
وحول الهدف من المنتدى، قال مساعد مدير إدارة حقوق الانسان في وزارة الداخلية القطرية العميد سعد سالم الدوسري في كلمته إنّ عقد المنتدى يستهدف التبصير بالجوانب الأساسية لأداء وزارة الداخلية ،وعمل مؤسسات إنفاذ القانون في إطارها، لضمان وحفظ النظام العام وأمن الملاعب خلال الحدث الرياضي، وذلك في سياق احترام حقوق الإنسان لجمهور البطولة، وبما يعزّز الجهد الوطني الشامل الذي يُبذل لتوفير أسباب ومقوّمات إنجاح هذا العرس الكروي، وضمان بطولة آمنة وحضارية. وأشار الدوسري إلى أنّ أهمية هذا المنتدى تأتي نظراً إلى خصوصية الدور الذي تضطلع به وزارة الداخلية في توفير متطلبات أمن هذه البطولة، وذلك أثناء الحدث الرياضي، وحساسية مسؤولية قوة الشرطة في أداء هذه المهمة، استناداً إلى مبدأ المشروعية. وأضاف الدوسري أنّ أعمال المنتدى تُعَدّ فرصة حيوية لإكساب المشاركين المعارف والخبرات المتعلقة باحترام وحماية حقوق الإنسان في نطاق الاستعدادات والترتيبات التحضيرية للحدث الرياضي التي تضطلع بها أجهزة الدولة المعنية المختلفة، من بينها وزارة الداخلية، للعمل معاً من أجل إنجاح هذه البطولة العالمية على نهج حقوق الإنسان.
نظام للرقابة والحماية والتفتيش
وقدّم مدير الالتزام والتدقيق في إدارة رعاية العمّال باللجنة العليا للمشاريع والإرث محمد الهاجري في المنتدى لمحة موجزة عن أبرز المبادرات الرئيسية التي عكفت اللجنة العليا على تنفيذها، بهدف ضمان حماية حقوق الإنسان. وأكّد أنّ جميع العاملين في مشاريع اللجنة العليا يتمتّعون بحماية شاملة بموجب معايير رعاية العمّال الصادرة عن اللجنة العليا. فهذه المعايير تشكّل القوام الرئيسي لبرنامج اللجنة، وفي الوقت ذاته هي شرط أساسي في كلّ المناقصات التي نطرحها، وملزِمة تعاقدياً لجميع المقاولين الذين يعملون في مشاريعها، وهي تغطّي مختلف الجوانب المهمة في حياة العمّال، مثل التوظيف، والعقود، والأجور، وأماكن السكن، والوصول إلى سبل العلاج والمشكلات، والانتصاف، وإجراءات الصحة والسلامة.
وقال الهاجري إنّ اللجنة العليا أنشأت نظاماً شاملاً للتدقيق والتفتيش من أربعة مستويات هي: عمليات التدقيق الذاتية من قبل المقاولين، وعمليات التدقيق التي تجريها اللجنة العليا وينفّذها فريقه في إدارة رعاية العمّال، وعمليات التدقيق لشركة "إمباكت ليمتيد" المراقب الخارجي المستقل لأعمال اللجنة العليا، وعمليات التدقيق التي تنفّذها وزارة العمل. وبيّن الهاجري أنّ مقابلات العمّال تُعَدّ أحد أهمّ جوانب العناية اللازمة التي نقدّمها لعمالنا، لا سيّما أنّها تنبثق من إيماننا بأهمية الإنصات إلى شكواهم والتعرّف إلى مشكلاتهم عبر مقابلات مباشرة معهم، الأمر الذي يتيح لنا فهماً أفضل لمخاوفهم ومن ثمّ تقديم أفضل الحلول المناسبة. وأضاف أنّ هذه المقابلات تمثّل كذلك آلية للتأكد من استيعابهم الكامل لمعاييرنا وأحكام وبنود قانون العمل القطري، مشيراً إلى أنّه من خلال معاييرهم لرعاية العمّال، أرسوا مرجعية لأفضل الممارسات في قطاع البناء. ليس هذا فحسب، بل واصلوا المضيّ إلى ما هو أبعد من ذلك، إذ أطلقوا مبادرات عديدة لتعزيز رفاهية العمّال، من بينها خطة السداد الشاملة من أجل سداد رسوم التوظيف التي دفعها العمّال في بلدانهم قبل القدوم إلى قطر، وآليات التظلم والشكاوى والتي منها منتديات رعاية العمّال. تُضاف إلى ذلك برامج الصحة والسلامة مثل الفحوصات الطبية الشاملة، وبرنامج التدريب وصقل المهارات، وبرنامج التغذية، ومسار الصحة النفسية، وتصميم وتوزيع بدلات "ستايكول" التي تعمل بتقنية التبريد الثورية التي طوّرتها اللجنة العليا، بالتعاون مع نخبة من الشركاء والمؤسسات المتخصصة حول العالم.
وتابع الهاجري أنّه مع الاقتراب من إطلاق صافرة انطلاق منافسات البطولة، ضاعفت اللجنة العليا مساعيها وبذلت قصارى جهدها لاستنساخ هذه المعايير والمبادرات الاستراتيجية في كلّ القطاعات الخدمية المرتبطة بالبطولة، مثل الضيافة، والأمن والسلامة، والنقل، والخدمات اللوجستية وغيرها من الخدمات. ومن المقرّر أن يؤدّي عمّال الخدمة وأفراد الفرق التشغيلية دوراً حيوياً خلال الفترة التحضيرية التي تسبق بطولة كأس العالم وفي أثناء منافساتها، في حين تظلّ المهمة الأساسية ضمان رعايتهم على النحو الأمثل. ولفت إلى أنّ هذه البطولة تُعَدّ النسخة الأولى من كأس العالم التي تشهد تخصيص فريق بالكامل لمراقبة تطبيق معايير حقوق الإنسان على أرض الواقع، الأمر الذي يضمن التزام جميع المشاركين في البطولة بمعاييرنا وبنود قانون العمل القطري، وتوفير أقصى درجات الحماية لحقوق العمّال.
رياضة تحترم حقوق الإنسان
أمّا مديرة مركز الأمم المتحدة للتدريب والتوثيق في مجال حقوق الإنسان في غرب آسيا والمنطقة العربية عبير الخريشة، فشدّدت في كلمتها على ضرورة أن تكون مهمّة الجميع النهوض بعالم من الرياضة يحترم حقوق الإنسان ويعزّزها بشكل كامل من خلال زيادة الوعي وبناء القدرات وإحداث التأثير. ورأت وجوب مواصلة المهمة من خلال التمسّك بالمبادئ الرياضية وتعزيزها من خلال العمل الجماعي المتمثل في التمكين ورفع الوعي من أجل الوقاية، ومنع انتهاكات حقوق الإنسان المرتبطة بالرياضة، ومشاركة المعرفة وبناء القدرات في مجال ارتباط تنظيم التظاهرات الرياضة الكبرى باحترام مبادئ حقوق الإنسان، وضمان أن تكون سبل الانتصاف فعّالة ومتاحة لمن يتعرّضون لانتهاكات حقوق الإنسان في أثناء تنظيم الأحداث والتظاهرات الرياضية، واغتنام الفرص لتعزيز حقوق الإنسان في الرياضة التي تساهم في إحداث تأثيرات وفوائد إيجابية للجميع.
بالنسبة إلى الخريشة، يمكن من خلال الرياضة زرع قيم الاحترام والتنوّع والتسامح في جميع الناس لتكون وسيلة لمكافحة كلّ أشكال التمييز، لافتة إلى أنّه مثلما تساهم الرياضة في تحقيق تقدّم على المستويَين الاقتصادي والاجتماعي، فإنّها تساهم أيضاً في تعزيز السلام والأمن، وفي زيادة التنمية المستدامة، بالإضافة إلى أنّها أداة تسخّر لخدمة التنمية المتناغمة للبشر، بغرض تعزيز مجتمع سلمي يهتم بالحفاظ على الكرامة البشرية.
تجدر الإشارة إلى أنّ المنتدى الذي يبحث دور مؤسسات إنفاذ القانون في حماية حقوق الإنسان أثناء بطولة كأس العالم لكرة القدم ( قطر 2022) بالشراكة مع وزارة الداخلية، ووزارة العمل، واللجنة العليا للمشاريع والإرث، ومركز الأمم المتحدة للتدريب والتوثيق في مجال حقوق الإنسان لجنوب غرب آسيا والمنطقة العربية، يناقش على مدار جلسات عدّة، أوراق عمل تسعى إلى تحقيق الهدف المتمثل في نشر الوعي بضرورة مقاربة حقوق الإنسان في عمل مؤسسات إنفاذ القانون في إطار الأداء الوطني الذي يُبذل لتوفير أسباب ومقوّمات إنجاح البطولة، وإثراء الممارسة الحقوقية القطرية في التعامل مع هذه البطولة.