تضيء فوانيس رمضان عتمة الليل في قطاع غزة، حيث أنهك القصف المتواصل للاحتلال الإسرائيلي سكان القطاع، للشهر الخامس على التوالي.
ويأمل الفلسطينيون الذين لم ينسوا تجهيز الزينة والتحضير لاستقبال الشهر الفضيل ولو بأقل القليل، أن يتمكنوا من عيش طقوسه وأجوائه، رغم استمرار الحرب المدمرة للشهر الخامس على التوالي.
ويقف الشاب إبراهيم عبد المملوك، أمام بسطة (عربة) لبيع زينة رمضان في أحد أسواق رفح الشعبية، جنوبي قطاع غزة، والمستحدثة أثناء الحرب، بهدف توفير دخل يساعده على إعالة أسرته في ظل الظروف المعيشية الصعبة.
ووسط الازدحام الشديد داخل السوق الشعبي، تتميز بسطة الشاب عبد المملوك بالفوانيس الجميلة وأسلاك الإنارة الجميلة.
فوانيس رمضان... بهجة تتحدى الحرب
واستطاع عبد المملوك، أن يثبت قوة الإرادة والعزيمة الفلسطينية بنجاحه في إعادة افتتاح معرض في مخيم النصيرات (وسط القطاع)، ومن ثم بسطة في رفح، خلال رحلة النزوح من غزة، حيث كان يمتلك متجرًا ومعرضًا في حي تل الهوى، غربي مدينة غزة، لكنه دُمر في ثاني أيام الحرب.
يقول عبد المملوك: "نجحنا في رفح بفتح بسطة لبيع زينة رمضان وفوانيسه، لتوفير الدخل، والحمد لله وجدنا إقبالًا من الناس".
وأثناء عمله على البسطة، يضيف الشاب الثلاثيني: "الناس تحب شهر رمضان المبارك وأجواءه وطقوسه، وتحاول إضفاء أجواء رمضانية للتخفيف من هموم الحرب"، موضحاً أن شهر رمضان يأتي في أوضاع صعبة، لكنه يحمل رسالة إلى العالم أجمع في حق الفلسطينيين في العيش بكرامة والعودة إلى بيوتهم وإنهاء الحرب.
ويتجمع الفلسطينيون، ولا سيما الأطفال أمام بسطة عبد المملوك، لشراء ما تيسر لهم من زينة رمضانية لعلها تدخل بعضًا من الفرح إلى منازلهم.
وبدأ بعض الشبان ببيع "فوانيس رمضان"، التي يعتبر اقتناؤها وتزيين المنازل والمحال والأرصفة بها أحد الطقوس الهامة لهذا الشهر في غزة.
وفي أحد الشوارع القريبة، قدم الفتية عروض رقص بالنار لجذب انتباه الأطفال والمارة في المكان، وإضفاء جو من البهجة والفرح على الرغم من ارتفاع أصوات الطائرات الحربية الإسرائيلية.
ويقول الفتى نائل أبو جزر: "اعتدنا في شهر رمضان خلال الأعوام الماضية أن نقدم عروضًا متنوعة من الرقص بالنار في شوارع رفح، ولن توقفنا الحرب عن فعل ذلك".
ويشير أبو جزر إلى التحديات والصعوبات التي تواجههم هذا العام، وفي مقدمتها عدم توفر الأدوات اللازمة لأداء هذه العروض، والمخاطر التي تواجههم بفعل استمرار الحرب الإسرائيلية، لكنه يؤكد إصرارهم على تنفيذها.
وتعتبر رفح من أكثر المناطق اكتظاظاً بالسكان في قطاع غزة، بعد إجبار جيش الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين من سكان محافظات خانيونس وشمال غزة، على النزوح إليها بذريعة أنها منطقة آمنة.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرباً مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلاً عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".