فلسطين الممزقة بالاحتلال والوباء

19 يونيو 2021
عودة إلى المدرسة مع انحسار الوباء (جعفر اشتيه/ فرانس برس)
+ الخط -

 

فلسطين التلاميذ والطلاب ممزقة. هناك قسم منهم داخل فلسطين التاريخية، وكذلك في الضفة الغربية وكلاهما تحت الاحتلال الإسرائيلي اليومي، وقطاع غزة المحاصر براً وبحراً وجواً، وهناك قسم في الدول المضيفة: الأردن ولبنان وسورية. والباقون في منافٍ بعيدة وقريبة. بالطبع تختلف ظروف كل قسم، لكنّ المشترك بينهم أنّهم يعانون ظروف الاستيطان والقمع الصهيوني وغياب العدالة الدولية والهشاشة المعيشية ويُضاف إليها وباء كورونا.

هناك مشتركات بينها جميعاً تتمثل بضعف الاستعداد لاستقبال الوباء نتيجة هذا التشتت، إلى جانب ضعف الإمكانات في مجابهة تحدي الوباء. وزارة التربية الفلسطينية التابعة للسلطة قامت وضمن مسؤولياتها بإعلان إقفال المدارس والجامعات في ذروة انتشار الوباء والعودة إلى فتحها خلال انحساره. الجامعات لم تكن أفضل حالاً. هي الأخرى أقفلت كلياتها خلال المد وأعادت فتحها خلال الجزر. وعمدت دوماً إلى تقديم دروسها ومحاضراتها عبر التعليم عن بُعد. لا يعني ذلك أنّ الأمور كانت منتظمة ونموذجية في عموم المراحل. وهنا ندخل على موضوع ندرة الإمكانات المتوافرة للقيام بالنقلة الرقمية وتحمل أعبائها المادية.

أونروا (وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) التي يبلغ تعداد تلاميذها أكثر من نصف مليون يتوزعون على مخيمات الضفة والقطاع والأردن ولبنان وسورية، والتي يتوجّب عليها تقديم التعليم، تمرّ بظروف مالية عسيرة في أعقاب وقف الولايات المتحدة الأميركية المساهمة في ما يعادل ثلث موازنتها العامة (أعلنت الإدارة الأميركية الجديدة أخيراً عزمها على استئناف مساعداتها لها). وقد عانت هذه المؤسسة منذ عام 2018  مصاعب شتى انعكست على قطاع التعليم وغيره من خدمات أساسية. ثمّ إنّ جزءاً من إمكاناتها جرى توجيهه نحو مجابهة الوباء ومضاعفاته على المخيمات مع كل الأكلاف المطلوبة. وطاول تخفيض النفقات التعليم، ودفعت الوكالة ما نسبته 50 في المائة من رواتب المدرّسين والموظفين. وأوقفت عدداً من العاملين المؤقتين في القطاع التعليمي عن العمل. كما زادت من الطاقة الاستيعابية للصفوف، وحوّلت بعض المدارس إلى مراكز استشفاء للمصابين من اللاجئين الفلسطينيين الذين لا يستطيعون الحصول على الحجر المنزلي، بالنظر إلى ضيق البيوت في المخيمات واكتظاظها.

موقف
التحديثات الحية

المقصود القول إنّ كلاً من السلطة ووكالة أونروا توجّها نحو التعليم عن بُعد إذ تمّ تصوير الدروس وبثّها عبر قنوات "يوتيوب" والراديو والتلفزيون للتلاميذ من الصف الأوّل إلى الصف الثاني عشر. كما طلبت السلطة من جميع الجامعات مواصلة المحاضرات عبر الإنترنت باستخدام استراتيجيات مختلفة مثل التعليم المدُمج والفصول الافتراضية، بالإضافة إلى استخدام تطبيقات مثل "زوم" وغيرها. وحاولت التفاعل مع الوباء ضمن الحد المتاح من الموارد الشحيحية أصلاً.

المهم أنّهما عمدا تبعاً لظروف تفشّي الوباء إلى تقليص التعليم المباشر في مراحل الخطر، وإطلاق تعليم مدمج بنوعَيه المباشر وعن بُعد في أغلب المؤسسات مع تراجع الخطر على التلاميذ والطلاب. واللافت أنّ كلاً من وزارة التربية ووكالة أونروا كانتا تدركان مدى الضرر الذي يتسبب فيه الوضع، خصوصاً أنّ التعليم الإلكتروني لا يحقق الأهداف المرجوة منه بفعل ترديّ الخدمات من هواتف وكهرباء وشبكات إنترنت، يضاف إليها عجز الأهالي عن مساعدة أبنائهم أو شراء الهواتف والألواح الذكية والحواسيب لهم. فمعظمهم لا يملك المؤهلات العلمية، وهو يعجز عن توفير خبزه اليومي في ظل بطالة مستشرية في زمن كورونا الوباء والاحتلال معاً.

(باحث وأكاديمي)

المساهمون