على صوت تكسير زجاج نافذة منزله في أبو ديس، جنوب شرق القدس، استيقظ الفلسطيني فادي محمد عواد بعد الثالثة من فجر أمس الثلاثاء، وما أن أدرك ما يجري بعد وصول قنبلة غازية إلى سرير غرفة نومه الذي كان يبيت فيه مع زوجته وطفلته التي لم تتجاوز أربعة أشهر، حتى أصبح المنزل وكأنه غمامة من الغاز السام المسيل للدموع، بفعل 3 قنابل وصلت إلى داخله، لكن المشهد تحول بعد دقائق إلى كارثة حلت به بحريق دمر معظم ممتلكاته.
يروي عواد لـ"العربي الجديد" ما حل به، إذ فقد كل ما يملك داخل المنزل، حتى أن مبلغاً مالياً كان يحتفظ به في المنزل ذهب أدراج الرياح. يقول فادي: "بدأ كل شيء باقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي لبلدة أبو ديس، جنوب شرق القدس المحتلة، قبيل الثالثة فجراً، وهو اقتحام يتكرر، وكثيرا ما تعرضت وأسرتي للاختناق بالغاز الذي يتسرب إلى داخل منزلي، لكن الأمر كان مختلفاً هذه المرة، فخلال المواجهات استخدمت قوات الاحتلال القنابل الغازية التي تطلق بشكل متزامن من آلة أوتوماتيكية مثبتة على سقف الجيب العسكري".
يؤكد فادي أن أكثر من ثلاثين قنبلة تمثل مجموع ما وصل إلى حائط البناية التي يقطن فيها، ثلاثة منها اخترقت النافذة على ارتفاع أربعة طوابق، وتسببت باختناقه هو وأفراد أسرته، وهم 5 أطفال أكبرهم بعمر سبع سنوات، وأصغرهم بعمر 4 أشهر، إضافة إلى زوجته.
سرعة انبعاث الغاز من القنابل أدت إلى عدم قدرته على إخراج القنابل من المنزل، وأول ما فعله كان إخراج طفلته التي كانت بحضنه، وأطفاله الآخرين، الذين بدأوا بالتقيؤ قبل الخروج من المنزل بسبب تأثير الغاز.
أوصل عواد أفراد أسرته إلى منزل شقيق زوجته، ليتم نقل عدد من الأطفال إلى الطوارئ بسبب حالة التقيؤ، وعاد فادي إلى منزله، في محاولة لإطفاء النيران، إذ تسببت القنابل الغازية في اشتعال النيران، التي لم تبق له شيئا، في ظل صعوبة وصول الناس لمساعدته لأن جيش الاحتلال كان حينها لا يزال في الشارع ويطلق القنابل والرصاص خلال المواجهات مع الشبان.
وصل الدفاع المدني الفلسطيني بعد قرابة 35 دقيقة ليسيطر على النيران، لكن معظم ما في المنزل احترق، يقول فادي: "البيت كله ذهب، العفش، الهواتف، الأجهزة اللوحية للأطفال، ونظارة زوجتي، سقف غرفة النوم سقط، واحترقت أغطية النوافذ، وتكسر الزجاج، واحترق مبلغ مالي يبلغ قرابة 25 ألف شيكل (قرابة 7 آلاف دولار)، كنت أجمعه من راتبي المتواضع".
خسارة فادي كما يقول كبيرة، لأنها تعني كل ما يملك بشكل حرفي، فهو استطاع شراء منزله بالأقساط وتشطيبه على مدار 7 سنوات من تعبه بالعمل الشاق داخل الأراضي المحتلة عام 1948، قبل أن يتزوج، ولاحقا يمنع من إصدار التصاريح للعمل وينتقل للعمل في مخبز في بلدة العيزرية المجاورة.
حتى لو أراد استئجار منزل آخر فهو يقول: "إن أطفاله فقدوا كل ملابسهم، ولم يعد يملك أثاثاً للمنزل، فضلاً عن تأثر أطفاله بالحريق والغاز، حيث ذهب بإحدى طفلاته إلى المركز الطبي ثلاث مرات بسبب أثر الحريق".
واستنكرت بلدية أبو ديس، في بيان لها، إطلاق قنابل الغاز باتجاه منزل عواد خلال اقتحام البلدة لاعتقال أحد الشبان فجر اليوم، ما أدى لاحتراقه. وأضافت البلدية أن أفراد العائلة نجوا بأعجوبة بعد إخراجهم من المنزل الذي تضرر بشكل كبير وأصبح غير صالح للسكن وأصبحت العائلة بلا مأوى.