فلسطينيون في تونس: واقع غزة أكثر مأساوية من المشاهد

31 أكتوبر 2023
الاحتجاجات المتنفس الوحيد لفلسطينيي تونس (حسن مراد/Getty)
+ الخط -

تؤكد الفلسطينية الناشطة في المجتمع المدني، هناء مغامس، أنها تتواصل مع أهلها الذين يقيمون في غزة حيث "الواقع أفظع بكثير مما نسمعه ونشاهده على شاشات التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي، والأوضاع مأساوية ما بعد القصف".
وتقول لـ"العربي الجديد": "تفرق أهلي في غزة بعدما غادروا بيوتهم، وانتقل بعضهم إلى مخيمات ومدارس. وقد تلقى بعضهم بلاغات بإخلاء البيوت، لكنهم رفضوا الرحيل، وبينهم شقيقتي التي ظنت أن البلاغ كاذب وظلت في بيتها، ثم قصف الاحتلال أحد طوابق المبنى الذي توجد فيه فصدّقت أن الأمر جدي لكنها تمسكت بالبقاء في دارها وأرضها. ومن لطف الله أنها لم تصب بأذى مع أطفالها".
وتلفت إلى أنها كانت تعيش في لبنان ثم قدمت إلى تونس، ولم ترَ عائلتها وأشقاءها البالغ عددهم 12 منذ عام 1999، حين زارت غزة بتصريح حصل عليه والدها، لكن بعد وفاته لم تستطع العودة، وظلت طوال الأعوام الأخيرة تتصل بأهلها عبر الهاتف وشبكات التواصل الاجتماعي، علماً أن ثلاثة من أشقائها يقيمون قي غزة والبقية في الضفة".
وحول المواقف الدولية، تقول هناء: "الكلام كثير أما الأفعال فغائبة خاصة على المستوى الإنساني. مولدات الكهرباء لا تعمل في غزة، والجرحى في وضع صعب في المستشفيات، خاصة أولئك المهددة حياتهم في العناية المركزة. أيضاً لا تتوفر أبسط المواد الأساسية والماء، وبالتالي تعيش غزة كارثة كبيرة".
تتابع: "كان الطقس حاراً عندما غادرت بيتها، أما الآن فيشعر أولادها ببرد يمنعهم من النوم ليلاً. وهي تبحث عن ملابس لأولادها من دون أن تجدها، وهذه حال كثيرين، لذا يمكن القول إن من لم يمت تحت القصف سيموت من الجوع والبرد. أما شقيقي فيوجد في مكان وزوجته وأطفاله في مكان آخر، بعدما ذهبت زوجته إلى بيت أهلها قبل يومين من القصف، ولم يجتمعوا مجدداً، فالمعاناة بعد القصف كبيرة، ولا يمكن وصف الدمار الذي حصل".

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

وتشدد على أن "الأهالي صامدون لكنهم تعبوا"، وتسأل "ألا يكفي الشهداء الذين استشهدوا، والعائلات التي شردت والدماء التي سالت، وموت رُضع حديثي الولادة، وتيتم عائلات أبيدت بالكامل. كل الكلمات والأوصاف تغيب في مثل هذا الوضع".
ويقول الطالب الفلسطيني بتونس، أحمد حوايحي، لـ"العربي الجديد": "تقطن عائلتي شمالي غزة، وأكثر ما يقلقني هو مستقبل الأطفال، إذ سبق أن عشت الحرب وأعرف تداعياتها. ومثلاً تسأل شقيقتي الذي رُزقت ثلاثة أطفال، هل يجب أن يعيشوا نفس الوضع الذي عاشته، ولماذا لا يعيشون مثل باقي الأطفال في العالم، بعيداً من القصف والقتل والحرب؟" .
يضيف: "كل المواقف الدولية والعربية مخجلة، وكان أملنا كبيرا بدولة مصر الجارة، لكن صدمتنا كانت كبيرة بأنها لا تستطيع إدخال مساعدات إنسانية. ونحن نشارك حالياً في الاحتجاجات بتونس، وهذا المتنفس الوحيد لنا وللشعب التونسي للتعبير عن تضامننا مع غزة، وتأكيد أن فلسطين موجودة في قلوب الناس، ونأمل في أن يصدر موقف رسمي عربي يعبر فعلاً عن مساندة العرب لفلسطين".

غضب كبير في تونس من الأوضاع المأساوية في غزة (حسن مراد/ Getty)
غضب كبير في تونس من الأوضاع المأساوية في غزة (حسن مراد/Getty)

أما الطالب مدحت الذي يتخصص بالعلوم السياسية والحوكمة، فيقول لـ"العربي الجديد: "أقيم في تونس منذ عام 2018 للدراسة، وقلوبنا في فلسطين التي نتابع أخبارها بلا حول ولا قوة، لأننا لا نستطيع أن نفعل أي شيء. ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي انقطع الإنترنت عن أماكن عدة في غزة، وأيضاً التيار الكهربائي، ما جعل الاتصالات صعبة جداً".
يضيف: "استشهد بعض أصدقائي في القصف الذي تدعمه دول غربية، على رأسها الولايات المتحدة، بهدف السيطرة على العالم العربي، كما أن التخاذل الواضح في بعض المواقف العربية أمر متوقع في ظل هرولة بعض الحكام للتطبيع مع إسرائيل". 

ويشارك آلاف في مسيرات سلمية تشهدها محافظات تونس لنصرة غزة والتنديد بسياسة القتل والتهجير والاعتداءات الوحشية التي يمارسها الكيان الصهيوني ضد المدنيين، ما يشكل انتهاكاً صارخاً لمبادئ حقوق الإنسان والتشريعات الدولية.
ويشدد مشاركون فيها على أن "كل حركات المقاومة التي انتصرت في العالم دفعت ثمناً باهظاً من دماء الشهداء، والمقاومة الفلسطينية قدمت درساً سيُلقن لاحقاً في المعاهد والكليات العسكرية، وهي أعادت إحساس الاعتزاز للشعوب العربية بعد الشعور بالذل وعدم القدرة على الوقوف في وجه الاحتلال الذي يسعى إلى تثبيت الإحساس بأننا شعوب عاجزة ودون مرتبة البشر".

المساهمون