فلسطينيات الداخل: حالات تعنيف وقتل

08 يناير 2022
يواجهن التمييز (أحمد غرابلي/ فرانس برس)
+ الخط -

تُعاني النساء في الداخل الفلسطيني من التمييز الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي وأجهزته من شرطة وقضاء من جهة، بالإضافة إلى ذكورية المجتمع من جهة أخرى. في هذا السياق، تقول مديرة جمعية "النساء ضد العنف" نائلة عواد إنه "خلال العامين الماضيين وفي ظل تفشي فيروس كورونا الجديد، زاد عدد النساء اللواتي توجهن إلى مراكز الحماية"، لافتة إلى توجه 75 امرأة و107 أطفال إلى مراكز الحماية حتى شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. أضافت أن 45 في المائة من هؤلاء النساء هن فلسطينيات يفتقدن الدعم اللازم لكسر حاجز الصمت، علماً أنهن بتن أكثر إدراكاً لحقوقهن بدليل إقدامهن على التوجه إلى مراكز الدعم وتلك التابعة لوزارة الرفاه والضمان الاجتماعي. لكنها تأسف لعدم وجود خدمات كافية من أجل دعمهن وحمايتهن، وخصوصاً من قبل الوزارة وأجهزة الشرطة. 
وبحسب بحث أعدّته المحامية شيرين بطشون شمل الفترة الممتدة من عام 2008 وحتى عام 2018، تبين أنه تم تقديم لوائح اتهام في 64 في المائة من جرائم قتل النساء اليهوديات، وصدرت أحكام ضد المجرمين بنسبة 75 في المائة. في المقابل، قدمت لوائح اتهام في 58 في المائة من جرائم قتل النساء العربيات، ودين 35 في المائة فقط من المتهمين في هذه القضايا، ما يعني أنّ 65 في المائة من المتهمين ما زالوا يتجولون بين الناس. وتوضح عواد أن هذا يدل على تقاعس الشرطة وتمييز النيابة العامة. من جهة أخرى، تشير إلى أن تفشي كورونا كشف مدى تقاعس الأجهزة الحكومية عن حماية النساء، وقلة عدد المساعدين الاجتماعيين في عدد من المناطق".
وتتحدت عواد عن إطلاق موقع إلكتروني لرصد أسماء نساء قتلن منذ عام 1929، بهدف التوثيق والاستذكار، مشيرة إلى أن الجرائم ليست مجرد أرقام بل هي قصص نساء كانت لديهن أحلامهن قبل أن يقرر أشخاص إنهاء حياتهن. وتوضح أن "التوثيق قد يكون مفيداً في حال تقرر تقديم لوائح اتهام جديدة، ولتبقى ذكرى هؤلاء النساء حية في قلوبنا وعقولنا". وتشير إلى أن الجمعية ساهمت بالتعاون مع السلطات المحلية في إعداد خطط لمناهضة العنف، مشددة على أهمية نقل العمل إلى المجلس البلدي. وتختتم عواد حديثها قائلة: "أطلقنا تطبيقاً على الهواتف الذكية ليكون متاحاً للنساء المعنفات الاتصال والتعبير عن أنفسهن، وخصوصاً في ظل تفشي كورونا".

من جهة أخرى، تقول مديرة منظمة "كيان ـ تنظيم نسويّ فلسطينيّ" رفاه عنبتاوي: "كان العام الماضي مليئاً بالتحديات في ظل ازدياد نسبة العنف ضد النساء بشكل خاص وصولاً إلى حدّ قتلهن". ويشار إلى مقتل 12 امرأة فلسطينيّة في جرائم قتل مختلفة، فيما بلغ عدد ضحايا جرائم القتل التي نفّذت غالبيّتها بإطلاق النار في البلدات العربية 73 قتيلاً وقتيلة، حتى العاشر من سبتمبر/ أيلول 2021. وبحسب عدد من المؤسّسات والمنظمات النسوية، فقد شهدت الأعوام الثلاثة الأخيرة ارتفاعاً في نسب التبليغ عن حالات العنف ضدّ النساء، ما يدلّ على ارتفاع في حالات العنف نفسها، وخصوصاً خلال جائحة كورونا. 

بعض النساء يرفعن الصوت (أحمد غرابلي/ فرانس برس)
بعض النساء يرفعن الصوت (أحمد غرابلي/ فرانس برس)

كما تلفت عنبتاوي إلى تراجع الخطاب الحقوقي والنسوي في المجتمع وعدم تحمّل المسؤوليات في ما يتعلق بقضايا قتل النساء وتعنيفهن، "ولا ننسى التأثير الكبير لتفشي كورونا على المجتمع". في المقابل، تتحدّث عن بعض الإيجابيات من قبيل "زيادة نسبة تبليغ النساء عن تعرضهن للعنف، بالإضافة إلى التواصل مع المؤسسات النسوية. كما لجأت كثيرات إلى كيان للتبليغ عن تعرضهن للعنف والحصول على استشارات قانونية ودعم نفسي".
وتلاحظ زيادة نسبة الوعي في ظل ارتفاع نسبة الراغبات في الحديث عن العنف. وقد أقدمت نساء على تقديم شكاوى للشرطة أو التواصل مع بعض المؤسسات المعنية. تضيف: "نشهد ارتفاعاً في نسبة الوعي لدى النساء لكسر حاجز الخوف والصمت وتقديم المساعدة للنساء المعنفات، الأمر الذي يشير إلى مدى صعوبة الوضع. وهذا يتطلب تكثيف العمل لتوفير بيئات آمنة للنساء حتى لا يسكتن عما يتعرضن له".  

تتابع عنبتاوي أن "النساء عادة ما يكنّ ضحايا العنف كونهن فئات مستضعفة ومهمّشة في المجتمع الذي يتعامل معهن بدونية وتمييز. وعندما يزداد العنف في المجتمع، تتضرر النساء والفئات المهمشة أكثر فأكثر". وتوضح أن "هناك شعورا بانعدام الأمان في المجتمع، الأمر الذي يؤثر على النساء بنسبة أكبر، إذ يعانين من جراء التضييق على حريتهن وحقهن في تقرير مصائرهن". وتقول عنبتاوي: "ركّزنا عملنا على جوانب مغيبة وسلطنا الضوء على ظاهرة العنف والقتل، وعملنا على زيادة نسبة الوعي في محاولة للحدّ من ارتفاع نسبة العنف التي تتحمل مسؤوليته السلطات الإسرائيلية والمجتمع العربي الذكوري". تضيف: "حاولنا الضغط على الشرطة الإسرائيلية والقضاء للكشف عن معلومات تتعلق بالنساء العربيات، وقد قتلت 58 امرأة عربية خلال عام ونصف العام. إلا أنهما رفضا التعاون وتزويدنا بأي معلومات. وقدمنا التماسا للمحكمة ضد الشرطة والقضاء حتى تمكنا مؤخراً من الحصول على معلومات جزئية عن 17 حالة من أصل 58، الأمر الذي يعد إنجازاً على اعتبار أننا وضعنا السلطات الرسمية تحت المساءلة".

المساهمون