يُناقش مهنيو شركات تعليب المياه الطبيعية إمكانية إنشاء وحدات لجمع القوارير المستعملة في مقابل مادي بهدف الحد من مخاطر التلوث البيئي، ودعم أكثر من 17 ألف تونسي يجمعون القوارير لصالح وحدات تدوير النفايات المتخصصة. ويشكّل البلاستيك عبئاً ثقيلاً على البيئة رغم تقدم تونس في مشاريع التدوير التي انطلقت منذ ما يزيد عن العقدين، ما سمح بإحداث أكثر من 350 وحدة صناعية لتدوير القوارير.
وتحتل القوارير المخصصة لتعليب المياه المرتبة الأولى لناحية المواد البلاستيكية المجمعة القابلة لإعادة التدوير. ويومياً، ينتشر آلاف التونسيين داخل الأحياء والتجمعات السكنية لجمع القوارير من سلات القمامة لتوفير قوتهم اليومي.
ويناقش المتخصصون كيفية المساهمة في تطوير خدمة تدوير القوارير لغايات بيئية بحتة، من خلال تركيز وحدات تجميع للقوارير في مقابل مبلغ مالي يحصل عليه المواطنون لتشجيعهم على الانخراط في هذا المشروع.
وتكثر المساعي للاقتداء بتجارب أوروبية نجحت في الحد من تأثير البلاستيك على البيئة عبر هذه الآلية، لا سيما وأن مصنعي المياه المعدنية يواجهون انتقادات بسبب استعمال ما يزيد عن سبعة ملايين قارورة يومياً.
ومنذ تفشّي فيروس كورونا وتصاعد الأزمة الاجتماعية، زاد عدد الذين يجمعون القوارير، مدفوعين بحاجتهم لكسب قوتهم.
وبحسب بيانات رسمية لديوان المياه المعدنية، تستخدم 30 وحدة لتعبئة المياه الطبيعية نحو 1،8 مليار قارورة سنوياً، بمعدل 600 ألف قارورة في الساعة، بينما يصل المعدل اليومي في فترات الذروة الصيفية إلى ما يزيد عن 7 ملايين قارورة.
وتشير البيانات إلى أن نحو 95 في المائة من القوارير المستعملة يجري تدويرها، بينما يذهب 5 في المائة الباقية في الطبيعة، ما يشكل مصدر قلق بيئي للجمعيات المدافعة عن البيئة.
ويؤكد مدير الاستغلال بالوكالة التونسية للتصرف في النفايات فيصل بالضيافي، أن عدد ما يطلق عليهم محلياً بـ "البرباشة"، والذين يجمعون القوارير في سلات القمامة ارتفع من 15 ألفاً إلى 17 ألف خلال السنوات الأخيرة. ويرجح أن يتواصل المنحى التصاعدي لعددهم خلال السنوات المقبلة بسبب الفقر الناجم عن الأزمة الاجتماعية.
ويقول لـ "العربي الجديد" إن هؤلاء "البرباشة يسلمون الكميات التي يرفعونها من النفايات إلى 360 شركة متخصصة في التدوير، ما يساعد بشكل كبير على حماية البيئة من خطر التلوث البلاستيكي". ويشير إلى أن "شركات أخرى تعمل خارج الإطار التعاقدي مع الوكالة وتتولى تجميع كميات من القوارير من البرباشة".
ويقدّر بالضيافي معدل الدخل اليومي لجامعي البلاستيك من سلات القمامة ما بين 20 و25 ديناراً (7 إلى 8 دولارات). وتشجع الحكومة الأهالي على جمع البلاستيك القابل للتدوير من أجل توزيعه على مصانع متخصصة.
ويرتفع حجم الكميات المجمعة سنوياً إلى حوالي 9.5 آلاف طن. وتشدد الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات على المتعاملين معها على عدم قبول القوارير الملوثة حتى لا يتعرض من يجمعها لمخاطر التلوث.
وظهرت الحاجة إلى تدوير البلاستيك في تونس والمهن المرتبطة بها مع الانتشار الكبير للّف والتغليف وارتفاع عدد مصانع المياه المعنية التي تسوق منتوجاتها في قوارير بلاستيكية، وزيادة استعمال الأكياس البلاستيكية ذات الاستعمال الوحيد في الفضاءات التجارية الكبرى ومن قبل التجار وأصحاب المحلات التجارية المختلفة وبائعي الخضر والغلال.