أكّد طلبة أردنيون تعرّضهم للفصل أو توجيه إنذارات من قبل جامعات أردنية، على خلفية نشاطات داعمة للمقاومة الفلسطينية ومنددة بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فيما نفت إدارة إحدى الجامعات أن يكون الفصل على خلفية التضامن.
وأصدرت جامعة العلوم التطبيقية الخاصة الأردنية قراراً بفصل طالبين، إثر نشاطات تتعلق بالتضامن مع المقاومة الفلسطينية في غزة، ويأتي ذلك بعد أيام من توجيه جامعة آل البيت إنذارات لطلبة شاركوا في فعاليات مناهضة للعدوان الإسرائيلي على غزة ومؤيدة للمقاومة.
وطالب الفريق الطلابي "أي إس بلس"، عمادة شؤون الطلبة في جامعة العلوم، بالتراجع عن هذه العقوبات التي وصفها بالقاسية وغير المنطقية فوراً بحق طالبين من الجامعة، شاركا بحملات التوعية التي تخص القضية الفلسطينية.
وقال الفريق إنّ تطبيق المواد الذي استندت إليه لجنة التحقيق بإصدار العقوبات غير صحيح مطلقاً، ولا يتوافق مع التهم المنسوبة إلى الطلبة، مؤكداً التمسك باتخاذ كل الإجراءات القانونية والسلمية لوقف هذه العقوبات.
وأوضح الفريق على صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي، أنه جرى فصل الطالب أحمد حيدر (فُصل نهائياً من الجامعة) والطالب عز الدين عرفه (لمدة فصلين متتاليين).
جامعة العلوم التطبيقية فصلت طالبين بسبب منشورات عن غزة، واحد منهم خريج فصلته فصل نهائي، يعني دمرت حياته، بس لأنه عمل مسابقة على مجموعة طلابية، وسمى كل كلية في الجامعة باسم مقاوم، حسب تخصصه المعروف، الهندسة للعياش مثلا، والحقوق للياسين، وطب الأسنان للمقادمة.
— أبو مَلَك (@Abuhawash10) December 14, 2023
هذا التشدد في العقوبة… pic.twitter.com/ZbJuajUCCW
الجامعة توضح: الطالبان خالفا التعليمات والأعراف
وبعد تواصل "العربي الجديد" مع دائرة العلاقات العامة في الجامعة، وصل بيان منها حول قرار الفصل قالت فيه: "اتخذت الجهات المعنية في الجامعة إجراءاتها المعتادة بالتعامل مع أي خروج عن القانون والآداب والأعراف في مؤسسات التعليم الجامعي، فتمت إحالة طالبين اثنين من طلابنا إلى لجنة التحقيق في الجامعة، بسبب استخدام اسم الجامعة في نشاطات لا تخصها، على الرغم من التنبيه المستمر على ذلك منذ أكثر من عام، وعلى الرغم من توجيه الإنذار لأحد الطالبين قبل الأحداث الأخيرة للسبب ذاته، ليتفاجأ أعضاء لجنة التحقيق من أساتذة الجامعة بتجاوز أحد الطالبين المذكورين لآداب التعامل مع أعضاء اللجنة، مع ثبوت المخالفة موضوع التحقيق، فاستحقا ما عوقبا به".
وأضاف أنه "لا يخفى علينا أنه ليس أقبح من إساءة الأدب مع المعلم إلا فعل ذلك باسم قيم الوطنية والدين، ولقد كان الأجدر بالطالبين المذكورين التعلم من شباب في سنّهم يقاومون من أجل كرامة الأمة وشرفها، لا يبغون مجداً شخصياً ولا يلوون الحقائق، ولا يتعالون على القانون ويحترمون مرجعيتهم".
ووفقاً للمصدر نفسه، فإن "مواقف جامعة العلوم التطبيقية الخاصة واضحة وثابتة ولا مجال للمزايدة عليها، وهي منبثقة من رؤى الملك عبد الله الثاني، في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية عموماً وما يتعلق بالأحداث الأخيرة في غزة خصوصاً، فهي تؤيد الحق وتدعمه، بمواقف يعرفها القاصي والداني دون الحاجة لذكرها تفصيلاً، وهو جهاد قليل وواجب".
بدوره قال مدير العلاقات العامة والإعلام في الجامعة يزيد الحديد لـ"العربي الجديد"، إن الجامعة نفذت منذ بداية العدوان على غزة العديد من النشاطات الداعمة للأهالي في غزة كحملات التبرع، وأقامت المعارض المساندة، لكن هذين الطالبين خالفا التعليمات والأعراف المتعلقة باحترام الهيئة التدريسية.
طلاب يقودون "طوفان الكليات" لدعم المقاومة
الطالب أحمد حيدر الذي تبلغ بقرار فصله النهائي، قال لـ"العربي الجديد"، إنّ القرار كان مفاجئاً بالنسبة إليه، خصوصاً أن موقف الأردن الرسمي والشعبي معلن بالوقوف مع أهالي غزة في ظل العدوان الإسرائيلي الهمجي على القطاع.
وأضاف الطالب أنّ الفصل جاء بعد حملة إعلامية توعوية بعنوان: "طوفان الكليات" عبر منصات الفريق الطلابي "أي إس بلس" على مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف التوعية بأعمدة المقاومة الفلسطينية الذين كان لهم الفضل في ما نراه اليوم من فخر وإنجازات في قطاع غـزة، في ظل العدوان الهمجي الذي يمارسه العدو الصهيوني وحرب الإبادة الجماعية.
وأوضح قائلاً: "طلبت مني الجامعة الحضور يوم أمس الأربعاء لاستلام كتاب يتعلق بي بعد تحقيقات أجرتها لجنة الاثنين الماضي، وعندما استلمته اتضح أنه يتعلق بفصلي كلياً من الجامعة، بتهم فضفاضة وغير واضحة، ولا علاقة لها بالنشاط الذي قمنا به".
وبيّن أن "الفريق في العادة يقدم على نشاطات، لكنها ترفض من قبل الجامعة، لكن منذ الحرب على غزة قمنا ببعض النشاطات الصغيرة، ولم يتم اتخاذ إجراءات ضدنا كما حصل بقرار الفصل".
وأضاف: "قمنا بالتواصل مع محامٍ للاعتراض على القرار من الناحية القانونية، خاصة أننا لم نرتكب أي جريمة، وتحركنا يدخل في إطار دعم القضية الفلسطينية وصمود أهلنا في غزة".
المرصد الطلابي يستنكر العقوبات ويصفها بالصادمة
من جهته، قال المرصد الطلابي إنه يتابع ما جرى من انتهاكات حقوقية في عدد من الجامعات الأردنية بإصدار عقوبات بحق مجموعة من الطلبة بسبب تفاعلهم مع قضية غزة العادلة ولتضامنهم مع أهلها وحقها في المقاومة، وكان آخرها إصدار جامعة العلوم التطبيقية الخاصة قرار الفصل بحق طالبين على خلفية التفاعل مع غزة على منصات التواصل الاجتماعي.
(5/1) بيان صادر عن المرصد الطلابي حول العقوبات في جامعة العلوم التطبيقية الخاصة
— المرصد الطلابي الأردني (@MarsadJor) December 14, 2023
يتابع المرصد الطلابي الأردني ما جرى من انتهاكات حقوقية في عدد من الجامعات الأردنية بإصدار عقوبات بحق مجموعة من الطلبة في عدة جامعات بسبب تفاعلهم مع قضية غزة العادلة++ pic.twitter.com/c6o20a1o0o
وأضاف المرصد في بيان اليوم: "إننا نستنكر ونستهجن هذه العقوبات الصادمة بحق الطلبة الأردنيين والتي تتنافى مع الموقف الرسمي للدولة الأردنية تجاه حرب الإبادة الجماعية في غزة، ونعدها تعدياً صارخاً على منظومة الحقوق والحريات العامة وتشويهاً للصورة العامة لموقف مؤسسات الدولة الأردنية تجاه قضية فلسطين والذي لا يمكن قبوله".
وتابع: "وإننا في الوقت الذي نستهجن اتخاذ عقوبات باستخدام مواد لا تتوافق مع التهم التي أسندتها لجنة التحقيق للطلبة؛ فإننا نطالب بالتراجع الفوري عن هذه العقوبات في الجامعات الأردنية كافة والعدول عن قرارات الفصل في جامعة العلوم التطبيقية الخاصة، كذلك نطالب بفتح المساحات للطلبة للتعبير عن المشاعر الوطنية تجاه القضية الفلسطينية دون أي تضييق أمام حرب الإبادة الإجرامية التي نشاهدها".
وتطرق المرصد، في بيان منفصل، إلى استدعاء جامعة آل البيت عدداً من الطلاب من قِبل عمادة شؤون الطلبة وتوجيه عقوبات الإنذار لـ 3 طلبة بتهمة المُشاركة بالوقفات المتضامنة مع غزة وأهلها الذين يتعرضون لحرب إبادة جماعية.
وأكد المرصد رفضه القاطع لمثل هذه الأفعال غير المسؤولة واللاقانونية الصادرة عن إدارة الجامعة والتي تتناقض مع توجهات الدولة الأردنية بدعم صمود غزة، رافضاً التضييق على الحراك الطلابيّ وطلبة الجامعات والتعدي على الحريات العامة، خصوصاً في ظل هذه الأحداث الاستثنائية.
حملة "ذبحتونا": تشدد الجامعات الأردنية في السماح بالأنشطة
وقال منسق الحملة الوطنية للدفاع عن حقوق الطلبة "ذبحتونا"، الدكتور فاخر دعاس، لـ"العربي الجديد" إنه على الرغم مما تسجله من السماح بالأنشطة والفعاليات في الجامعات ومنح الضوء الأخضر من قبل الجامعات للطلبة بالقيام بالنشاطات الداعمة لغزة وهامش من حرية للعمل الطلابي داخل الحرم الجامعي، لكن في الآونة الأخيرة أصبحنا نرصد تشدداً من قبل الجامعات وعدم السماح للأنشطة إلا بترخيص مسبق من قبل الإدارة.
وأضاف المتحدث: "جرى في الآونة الأخيرة استدعاء طلبة بسبب نشاطات طلابية في الجامعات أو منشورات على مواقع التواصل، في محاولة للحد من الأنشطة، نظراً لقوتها وتأثيرها، خاصة أنها قد تشكل مستقبلاً قوة لرفع مطالب تتعلق بالرسوم المالية، فالحركة الطلابية القوية ستؤثر على الجامعات بقراراتها، والهدف في تقديري ليس فعاليات غزة تحديداً، بل منع إعادة تنظيم القوى الطلابية لنفسها من جديد".
وكان رئيس الوزراء الأردني، بشر الخصاونة، قد قال في تصريحات بداية الشهر الحالي أمام مجلس النواب، إنَّ حريَّة التَّعبير والتَّضامن المطلق والكامل وبأعلى درجاته مع أهلنا في غزَّة والضّفة الغربيَّة، سقفها السماء.