غزّيّات يتّجهن إلى العمل الحرفي في رمضان
وجدت نساءٌ عديدات من قطاع غزة في العمل الحرفي فرصةً لهن للعمل في ظل ارتفاع نسبة البطالة في القطاع. وبأدوات بسيطة من القماش والخشب والزجاج وبعض المواد الخام المختلفة، صنعت تلك النساء الأطباق والفوانيس والزينة المتعلقة بشهر رمضان، لنقل أجواء شهر الصوم إلى العائلات، وبهدف إحياء المهن الحرفية بدلاً من استيراد المواد الجاهزة مرتفعة السعر والأقل جودة مقارنةً بما يصنعنه.
نساء كثيرات عاطلات من العمل، انطلقن لعمل مشاريع منزلية صغيرة لإنتاج لوازم شهر رمضان، واستغللن مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لبضاعتهن، خصوصاً "إنستغرام" الأكثر استخداماً بالنسبة إلى النساء في قطاع غزة، إضافةً إلى "فيسبوك".
وجدت حنان المدهون (36 عاماً) شهر رمضان فرصةً للترويج لابتكاراتها الفنية، خصوصاً بعدما لم تجد فرصة عمل في اختصاصها في العلاقات العامة، وإن بعقد مؤقت، فلجأت إلى العمل المنزلي لكونها تمتلك موهبة الحرف اليدوية. إذ قررت منذ سنوات العمل على مشروعها الخاص، لتأمين الدخل لها ولأسرتها، فانطلقت لتسويق أعمالها عبر حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال تجهيز أدوات الزينة والمجسمات للمناسبات المختلفة. وخلال شهر رمضان الحالي، عملت على تحضير الزينة المصرية الخاصة بشهر رمضان، من خلال صنع الدمى الرمضانية، وبائع الفول والمسحراتي، وبائع الكنافة وغيرها من المجسمات.
تتحدث المدهون عبر "العربي الجديد" عن حرفتها، قائلةً: "قررت ابتكار أدوات وزينة رمضان قبل شهرين، وبدأت بالترويج لها على صفحتي عبر إنستغرام، إذ إنّ هناك منتجات كثيرة مستوردة، لكن للزينة المصرية نكهتها الخاصة في شهر رمضان. وجدت بضاعتي ترحيباً من قبل الأهالي، خصوصاً أنّ الناس في غزة يريدون الابتهاج في هذا الشهر الفضيل، بعيداً عن الظروف المعيشية والصحية الصعبة، التي تترافق مع موجة ثانية من الإصابات بفيروس كورونا". مشكلة انقطاع التيار الكهربائي فرضت على المدهون العمل حسب دوام الكهرباء، فهي تجلب أيضاً الأدوات الخام بالدين، لتسدّده بعد بيع منتجاتها. ورغم الإقبال على منتجاتها في قطاع غزة، وتوفيرها لخدمة التوصيل إلى المنازل، فإنّها تشعر بالحزن لعدم تمكنها من توصيل بضاعتها إلى مدن الضفة الغربية، رغم محاولاتها للحصول على آلية توصيل إلى الخارج. تلك العوائق لم تمنع المدهون من التفكير في فتح محل تجاري منفصل عن منزلها، بعد تحويل بيتها إلى مركز للعمل، إذ تشعر بالإرهاق ما بين تربية أطفالها الثلاثة والواجبات المنزلية، والرد على طلبات الزبائن.
بدورها، صنعت مريهان أبو عودة (37 عاماً) من مخيم جباليا، شمالي قطاع غزة، أكثر من 150 فانوساً خشبياً لشهر رمضان، وتمكنت من الترويج لبضاعتها عبر صفحاتها في "فيسبوك" و"إنستغرام"، حتى إنّها صنعت فوانيس لمحال تجارية في شمال قطاع غزة، إذ خططت لعملها بعد ملاحظتها الإقبال على منتجاتها من الدمى الخشبية والأدوات التعليمية التي تنجزها في منزلها.
ورغم تلقيها العديد من العروض للعمل داخل محال للألعاب والمكتبات المدرسية، إلا أنها تفضّل العمل من المنزل، والترويج لبضاعتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وإضافةً إلى ذلك، فهي أمٌّ لخمسة أبناء، بينما يعمل زوجها في سوق للخُضَر في مخيم جباليا، فتساهم من خلال عملها الحرفي في إعالة عائلتها. وتواجه أبو عودة صعوبات عدة، كإحضار المواد الخام والأخشاب، نظراً لارتفاع أسعارها في الفترة الأخيرة. على الرغم من ذلك، وجدت في شهر رمضان فرصة لبيع منتجاتها، إذ إنّ الناس، في ظلّ الظروف الصعبة، يجدون بالفانوس الخشبي وسيلة لإدخال البهجة والفرح إلى قلوب أطفالهم، واستفادت من قضاء أهالي غزة معظم أوقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لبضاعتها.
من جهتها، لم تجد دينا هاشم (30 عاماً) من حي الدرج، شرقي مدينة غزة، والخريجة الجامعية في اختصاص التعليم، فرصة للعمل، فاتّجهت إلى الصناعات الحرفية قبل ثلاث سنوات، خصوصاً أنّها تهوى الرسم على الزجاج. فقد صنعت العديد من الأطباق المختلفة من مادة البورسلان، مزينةً بعبارات رمضانية، كذلك أدوات للمطبخ تحمل رسومات وعبارات رمضانية، التي بدورها لاقت الإقبال والترحيب لدى سيدات غزة.
وتقول هاشم لـ"العربي الجديد" عن عملها: "استطعت الترويج لعملي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقد أوصلت إلى أكثر من 40 منزلاً، أطباقاً متنوعة وأدوات مختلفة، مثل أوانٍ زجاجية ومزهريات ورد من البورسلان تحمل جميعها شعارات رمضانية". وتضيف: "كنت سأُحبط لو لم أعمل في شهر رمضان، في ظلّ الظروف الحالية الصعبة".