- تكدس 1.5 مليون نازح في رفح ومناطق أخرى يعمق الأزمة، مع تحذيرات من تزايد الأمراض الجلدية والفيروسية بسبب شح المياه، مما يضع النازحين أمام تحديات صحية كبيرة.
- القصف الإسرائيلي يقطع إمدادات الطاقة ويمنع دخول مشتقات البترول، مؤثرًا على تشغيل مرافق المياه والصرف الصحي، مع دعوات لتسهيل إدخال مولدات وقطع غيار لتخفيف الوضع الإنساني القاسي.
يعاني النازحون الفلسطينيون في قطاع غزة من أزمة شديدة في توفير مياه الشرب ومياه الاستخدام اليومي، جراء منع الاحتلال الإسرائيلي دخول المياه منذ بداية عدوانه في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وتدمير 70 في المائة من البنى التحتية وشبكات نقل المياه.
وتدفع الأزمة الخانقة التي تسبب فيها التهجير الإسرائيلي القسري من محافظة غزة والمحافظات الشمالية إلى المناطق الوسطى والجنوبية، الآلاف إلى الاستعانة بمياه البحر كبديل لمياه الاستخدام اليومي غير المتوفرة، في حين يضطرون إلى شراء مياه الشرب بأسعار مرتفعة إذا توفرت.
وتسبب القصف بتكدس نحو مليون ونصف المليون نازح في مدينة رفح التي كانت تعاني من شح في مصادر المياه، ثم خلق النزوح الجديد من رفح إلى منطقة المواصي في خانيونس والمناطق الوسطى أزمة مياه خانقة، في وقت تحذّر مؤسسات دولية من تزايد الأمراض الجلدية والفيروسية نتيجة التأثيرات السلبية لشح المياه.
يقول صبحي أبو الرب لـ"العربي الجديد": "بدأت مشكلة توفير مياه الاستخدام اليومي ومياه الشرب منذ اليوم الأول للنزوح. انتقلنا مرات منذ أن خرجنا من مدينة غزة، وواجهنا في كل مرة تحديات أكثر صعوبة في توفير المياه، ومعرفة أماكن وجودها ونقلها إلى خيمة النزوح".
يتابع: "نزحنا أولاً إلى مخيم وسط مدينة غزة، حيث كان وصول الماء إلى منزل أقاربنا الذي لجأنا إليه نادراً، وتشاركنا في حمل المياه إلى الخزانات على سطح البيت. وفي مخيم الزوايدة، حيث نزحنا للمرة الثانية، نقلنا المياه يدوياً من بئر قريب إلى الخيمة. وبعدها تفاقمت المعاناة بعدما نزحنا مجدداً إلى مدرسة إيواء في رفح إثر اشتداد القصف الإسرائيلي على المناطق الوسطى، لأن المياه نادرة جداً. والآن نعيش في كارثة حقيقية بعدما تركنا المدرسة وتوجهنا للإقامة في خيمة على بحر مواصي خانيونس، حيث لم نجد أي مصدر للمياه، ونرصد مرور أي كارة تحمل المياه لشراء كمية لا تتجاوز 40 لتراً يومياً لتوفير متطلبات ستة أفراد".
وتقول سعاد مرزوق لـ"العربي الجديد" إنها تنتظر توفير أبنائها المياه من مصادر بعيدة تشهد زحاماً شديداً، ما يضطرهم إلى حجز دور في طابور طويل في انتظار وصول الماء. وتضيف: "تبذل أسرتي جهوداً يومية كبيرة لتوفير المياه، علماً أن الكميات المتوفرة لا تتناسب مع المتطلبات اليومية التي تزداد يوماً بعد يوم بسبب طول أمد الحرب. وعموماً تتسبب المعيشة داخل خيام اللجوء في اتساخ الملابس وأواني الطبخ بسرعة بسبب الرمل والأتربة، ما يستدعي غسلها بشكل دوري باستخدام كميات أكبر من المياه التي لا تتوفر أساساً".
وتلفت مرزوق إلى أن "أزمة المياه تترافق مع مجموعة أزمات وتحديات تواجهها أسرتها، سواء على صعيد الأزمة المالية، أو غلاء الأسعار، أو عدم توفر المواد الغذائية، وقلة المساعدات الإنسانية، لكنها هذه الأزمة تعتبر الأكثر قساوة بسبب الحاجة الماسة والمتواصلة للمياه، خاصة في ظل حياة النزوح المرهقة".
ويقول المدير العام لمصلحة مياه بلديات الساحل منذر شبلاق لـ"العربي الجديد": "تسبب العدوان الإسرائيلي في آثار كارثية على مختلف نواحي الحياة، خاصة في ظل قطع جميع خطوط إمدادات الطاقة الكهربائية من إسرائيل، بقدرة 120 ميغاوات، إلى جانب 80 ميغاوات كانت توفرها محطة توليد الطاقة الوحيدة في القطاع، والتي توقفت عن العمل بسبب منع دخول مشتقات البترول".
ويشير إلى أن "أزمة الكهرباء حتّمت الاعتماد بشكل رئيسي على مولدات الطاقة لتشغيل جميع مرافق المياه والصرف الصحي، بهدف توفير المياه الصالحة للاستخدام الآدمي، وتجميع المياه العادمة والتخلّص منها لمنع تجمّعها. نحو 190 من أصل 540 منشأة للمياه والصرف الصحي تعمل جزئياً في غزة بوقت لا يزيد عن 10 ساعات يومياً، وتنتج ما بين 15 إلى 20 في المائة من الطلب اليومي على المياه".
ويوضح شبلاق أن مولدات الكهرباء التي تعمل بالديزل باتت خارج الظروف التشغيلية بسبب استخدامها بشكل مفرط منذ أشهر في ظل عدم وجود بدائل، خاصة بعد تدمير وقصف المخزن المركزي لمصلحة مياه بلديات الساحل الذي يتولى أعمال الصيانة.
ويحذّر من استمرار عمل المولدات في ظل ظروف التشغيل الضاغطة مع ارتفاع درجة الحرارة، ويدعو وكالات الأمم المتحدة والجهات المانحة الدولية والشركاء الدوليين إلى تسهيل إدخال مولدات جديدة تعمل بالديزل من أجل تخفيف الوضع الإنساني القاسي، وإدخال قطع الغيار للسماح بتشغيل العدد المحدود الحالي من مرافق المياه والصرف الصحي، وبينها مرافق تحلية مياه البحر.