يعوّل البعض على أن يساهم مشروع "رخصة الزواج الآمن" في قطاع غزة في تأهيل الشبان قبل الزواج وتعزيز مفهوم الشراكة لديهم تمهيداً لحماية النساء من العنف.
أعلنت المحاكم الشرعية في قطاع غزة موافقتها على مشروع "رخصة الزواج الآمن"، من جراء ارتفاع نسب الطلاق وسط ظروف إنسانية واقتصادية صعبة. يتألف المشروع من عدة دورات اقتصادية واجتماعية وصحية وشرعية ونفسية، لإعداد أشخاص قادرين على تكوين أسر سليمة وتجنب حالات العنف والقتل التي يذهب ضحيتها الأم والأطفال. وقالت مؤسسات اجتماعية محلية إن الخطوة جاءت متأخرة بعد سنوات من الضغط على المسؤولين في ظل تكرر حالات العنف والقتل داخل الأسرة وارتفاع معدلات الطلاق.
قبل عامين، تطلّقت نداء (29 عاماً)، بسبب تعرضها لسوء معاملة من قبل زوجها الذي حرمها من التعليم واعتاد ضربها اقتناعاً منه بحقه في تأديب زوجته وضربها في حال ارتكبت خطأً ما، كما يعتبر أنه سيد القرار في المنزل. وتعرب نداء عن حزنها لأن المشروع جاء متأخراً بالنسبة لها ولأخريات، وتقول لـ"العربي الجديد": "يجب أن يخضع الشبان لدورات حول كيفية التعامل كشريكين، بالإضافة إلى عدم حرمان النساء من الحقوق الأساسية والتعليمية كما حصل معي، إذ إن الحياة الزوجية لا يجب أن تكون ذكورية أو تفرض الطاعة العمياء. نحتاج جميعاً إلى تأهيل نفسي، فالزواج مشروع فاشل في حال لم يكن مبنياً على أساس شراكة".
من جهته، يتوقع زيد (32 عاماً)، فشل المشروع، لافتاً إلى أنه "سيُواجه عقبات، إذ يرفضه كثيرون على اعتبار أن العادات والتقاليد والالتزام بآراء الأهل تعلو فوق آراء الغرباء أو كلام المؤسسات والإعلانات"، مشيراً إلى أنه انفصل عن زوجته قبل ثلاثة أعوام نتيجة ضغوط حياتية، ويقول في حديثه لـ"العربي الجديد"، إن "الكثير من الأزواج ليسوا في حالة نفسية جيدة نتيجة عوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية، ولا تدرك زوجات كثيرات مفهوم الشراكة، إذ إن الرجل يبحث عن عمل وأمان لأسرته ولقمة العيش، ويمكن أن تلاحقه هموم المنزل ما يدفعه إلى الابتعاد عن البيت، الأمر الذي يؤدي إلى طلاق كثيرين".
وسيكون المشروع بإشراف لجنة تضم 6 وزارات: القضاء الشرعي والصحة والعدل والأوقاف وهيئة الشباب والرياضة، إضافة إلى التنمية الاجتماعية. وتقول منسقة مشروع "رخصة الزواج الآمن" في وزارة التنمية اعتدال قنيطة إنه "سيبدأ تطبيق المشروع بعد انتهاء شهر رمضان مباشرة، وهناك تطلع لتعزيز الجوانب المعرفية لدى الشبان المقبلين على الزواج من أجل تفادي المشاكل المستقبلية التي تواجه الغزيين بناءً على دراسات"، وتوضح قنيطة أن المشروع يتضمن إعداد منهاج تحت إشراف متخصصين لتنفيذ دورات من خمسة محاور نفسية واجتماعية وصحية واقتصادية وشرعية، بالإضافة إلى إعداد مدربين لتقديم المحاضرات على مرحلتين، كل واحدة على مدار 30 ساعة تدريبية.
وتقول قنيطة لـ"العربي الجديد": "نسعى لإبرام اتفاق مع مؤسسات محلية لتنفيذ 240 دورة تدريبية على مدار ستة أشهر، وفي المخيمات ومختلف المحافظات والمدن وحتى في المناطق النائية، وتشير إلى أن المواد التدريبية للدورة ستركز على فترة الزواج الآمن من بداية الزواج إلى أول سنتي زواج، وبعد ذلك سيتم التوسّع في تقديم دورات حول كيفية استقبال أول مولود وإنشاء علاقات مع الأطفال وغيرها من الدورات التي تعنى بالجانب الأسري، تضيف أن البرنامج سيتم تطبيقه لفترة تجريبية مدتها ستة أشهر خلال عام 2022، لافتة إلى أن الدورة الواحدة عبارة عن 20 ساعة تدريبية، لمدة خمسة أيام، بواقع 4 ساعات في اليوم لكل محور من محاور البرنامج الخمسة.
إلى ذلك، تؤيد المحامية سهام الأعرج المشروع انطلاقاً من تجربتها في العمل مع مؤسسات تعنى بحقوق المرأة، وقد حاولت في قضايا عدة حماية النساء المعنفات، وخصوصاً اللواتي يبقين مع أزواجهن على الرغم من تعرضهن للعنف، وتقول لـ"العربي الجديد": "تسود في المجتمع ثقافة تزويج بعض الشبان على أمل تحسن سلوكهم بعد الزواج والسترة"، لافتة إلى أنها عادات رجعية أدت إلى طلاق كثيرات، تضيف: "من خلال المرافعات في الكثير من القضايا والعمل على استرداد الحقوق القانونية والشرعية للنساء، وجدت أن أسباب العنف ربما تكون عدم تهيئة الزوجين لمؤسسة الزواج في مجتمع لا يعرف الاستقرار في نواح عدة".
وأعلن رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي في قطاع غزة حسن الجوجو، استناداً إلى إحصائية صدرت في العام الماضي، أن معدل الزواج ارتفع بشكل ملحوظ عام 2020، وسجل 20.919 عقد زواج بالمقارنة مع 17.270 عام 2019، وفي المقابل، أشار إلى تسجيل 3493 حالة طلاق، ما نسبته 15.6 في المائة من حالات الزواج في العام الماضي.