عيادات ومقابر تكتظ بضحايا حمّى الضنك الآخذة بالتفشي في البيرو

17 يونيو 2023
يموت عشرات السكان بسبب إصابتهم بحمّى الضنك (إرنيستو بينافيدس/فرانس برس)
+ الخط -

بعد شهرين من أمطار غزيرة إعصارية غمرت بلدة كاتاكاوس في شمال البيرو، يموت عشرات السكان بسبب إصابتهم بحمّى الضنك، وهي مرض فيروسي ينتقل من طريق البعوض الذي يجذبه ركود المياه.

تعاني منطقة بيورا البيروفية القريبة من الحدود مع الإكوادور، أزمة صحية جديدة، رغم أن البيرو الواقعة في أميركا اللاتينية لم تتعافَ بعد بشكل كامل من أعلى معدل وفيات بكوفيد-19 مسجّل في العالم.

وتتمثل أعراض الإصابة بحمّى الضنك الفيروسية، بحمّى شديدة وصداع وآلام جسم ونزف وفشل الأعضاء، وأحياناً الموت.

وتحمل بعوضة الزاعجة المصرية عدوى الفيروس إلى الإنسان، وتضع بيضها في المياه الراكدة المنتشرة كثيراً في بيورا منذ ضرب الإعصار ياكو شماليّ البيرو في مارس/ آذار.

قُتل عشرات الأشخاص وتضرر الآلاف عندما فاضت الأنهار على ضفافها ودمرت منازل وبنى تحتية.

وتضررت نحو 50% من العيادات الطبية البالغ عددها 416 في بيورا جرّاء الإعصار الذي شلّ الاقتصاد المحلي، إذ خسر آلاف الأشخاص وظائفهم غير الرسمية.

ماريا فرانسيسكا سوسا (45 عاماً) واحدة من كثيرين يعتنون بأقاربهم المرضى في المنزل وسط تفشي الإصابات واكتظاظ المستشفيات، في مشاهد تذكر بجائحة كوفيد-19.

ويعاني والدها خوسيه لوسيانو (93 عاماً) حمّى الضنك.

وقالت سوسا لوكالة "فرانس برس" وهي تمسح جبين والدها المتعرق في الخيمة الحديد التي يتقاسمانها مع خمسة أشخاص آخرين: "ضربته (الحمّى) بشدة، لدرجة أنه لم يعد قادراً على الوقوف. في إحدى المرات، كان مريضاً لدرجة أننا اعتقدنا أنه سيموت".

مع اكتظاظ المرافق الصحية العامة، أُجبرت العائلة على الاقتراض لدفع تكاليف طبيب خاص وأدوية لعلاج أعراض الرجل، إذ لا علاج لحمّى الضنك.

"فقدنا السيطرة" 

بحلول 13 يونيو/ حزيران، سجّلت بيورا 82 حالة وفاة بحمّى الضنك، بينها 11 طفلاً وأكثر من 44 ألف إصابة منذ بداية عام 2023، وفق أمين المظالم المعني بحقوق الإنسان في المنطقة سيسار أوريغو.

وقالت الخبيرة في الأمراض المنقولة فاليري باث-سولدان في جامعة كايتانو هيريديا في ليما لوكالة "فرانس برس": "فقدنا السيطرة" على الوباء.

الخميس، استقالت وزيرة الصحة في البيرو على خلفية تعاملها مع هذه الأزمة الصحية.

يخشى الأطباء من أن عدد الإصابات والوفيات قد يكون أعلى بكثير مما تم الإبلاغ عنه لأن العديد من المرضى لا يتم تشخيصهم على الإطلاق

ويعيش معظم سكان بيورا البالغ عددهم 1,8 مليون شخص على طول الساحل.

في منطقة كاتاكاوس الزراعية، حوّل الإعصار ياكو الطرق إلى أنهار، ودمّر أنظمة مياه الشرب والصرف الصحي، وأتى على محاصيل المانغا والعنب والأرزّ.

تراكمت المياه في الخزانات والحاويات المكشوفة، ما أدّى إلى ازدياد مناطق تكاثر البعوض. وفي قلب كاتاكاوس لا يزال ملعب كرة القدم مغموراً بالمياه.

فشلت جهود التبخير المتعددة في وقف انتشار الوباء في المنازل المتهالكة في البلدة.

تعتني تيوليندا سيلفا (45 عاماً) بابنها المصاب غابرييل (27 عاماً).

وقالت سيلفا التي تعمل في صيد السمك لوكالة "فرانس برس": "ليس لدي المال لأخذه إلى عيادة لفحصه. حالياً، أمرّ بأوقات صعبة، لا عمل، لا شيء".

وصرّح لويس ألفريدو إسبينوسا بينيغاس (44 عاماً) الذي ينسّق مراقبة مرضى حمّى الضنك في مستشفى سويانا، بأن المنطقة تتعامل مع أسوأ تفشٍّ فيروسي في التاريخ الحديث.

وأضاف: "لدينا فجوة هائلة في الموارد البشرية، انهار مستوى الرعاية الصحية الأول لدينا، ونفتقر إلى الإمدادات والأدوية".

يخشى الأطباء من أن عدد الإصابات والوفيات قد يكون أعلى بكثير مما أُبلِغ عنه، لأن العديد من المرضى لا يجري تشخيصهم على الإطلاق.

"فعلنا كل ما بوسعنا"

الأسبوع الماضي، نُقلت فيرماريا أنثاخيما إلى مقبرة في كاتاكاوس بعدما أردتها حمّى الضنك التي أُصيبت بها عندما كانت في العاشرة.

اضطرت عائلتها إلى اقتراض المال لإعادة جثتها من ليما حيث نقلتها لطلب الرعاية الطبية.

وقال عمها خوليو موراليس (52 عاماً) لوكالة "فرانس برس": "فعلنا كل ما بوسعنا".

تقول منظمة الصحة العالمية، إن حمّى الضنك وأمراضاً أخرى، مثل الشيكونغونيا التي تنقلها بعوضة الزاعجة المصرية آخذة بالانتشار أكثر فأكثر في ظلّ التغير المناخي.

وتتأثر دول أخرى في أميركا اللاتينية بانتشار حمّى الضنك، لكن البيرو سجّلت ثاني أكبر نسبة وفيات هذا العام بعد البرازيل.

في فبراير/ شباط، أعلنت البيرو حالة طوارئ صحية في عدة مناطق بعد تسجيل زيادة نسبتها 72% في حالات حمّى الضنك، مقارنة بالفترة نفسها في عام 2022.

(فرانس برس)

المساهمون