عادت إلى تونس، مساء أمس الخميس، دفعة أولى من نساء وأطفال مقاتلي تنظيم "داعش" الإرهابي في ليبيا كانوا عالقين هناك. وتأتي هذه الخطوة بعد تنسيق مع السلطات الليبية. ومن المتوقّع أن تعود إلى تونس دفعات أخرى، علماً أنّ عدد هؤلاء في ليبيا يُقدّر بنحو 20 امرأة إلى جانب 37 طفلاً.
ويوضح رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان مصطفى عبد الكبير، لـ"العربي الجديد"، أنّ العائدين هم ثلاث نساء وخمسة أطفال. وقد تمّ توقيف النساء فور وصولهنّ إلى البلاد لمتابعة الإجراءات الأمنية، فيما تمّ نقل الأطفال إلى مركز خاص بالرعاية النفسية والاجتماعية.
يضيف عبد الكبير أنّ "المرصد التونسي لحقوق الإنسان عمل طيلة عامَين على هذا الملف، بالتنسيق مع وزارات العدل والداخلية والشباب ومنظمات دولية عدّة تابعت بدورها هذا الموضوع"، مشيراً إلى أنّ "هذه الوزارات نسّقت مع نظيراتها الليبية بناءً على القوانين الدولية وحتى الوطنية، التي تنصّ على حقّ كل شخص بالعودة إلى بلده".
ويتابع عبد الكبير أنّ "الأطفال هم ضحايا تطرّف آبائهم، وعلى الرغم من تعطيل القضاء الليبي بسبب الأوضاع هناك، فإنّه تمّ أخيراً التوصّل إلى اتفاق لتسليم العالقين على دفعات". ويلفت إلى أنّه ينتظر "تسليم عدد آخر من زوجات الإرهابيين، من بينهنّ الشقيقتان رحمة وغفران الشيخاوي إلى جانب زوجة أمير خلية الاعتداء على بن قردان، علماً أنّ لديه خمسة أولاد". ويكمل عبد الكبير أنّ "لدى هؤلاء معطيات عن مقاتلي داعش وعن مطلوبين للعدالة قد تساعد السلطات الأمنية التونسية في تحقيقاتها وفي حربها على الإرهاب"، مؤكداً أنّ "ثمّة نساء غُرِّر بهنّ".
من جهته، يرى رئيس جمعية إنقاذ التونسيين العالقين في الخارج محمد إقبال بن رجب أنّ "هذه الخطوة في ملف العالقين في ليبيا إيجابية، على أمل أن يتمّ التحرك في ملف العالقين في سورية". ويشير متحدثاً لـ"العربي الجديد"، إلى أنّه "في انتظار وصول طفل من ذوي الإعاقة اليوم كان قد أصيب بشظية عندما كان في الرابعة عشرة من عمره وفقد ساقه"، مضيفاً أنّ "الأطفال قضوا أربعة أعوام عالقين هناك من دون دراسة. وعلى تونس الاهتمام بهم، لأنّهم غير مذنبين ولا يجب أن يتحمّلوا أخطاء انتماءات آبائهم".
ويتابع بن رجب أنّ "الجمعية في صدد التنسيق مع العائلات، وأنا أتفهم بعض الغموض حول هذا الملف إلى حين استكمال عودة البقية"، مشدداً على أنّ "الأهم هو المزيد من التنسيق مع العائلات التونسية وتأهيل النساء العائدات. والقضاء هو الفيصل في تحديد من تورّط ومن لم يتورّط في عمل إرهابي، فثمّة نساء ضحايا كذلك". ويدعو إلى "تطبيق برنامج تأهيل ودمج لتجنّب تكرار حوادث سابقة، لأنّ ثمّة من تعرّضنَ سابقاً لمضايقات أمنية عدّة".
في سياق متصل، أكّد رئيس قسم التحقيقات في مكتب النائب العام في ليبيا الصديق الصور تسلّم السلطات التونسية المجموعة الأولى من أفراد أسر مقاتلي "داعش"، مضيفاً في تصريحات لوكالة الأنباء الليبية الرسمية، اليوم الجمعة، أنّ المجموعة الثانية تتألّف من سبع نساء وتسعة أطفال وستُرحَّل إلى تونس في الأسبوع المقبل. يُذكر أنّ السلطات التونسية كانت قد تسلّمت في يناير/ كانون الثاني 2020، ستة من أطفال مقاتلي "داعش"، فيما اتّفق الجانبَان التونسي والليبي على تسلّم بقيّة أسر عناصر التنظيم على دفعات في أوقات لاحقة.
وفي منتصف عام 2019، كان وفد تونسي قد زار مدينة مصراته، شمال غرب ليبيا، لأخذ عينات حمض نووي من أطفال مقاتلي "داعش" ونسائهم في مراكز جمعية الهلال الأحمر بالمدينة، بعدما قُتل هؤلاء العناصر في خلال معارك تحرير مدينة سرت من قبضة التنظيم، وذلك بهدف مطابقتها مع عيّنات أقرباء لهم قبل إعادتهم إلى البلاد.