عمال النظافة في الكويت يطالبون برواتبهم

19 يونيو 2021
أزمة رواتب عمال النظافة تتفاقم في الكويت (العربي الجديد)
+ الخط -

لم يتسلم كثير من عمال النظافة في الكويت رواتبهم طوال فترة تجاوزت 6 أشهر، رغم أن شركاتهم المتعاقدة مع الحكومة تتقاضى حقوقها المالية أولاً بأول، ليبدأ العمال في محافظتي الجهراء ومبارك الكبير إضراباً عن العمل، رافضين رفع القمامة من الشوارع منذ مطلع شهر يونيو/ حزيران الجاري، مما يسلط الضوء على الظروف التي يعيشونها، ويفتح المجال مجدداً للنقاش حول الظروف غير الإنسانية المفروضة عليهم. 
ويضطر عمال النظافة الذين لم يحصلوا على رواتبهم إلى التسول في الشوارع، أو محاولة تجميع الأشياء القيّمة أو الثمينة من حاويات القمامة لبيعها في السوق في محاولة يائسة لتدبير أمورهم المعيشية اليومية، فضلاً عن عدم قدرة غالبيتهم على إرسال الأموال إلى عائلاتهم التي تعتمد عليهم في تدبير معيشتها. 
يجمع عامل نظافة من الجنسية البنغلادشية، خير الدين أبو الكلام، الأوراق والكراتين من حاويات الجمعيات التعاونية والأسواق المركزية، ويقوم ببيع الكيلوغرام منها مقابل 600 فلس كويتي (2 دولار أميركي)، وذلك في محاولة لدفع تكاليف إقامته في غرفة صغيرة يشترك فيها مع 7 عمال آخرين يحملون جنسيته، إضافة إلى إرسال مبالغ مالية بسيطة إلى زوجته وأبنائه في بنغلادش. 

يقول أبو الكلام لـ"العربي الجديد": "لم أجمع أية قمامة كلفت بجمعها منذ 3 أسابيع بسبب الإضراب الذي نقوم به في منطقة الجهراء، ولن أجمع أي شيء حتى أحصل على رواتبي المتأخرة منذ 6 شهور، وهناك أكثر من 200 عامل غيري لا يزالون مضربين في المنطقة التي أعمل بها، ولا أعلم عن العمال الآخرين في المناطق الأخرى شيئاً".
واضطر عامل نظافة آخر إلى التسول عند إحدى الشارات المرورية بعد انقطاع راتبه. يقول لـ"العربي الجديد": "لن أعود إلى ممارسة العمل حتى أحصل على حقي. عملت لمدة 6 شهور من دون راتب، ومن دون أن يتم توفير الطعام لنا، وعندما نطلب من مديري الشركة التجاوب معنا يهددوننا بالسجن، أو بالإبعاد بدلاً من منحنا حقوقنا القانونية". 

ويطالب المجلس البلدي الحكومة الكويتية باتخاذ إجراءات حازمة لمواجهة إضرابات عمال النظافة المتكررة في البلاد، وقالت عضو المجلس، مها البغلي، لـ"العربي الجديد": "للأسف الشديد تتكرر إضرابات عمال النظافة خلال السنوات الأخيرة بشكل متواتر بسبب عدم تسليم الشركات هؤلاء العمال رواتبهم، وعدم وجود رقابة حكومية. من غير المعقول أن تتحول هذه القضية إلى أزمة كبيرة، فأموال الرواتب متوفرة لكن الشركات لا تقوم بدفعها".
وقالت بلدية الكويت إنها قامت بالتواصل مع الشركات التي تأخرت في تسليم الرواتب، وطالبتها بسرعة تسليمها إلى عمال النظافة، وتقديم كشوف عن مقدار الرواتب، وتاريخ تحويلها إلى حسابات العمال في البنوك المحلية، ووضعت البلدية بنوداً في عقود النظافة مع الشركات تلزمها فتح حسابات في البنوك للعمال، وذلك لمراقبة عملية تسليم الأموال.
لكن عامل النظافة، أكبر م.، يقول لـ"العربي الجديد"، إن "الشركات تتحايل على القرارات والقوانين حين تدفع الرواتب، فهي تقوم بإيداع الراتب المسجل في العقد كاملاً، ثم تقوم بإجبار العامل على تسليم 40 في المائة من راتبه لها، وهو نوع من الضريبة التي تفرضها الشركات على العمال بلا سبب". 
ويقول الناشط في الشؤون العمالية، سعدون الظفيري، لـ"العربي الجديد"، إن الشركات التي تتعاقد معها الحكومة تقوم باستلام الرواتب مقدماً، وفق مدد تصل إلى 6 شهور، أو سنة كاملة مسبقاً، ثم تقوم بالمضاربة بهذه الأموال في استثمارات مثل الأسهم أو الودائع لتحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح، لكن تأخر استلام الشركات لأرباحها من استثماراتها، أو خسارتها لها، يؤدي في الغالب إلى عدم تسليم الرواتب للعمال، وأحياناً إعلان الشركة إفلاسها، وعندها تتدخل الحكومة لدفع رواتب العمال، ومن ثم إعادة التعاقد مع ذات الشركة بعد تغيير اسمها.
ونظم عمال نظافة انتفاضة في شهر يوليو/ تموز 2008، وصفتها الصحف الكويتية حينها، بأنها "ثورة جياع"، ونتجت عنها أعمال شغب استمرت لمدة ثلاثة أيام في منطقة جليب الشيوخ، وهي أحد أكبر الأحياء العمالية في البلاد، بعد تأخر تسليم رواتبهم نتيجة إفلاس الشركة التي يعملون بها، وسبق الانتفاضة إضرابٌ عن العمل لمدة شهر، لكنه لم يؤد إلى أية نتيجة.

موقف
التحديثات الحية

ولم تنته أعمال الشغب إلا بعد تدخل القوات الخاصة وقوات مكافحة الشغب، وتم اعتقال مئات من عمال النظافة الذين ينتمي أغلبهم إلى الجنسية البنغلادشية، وتقرر إبعادهم من البلاد وفقاً لقانون الإبعاد الإداري الذي يعطي الأجهزة الأمنية صلاحية إبعاد الوافدين من دون عرضهم على القضاء. 

المساهمون