كشفت وزارة التخطيط العراقية أنّ نسبة عمالة الأطفال في البلاد اقتربت من نحو نصف مليون، مؤكّدة أنّ ارتفاع نسبة الفقر أسهمت بزيادة أعداد الأطفال العاملين.
ويعدّ ملف عمالة الأطفال من الملفات التي تسجّل أرقاماً قياسية، وقد عزا مختصّون ذلك إلى ظروف البلد غير المستقرة، وعدم اتخاذ الحكومات أي إجراءات وخطوات علاجية للحدّ من تلك الأعداد.
ووفقاً للمتحدث باسم الوزارة، عبد الزهرة الهنداوي، فإنّ "هناك نحو نصف مليون طفل عامل في العراق". وأضاف في تصريح لقناة العراقية الإخبارية (الرسمية) أنّ "نسبة الفقر بين الأطفال ارتفعت إلى 38 بالمائة، فيما بلغت نسبة الفقر في العراق 25 بالمائة".
ورأى أنّ "عمالة الأطفال تستوجب إيجاد حلّ جذري، إذ إنّ خطتنا الخمسية تهدف إلى تخفيض نسبة الفقر إلى 16 بالمائة، فيما نسعى إلى جعل نسبة الفقر في العراق بحلول عام 2030 تبلغ صفراً بالمائة". ولفت إلى أنّ "عمالة الأطفال ارتفعت في إقليم كردستان أيضاً".
الأرقام التي كشفتها وزارة التخطيط لعمالة الأطفال لم تقنع الناشطة في مجال حقوق المرأة والطفل، سعاد الشيخلي، التي أكدت لـ"العربي الجديد" أنّ "أرقام عمالة الأطفال أكبر من الأرقام التي أعلنتها وزارة التخطيط، وأنّ هناك إحصائيات غير رسمية تؤكد أنّ الأرقام تزيد عن 900 ألف".
وأوضحت أنّه "من مهام وزارة التخطيط والجهات الحكومية معالجة هذا الملف الخطير والذي يتنامى في البلاد بشكل متسارع، لا أن تعلن عن الإحصاءات فقط". وأكّدت أن "الإحصاءات غير دقيقة، وأن الأرقام أكبر بكثير من تلك التي أعلنتها الوزارة".
وشددت على أنه "في حال استمرّ التجاهل الحكومي لهذا الملف، وعدم وضع حلول مناسبة له، فإنّ نسبة العمالة ستتصاعد بشكل أكبر"، محمّلة الحكومة "مسؤولية ذلك".
بدوره، حذّر المختصّ في الشأن المجتمعي مازن العلي من التصاعد بأعداد العمالة في البلاد، وقال لـ"العربي الجديد" إنّ "ارتفاع نسبة عمالة الأطفال في البلاد أمر طبيعي في ظلّ الظروف الحالية، من عدم الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي، وأزمة النزوح، فضلاً عن الإهمال الحكومي لشريحة الأطفال، وعدم توفّر فرص عمل لهم".
وأضاف أنّ "هؤلاء الأطفال أكثر عرضة من غيرهم للانجرار نحو الأعمال الخارجة عن القانون، وأنّ العصابات والفصائل المسلّحة تعمل دائماً على استقطابهم، الأمر الذي يشكل خطراً مجتمعياً، يحتّم على الحكومة وضع حلول له". وشدّد على أنه "يجب وضع حلول حكومية عاجلة، من خلال توفير فرص العمل وتوسيع دائرة منح الضمان الاجتماعي، واستقطاب الأطفال في دورات تأهيلية".
واضطر آلاف الأطفال العراقيين إلى ممارسة الأعمال لإعالة عوائلهم، في ظلّ ظروف معيشية صعبة في البلاد، وانعدام فرص العمل، على الرغم من أن كثيراً من الأعمال التي يقوم بها الأطفال هي أعمال شاقة، ولا تتناسب مع أعمارهم.