في وقت يزداد اقتناع الخبراء النفسيين بضرورة اعتماد نهج "أكثر استباقية" في مجال الصحة العقلية يشبه أسلوب تشخيص العلامات المبكرة للإصابة بأمراض القلب، استندت شركة "كوا" إلى هذه الفكرة في إنشاء مشروع قدمته، باعتباره "أول صالة ألعاب رياضية للصحة العقلية" في الولايات المتحدة. ونجحت الشركة، خلال فترة وجيزة، في جذب انتباه وأموال رجال أعمال وشاغلي وظائف مهمة، بينهم قسم كبير من خبراء وادي "سيليكون" الذي يضم كبار شركات المعلوماتية في العالم، إلى جانب مجموعة من الرياضيين المحترفين.
ينقل تقرير نشره موقع "مينز هيلث" أن "كوا" التي جمعت أرباحاً مقدارها 3 ملايين دولار فور افتتاحها في خريف 2020، تقدم علاجاً عملياً في "اللياقة العاطفية" بسعر يبدأ من 25 دولاراً للحصة الواحدة، وهو مبلغ أكثر كلفة من العلاج الفردي التقليدي. ويشير إلى أن سمات "اللياقة العاطفية" التي طورتها الدكتورة في علم النفس، إيميلي أنهالت، التي تدير قسم عيادات شركة "كوا"، تشمل تعزيز الوعي الذاتي والتعاطف واليقظة والفضول واللعب والمرونة والتواصل. ويوضح التقرير أن فصول اللياقة العاطفية "لا تتعلق بإعادة صياغة صدمة الطفولة، وتركز أكثر على أسئلة تتحدى الأنماط، وتقدم خطوات قابلة للتنفيذ من أجل تحسين الثقة وتقليل التوتر وتقوية العلاقات". وتقول أنهالت: "إذا منحت الصحة العقلية مقدار اهتمام مماثل للصحة الجسدية، يمكن القيام بخطوات كبيرة لتوفير المساعدة المطلوبة. وتطبيقات أكوا تلبي احتياجات حقيقية بعيداً عن توترات الحصول على رعاية خاصة لمعالجة المشاكل المطروحة، وانتظار تبلور نتائجها، فالعالم يريد حلاً سريعاً وسهلاً لمشاكل ليست سريعة وسهلة. والحل الناجح الوحيد هو احترام هذا التعقيد".
والحقيقة أن مشاريع "مساحات العافية" تجتذب مزيداً من أصحاب الإنجازات الكبيرة الذين يرغبون في التواصل مع مشاعرهم. وقد استثمر نجما كرة القدم الأميركية ميغان رابينو وإريك كيندريكس في شركة "ريل" الناشئة التي جمعت 16 مليون دولار، وتبث للمستخدمين دورات على الإنترنت مدتها ثمانية أسابيع، تتناول مواضيع مثل القلق والتواصل بكلفة منخفضة تناهز 28 دولاراً شهرياً. أما السباح الأولمبي مايكل فيلبس الذي امتلك جرأة الاعتراف سابقاً بأنه عانى من الاكتئاب وتعاطي المخدرات، فيتولى مهمة المتحدث باسم شركة "توكسبايس" للعلاج بالكلام.
يقول الطبيب النفسي غريغوري سكوت براون: "قد يكون هذا النوع من التدخل جسراً جيداً لبرنامج العلاج القائم على الأدلة الذي يتولاه الطبيب النفسي، ومكاناً جيداً للحصول على دعم. لكن أمراضاً عقلية شديدة، مثل الاكتئاب الشديد والاضطراب الثنائي القطب والفصام، تحتاج إلى مستوى أعلى من الرعاية مع طبيب".