استمع إلى الملخص
- **تلوث مياه الشرب وانتشار الأمراض**: سجلت مستشفيات درعا حالات التهاب الكبد الوبائي بسبب تلوث مياه الشرب، وحذر مدير البيئة في السويداء من اختلاط المياه الآسنة بمياه الشرب نتيجة تشييد شبكات الصرف الصحي قبل محطات المعالجة.
- **الفساد والإهمال في إصلاح شبكات المياه**: تعاني شبكات المياه في ريف دمشق وأحياء العاصمة من خلل كبير، حيث أشار المهندس عماد الشامي إلى أن الفساد يزيد من مخاطر التلوث، مما أدى إلى انتشار الأمراض الوبائية.
تتحدث وسائل الإعلام السورية يومياً عن عشرات حالات التسمم التي تصل إلى مستشفيات عامة وخاصة في مناطق سيطرة النظام، رغم التكتم حول الأعداد الحقيقية للمصابين، في مقابل تسريب أطباء ومسعفين أخباراً تكشف وصول أعداد كبيرة يومياً من المصابين بالتسمم من مختلف الأعمار وفي معظم المناطق.
وكشف الطبيب عبد الرحمن سامي من مستشفى "المجتهد" بالعاصمة دمشق في تصريحات صحافية، أن "العدد اليومي للمراجعين يبلغ 80، والأسباب الأكثر شيوعاً هي المياه الملوّثة".
وفي 6 آب/ أغسطس الجاري، وثّقت هيئة الصحة في مدينة الرقة وصول عشرات حالات التسمم إلى المستشفيات. وتحدث طبيب عن أن مستشفيات المدينة استقبلت نحو 200 حالة تسمم خلال عشرة أيام نتجت معظمها من تناول أطعمة جاهزة ووجبات سريعة تتضمن مايونيز، إضافة إلى تلوّث مياه الشرب.
وأثار ذلك تساؤلات عن عدد السوريين الذين يتناولون الوجبات الجاهزة يومياً التي تتضمن صلصلة المايونيز التي تسبّب هذا الكم من إصابات التسمم. واتهم كثيرون السلطات بإخفاء الأسباب الحقيقية خلف حالات التسمم، والتقصير في معالجتها، وفي مقدمها تلوّث مياه الشرب في معظم المناطق.
وفي 15 أيلول/ سبتمبر 2023، وصل إلى مستشفيات درعا مصابون بمرض التهاب الكبد الوبائي في منطقة حوض اليرموك. وعزت مديرية الصحة حينها سبب ارتفاع عدد الإصابات إلى تلوّث مياه الشرب، وأكدت أنها تعمل لحل المشكلة عبر تعقيم المياه قبل أن تصل إلى الأهالي، في إطار إجراء احترازي، باعتبار أنها تعجز عن إصلاح السبب الرئيسي للمشكلة والمتمثل في تلوّث مياه الشرب نتيجة تلف شبكات المياه بعدما انتهى عمرها الافتراضي، وأيضاً السبب المرتبط باختلاط مياه الشرب بالمياه الآسنة في الآبار والأودية نتيجة الإهمال الذي رافق الظروف الأمنية وتدني الإمكانيات المادية خلال السنوات الماضية.
وأيد هذه الأسباب مدير البيئة في السويداء، رفعت خضر، والذي حذر في نهاية يونيو/ حزيران الماضي من خطر التلوّث، وطالب بضرورة العمل للحدّ من الخطر الذي يطاول المياه السطحية في السدود والأودية والمياه الجوفية للآبار والينابيع في إطار معالجة الأسباب الرئيسية للتلوّث، وأهمها لمياه الصرف الصحي.
واعتبر خضر أن "المشكلة الرئيسية تكمن في الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكب خلال تشييد شبكات الصرف الصحي في أحياء المدينة والبلدات والقرى والتجمعات السكانية قبل تنفيذ محطات المعالجة واستثمارها، ما حوّل المواقع النهائية لهذه الخطوط إلى مصبات للمياه الآسنة.
وفي ريف دمشق وعدد من أحياء العاصمة، تعاني شبكات المياه من خلل كبير يؤدي في كثير من الأحيان إلى اختلاط مياه الشرب بالصرف الصحي نتيجة تلف الشبكات. وتنفذ مؤسسة المياه والصرف الصحي إصلاحات آنية من دون حل أساس المشكلة.
يقول المهندس عماد الشامي لـ"العربي الجديد": "أكبر المخاطر التي تهدد المجتمع السوري حالياً هي تلوّث المياه والبيئة عموماً. وأي مراقب للمشاريع الزراعية في ريف دمشق ومعظم أرياف المحافظات السورية سيكتشف بسهولة أن أكثر من 50% من الأراضي الزراعية تروى من مياه آسنة. أما المصدر الآخر للتلوّث فهو اختلاط المياه العذبة بآبار وشبكات ري نتيجة تلف الشبكات بعد انتهاء عمرها الافتراضي في معظم المدن والبلدات القديمة. والشبكات التي لم تَتلف أو تُخرّب بفعل الإنسان تضررت نتيجة قدمها وتأثرها بالبيئة المحيطة".
ويقول أحد العاملين في مؤسسة مياه عين الفيجة بدمشق لـ"العربي الجديد" إن الفساد في مؤسسات الدولة الخدماتية أوجد مخاطر التلوّث، فمعظم مشاريع الإصلاح تمنح لمتعهدين وفق اتفاقيات خاصة وشروط لا تستوفي السلامة العامة للمواطنين ومتطلبات إصلاح شبكات المياه. وإلى جانب الإهمال المتعمد منذ سنوات لشبكات الصرف الصحي، يتعدى المزارعون عليها لري الأراضي، ما يؤدي إلى اختلاط تجمعات المياه الآسنة بتلك العذبة في ظل إهمال شبكات توزيع المياه".
ونقلت مصادر إعلامية موالية للنظام في مايو/ أيار الماضي خبر تسمم أكثر من 60 شخصاً جراء تلوّث مياه الشرب في حي الوادي بمدينة التل في ريف دمشق. وذكرت أن السبب هو تداخل خط للصرف الصحي تعرض لكسر مع مياه الشرب، لكن مسؤولاً صحياً نفى ذلك، وقال إن ما حصل تسمم غذائي.
وأكد الطبيب زيد أبو علي لـ"العربي الجديد" تسجيل إصابات بأمراض وبائية في محافظات عدة من بينها حلب وحمص وطرطوس، وعزا الأسباب إلى تلوّث المياه الناتج عن كون الشبكات قديمة، مضيفاً: "نشهد في سورية أمراضاً مزمنة نتيجة التلوّث تظهر في الدم والتنفس والسكتات القلبية خاصة. برأيي الشخصي أن السبب الأول هو تلوّث مياه الشرب".