عربات الباعة على كورنيش غزة... أغانٍ وزحمة

10 يوليو 2023
ذرة معلقة لجذب الزبائن (محمد الحجار)
+ الخط -

موّلت دولة قطر مشروع إنشاء كورنيش شارع الرشيد على طول ساحل قطاع غزة، بعدما قيّد الحصار الإسرائيلي مشاريع تطوير البنى التحتية في القطاع. وتحوّل الكورنيش بعد سنوات قليلة إلى أهم معلم سياحي وترفيهي للسكان، وأيضاً إلى ملاذ لمشاريع صغيرة، خصوصاً لخريجين وأصحاب حرف وأعمال باتت غير مطلوبة في السوق المحلي، ولا يوجد وظائف فيها. 

تشكل العربات المتنقلة ثلثي المشاريع الصغيرة في كورنيش غزة، ويعتمد أصحابها على قدرتهم على جذب الزبائن من خلال نكهات وسلع يقدمونها. وتمتزج أعمالهم مع أصوات أغانٍ تصدر من مكبرات صوت خارجية أو ضمن ديكور العربات. لكن كثرة هذه العربات، خصوصاً في موسم الصيف، تزعج بعض الناس، بينما يساند آخرون أصحاب هذه المشاريع.

يبيع سليمان حمو (46 سنة) على عربته الصغيرة الليمون والمانغا يومي الخميس والجمعة حين تنشط الحركة على الشاطئ، ويزدحم بالرواد أكثر من باقي أيام الأسبوع. وهو يشغّل أغاني خاصة بالأطفال كي يجذبهم إليه، بينما يخصص أغاني طربية لفترة المساء، وبينها لأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، ويحرص في الوقت ذاته على أن يكون مميزاً بين البائعين، علماً أن مشروع عصائر الفواكه المثلّجة وذات النكهات المتعددة ليس الأول بالنسبة إليه.

الرزق غير سهل في غزة (محمد الحجار)
الرزق غير سهل في غزة (محمد الحجار)

وكان حمو يعمل على آلة "المنوفّ" التي تنقل مواد ومعدات بناء إلى طوابق عالية، لكنه لم يعمل إلا مرات معدودة خلال خمسة أعوام، وأنشأ قبل عامين عربة صغيرة صممها بالكامل وطبع صور مثلجات وأطفال عليها، ووضع مكبر صوت صغيراً، ثم اشترى براداً من مصنع مثلجات قرب مكان سكنه في منطقة الصفطاوي شمالي القطاع. وهو يقطع مسافة كبيرة يومياً للوصول إلى منطقة الشيخ عجلين حيث يبيع المثلجات.

موسم الصيف فرصة للمشاريع الصغيرة في غزة (محمد الحجار)
موسم الصيف فرصة للمشاريع الصغيرة في غزة (محمد الحجار)

يقول لـ"العربي الجديد": "في البداية كان الأمر مخجلاً لأطفالي حين كانوا يخبرون زملاءهم في المدرسة أن والدهم يبيع مثلجات، لكن الواقع تغيّر لدى أبنائي حين شاهدوا عمل أقارب وخريجين من عائلتنا على بسطات، فأصبح الأمر اعتياداً، وهم يعلمون أن جميع العاملين سواسية، علماً أنني التقيت مرة بائع مشروبات حاصلاً على ماجستير، ولا يريد أن يعرف أحد ذلك كي لا يسألوه عن الحال التي وصل إليها".
يعتبر حمو الذي يُرسل أبناءه الأربعة إلى المدرسة أن موسم الصيف يمنحه فرصة لكسب الرزق وشراء الزي المدرسي لأبنائه، وأيضاً ملابس العيد ومستلزمات منزلية، والحال مماثلة بالنسبة إلى أحمد العمري (30 سنة) الذي يبيع الذرة في الصيف، ومشروبات ساخنة وبعض المسليات في الشتاء، علماً أنه مجاز بشهادة من كلية الإدارة المالية والمصرفية في جامعة القدس المفتوحة عام 2015، ويعتبر بين مجموعة خريجين يعملون على عربات على كورنيش البحر.

لا يجد الغزيون أمامهم سوى متنفس الشاطئ (محمد الحجار)
لا يجد الغزيون أمامهم سوى متنفس الشاطئ (محمد الحجار)

ويلاحظ حمو أن التنافس شديد في موسم الصيف الحالي بسبب انتشار بائعين كثيرين على عربات، إذ يوجد مئات من الباعة الذين يتجوّلون بين مواقع الناس في الاستراحات والكورنيش عند دوار الـ17 المعروف في شارع الرشيد. ويقول لـ"العربي الجديد": "البسطات أفضل مشروع بالنسبة إلى كثيرين لأنهم يستطيعون الفرار إذا استهدفتهم حملة لبلدية غزة لمنع وقوفهم في مناطق على الكورنيش. لكن الرزق صعب وسط التنافس الشديد والفقر المنتشر، ويتجوّل بعض الباعة بين الزبائن من أجل عرض سلعهم، ويضع آخرون ديكورات وإضاءات لجذب الزبائن".

الإقبال جيد على المشاريع الصغيرة (محمد الحجار)
الإقبال جيد على المشاريع الصغيرة (محمد الحجار)

ويلاحظ الإقبال الكبير للناس على المشاريع الصغيرة على كورنيش والشاطئ مقاربة بالسنوات السابقة، لكن تزايد الازدحام يضيّق مساحات الجلوس، ويسبب ازعاجاً. ويقول علاء دياب لـ"العربي الجديد" إن "الكورنيش يكون في منتهى الازدحام معظم أيام الصيف، في حين يقيّد تنقل البائعين بين الناس وانتشارهم على الكورنيش مساحات الجلوس".
يضيف: "مساحة قطاع غزة ضيقة جداً، في وقت لا يجد الناس أمامهم سوى شاطئ البحر للتوجه إليه وللهرب من حر الصيف وانقطاع التيار الكهربائي، أما إمكانات البلديات فضعيفة جداً لمحاولة ترتيب حال الكورنيش والشاطئ رغم أنها تتخذ إجراءات متواصلة لمنع الازدحام الذي يحدثه البائعون، وهم كثيرون لأن لا فرص عمل".

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويشير إلى أنه "لولا أنني موظف حكومي لقبلت العمل بائعاً متجولاً، وحرصت على استغلال فرصة موسم الصيف، علماً أنني أرى أن غالبية البائعين لديهم أسر". أما صديق دياب؛ حسن العايدي، فيؤكد تفهمه حال البائعين الذين يعملون بكثرة على الكورنيش والشاطئ، لأنه عاطل عن العمل منذ عامين، ولديه ثلاثة أبناء.

المساهمون
The website encountered an unexpected error. Please try again later.