عامر بن رقية... تونسي يعشق ويجمع الأسطوانات

23 فبراير 2023
هناك العديد من الأشخاص الذين يقاسمونني شغف الموسيقى (العربي الجديد)
+ الخط -

لدى كثيرين حب خاص للأشياء القديمة. هناك من يحبّ الأثاث القديم والتحف الفريدة، أو العمارة والبيوت القديمة، أو العملات النادرة وغير ذلك. فازدهرت تجارة "الأنتيك" (التحف القديمة) في العديد من أسواق تونس، خصوصاً في الأحياء القديمة. ولا يقتني تلك القطع سوى الأثرياء نظراً لارتفاع سعرها. حتى أنّ بعضها يباع في المزادات نظراً لندرتها. عامر بن رقية هو أحد الذين يعشقون كلّ ما هو قديم. لكنّه أحب أكثر كل ما يتعلّق بالموسيقى القديمة. كان يجمع أسطوانات الفونوغراف أو الغراموفون (أقدم آلة تسجيل صوتي) التي كنا نشاهدها في أفلام الأبيض والأسود، بالإضافة إلى الأشرطة الغنائية التي لم تعد تباع اليوم. 
عامر بن رقية في العقد السادس من العمر. أحب كلّ ما هو قديم منذ كان صغيراً، وخصوصاً الأسطوانات القديمة التي يجمعها منذ ثلاثين عاماً. هو ليس تاجراً ولا يملك متجراً، بل يجمع كل الأسطوانات القديمة والأشرطة العربية أو الغربية في منزله. يتنقل بين الأسواق التي تتعدد فيها محلات بيع الأثاث والتحف القديمة. يشتري فقط شرائط الكاسيت والأسطوانات. تلك السنوات أكسبته معرفة كبيرة بأنواع الأسطوانات.  
يقول عامر إنّه لا يتنقل بين القرى والأسواق كثيراً لشراء ما يبحث عنه من أسطوانات نادرة ليكمل بها مجموعاته القيمة. لكنّه يتواصل مع عدّة أشخاص ممن يُكلّفهم بجمع أيّ شيء قديم خاص بالموسيقى والأسطوانات بمختلف أنواعها. يحصل على العديد من الأسطوانات والأشرطة من الأقارب والأصدقاء والأشخاص الذين يعرفون تعلّق عامر بهذه الأمور. وكلّما وصلته دفعة يُبقي لديه كلّ ما لا يملكه، ويبيع البقية التي يملك منها عدّة نسخ إلى عشاق الفنّ القديم. يضيف: "هناك العديد من الأشخاص الذين يقاسمونني شغف الموسيقى والأسطوانات القديمة. ويبحث العديد منهم عن الأسطوانات النادرة في محال بيع الأنتيك". 

ويشير عامر إلى أنّه "ليس من السهل جمع العديد من أنواع الأسطوانات، وخصوصاً أنّها باتت نادرة جداً. وعلى الرغم من أنني جمعت بعضها بعد بحث طويل على مدى سنوات عدة، إلا أنّني أبيعها بأسعار تناسب الجميع، ويتراوح سعر الأسطوانة ما بين 10 و20 دولاراً، فيما يتراوح سعر الشريط ما بين 3 و5 دولارات فقط". 

ليس من السهل جمع العديد من أنواع الأسطوانات (العربي الجديد)
ليس من السهل جمع العديد من أنواع الأسطوانات (العربي الجديد)

يأتي إليه طلاب الموسيقى والباحثون في التراث الموسيقي والتجار جامعو الأسطوانات. ويشارك ما يجمعه في مختلف المعارض الموسيقية أو تلك الخاصة بالآلات الموسيقية. ويوفر مجموعة كبيرة من الأشرطة والأسطوانات في مختلف المناسبات الثقافية. وشارك في معارض موسيقية عدة خلال السنوات الأخيرة، نظمتها وزارة الشؤون الثقافية. ويقدم عدداً كبيراً مما جمعه على مرّ السنوات من تلك الأسطوانات. وغالباً ما يكون زبائنه أساتذة وطلاب موسيقى يبحثون عن أغنيات معيّنة، أو بعض الأشخاص المغرمين بفنانين معينين ويحرصون على جمع كلّ ما يتعلّق بهم، وخصوصاً مطربي الزمن الجميل على غرار أم كلثوم وفريد الأطرش وعبد الحليم حافظ وغيرهم. كما يبحث البعض عن بعض الأغاني الغربية القديمة النادرة جداً. 

قضايا وناس
التحديثات الحية

إلى ذلك، يقول سيف الدين بسباس، وهو أحد طلاب الموسيقى، إنّه يملك غرامافون ويقتني الأسطوانات الغربية والشرقية. ولا يجد عدّة أنواع منها نظراً لندرتها. ولكنه استغل فرصة مشاركة عامر في مهرجان الموسيقى وعرضه لمجموعته التي جمعها، حتى يبحث عن بعض الأسطوانات لشرائها. وجد لديه بعضاً مما ينقصه، علماً أن هناك أنواعاً أخرى نادرة في العالم ويصعب إيجادها". يضيف: "بعض ممن يبيعون آلة الغراموفون في محلات الأنتيك يملكون أيضاً أسطوانات قديمة لكنهم لا يبيعونها بأسعار معقولة، ويتعاملون مع كلّ ما هو قديم كتجارة لتحقيق أرباح مادية. وتباع بعض الأسطوانات بـ 100 دولار، وهو ما يفوق قدرة غالبية الطلاب أو عشاق الفن القديم". ويستغرب "عدم وجود متحف للموسيقى القديمة في تونس على الرغم من وجود فنانين تونسيين اشتهروا في سبعينيات القرن الماضي وكان لهم تاريخ فني كبير والعديد من الأغاني". 
أما عامر، فيشير إلى قلة عدد الأشخاص الذين يجمعون الأسطوانات والأشرطة القديمة، وبالتالي ما من محلات مخصصة لبيعها، لا سيما أنّ تشغيل تلك الأسطوانات يتطلب توفر غرامافون وهو ما لا يملكه العديد نظراً لندرته اليوم وبيعه فقط في محلات الأنتيك، وارتفاع سعره. لذلك، فإنّ شرائط الكاسيت والأسطوانات تباع مع بقية السلع القديمة في أسواق الأنتيك". يضيف أنّ "البعض يقتني الأسطوانات كديكور في البيت وليس لأنّه يهوى الموسيقى القديمة". 

دلالات
المساهمون