عالم كرة القدم لـ "مجانين" في إسرائيل

17 ديسمبر 2022
ملاعب كرة القدم في إسرائيل تعكس العنصرية (إيمانويل دومون/ فرانس برس)
+ الخط -

اشتكى صحافيون إسرائيليون أوفدتهم وسائل إعلام لتغطية أحداث مونديال قطر 2022، من أساليب تعاطي المواطنين القطريين والعرب "العدائي" معهم. ودفع ذلك الحكومة الإسرائيلية إلى توجيه رسالة احتجاج رسمية إلى الحكومة القطرية، مع مطالبة مواطنيها بعدم التوجه لحضور المونديال.
وبدا رد فعل هؤلاء الصحافيين الإسرائيليين مستهجناً مقابل صمتهم عن مظاهر العنصرية التي تمارسها المؤسسات الإسرائيلية وعموم المستوطنين ضد فلسطينيي الداخل، خصوصاً في ملاعب كرة القدم، وأهمها رفع روابط مشجعي فرق إسرائيلية عدة شعار "الموت للعرب"، وترديده خلال المباريات.
وأفادت صحيفة "إسرائيل اليوم" في 4 إبريل/ نيسان الماضي بأن اتحاد كرة القدم في إسرائيل سجل ترديد مشجعي فريقي مكابي نتانيا ومكابي تل أبيب شعار الموت للعرب أثناء مباراتين مع فريق أبناء سخنين في الدرجة الممتازة الذي يمثل مدينة سخنين في الجليل.
ولم يقتصر ترديد شعار "الموت للعرب" على المشجعين، بل شمل لاعبين يهودا، إذ ذكر موقع مجلة "الرياضة في إسرائيل" في 6 يونيو/ حزيران الماضي أن أوري كوهين مدافع فريق هابويل تل أبيب كتب "الموت للعرب" على "فيسبوك". 
ويتعرض اللاعبون الفلسطينيون الذين يلعبون في فرق يهودية لتنمر وإهانات من مشجعي الفرق المنافسة، ففي 10 مايو/ أيار الماضي، ذكر موقع "دفار" أن أحد مشجعي فريق ماكابي تل أبيب وجه عبارات عنصرية نابية إلى اللاعب محمد عواد الذي يلعب في صفوف ماكابي حيفا، وشتمه.
ومما لا شك فيه فإن أكثر صور الشعارات العنصرية ضد العرب بشاعة هي تلك التي يرددها مشجعو "بيتار جيروساليم" في القدس المحتلة. 
وأورد تقرير نشره موقع "وان" الرياضي الإسرائيلي أنه "عندما يخوض فريق بيتار جيروساليم مباراة ضد فريق يمثل مدينة داخل فلسطين، يهتف مشجعوه شعارات سنحرق قراكم، والموت للعرب".
وبلغ جنون العنصرية لدى مشجعي فريق بيتار جيروساليم الذين يطلق عليهم "لا فاميليا" حد ضربهم زملاء لهم شجعوا لاعب الفريق الكونغولي كامسو مار، وهو مسلم، خلال مشاركته في مباراة أمام ماكابي تل أبيب.
وانعكست التوجهات العنصرية لأعضاء "لا فاميليا" على أناشيد التشجيع خلال المباريات، وخارج الملاعب أيضاً حيث يكررون الاعتداء بوحشية على كل فلسطيني يقابلونه في طريقهم إلى الملعب أو لدى المغادرة.

الصورة
مشجعون لفريق ماكابي حيفا في دوري الأبطال  (نير كيدار/ Getty)
مشجعون لفريق ماكابي حيفا في دوري الأبطال (نير كيدار/ Getty)

ونظراً إلى حجم الاعتداءات التي يمارسونها، ذكر موقع "وان" في 30 مايو/ أيار الماضي أن وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس دعا إلى اعتبار "لا فاميليا" تشكيلاً إرهابياً، والتعامل مع عناصره على هذا الأساس.
ويرى جاي لايف، المعلق الرياضي في صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن "لا أحد يهتم بالتصدي لمظاهر العنصرية تجاه العرب في ملاعب كرة القدم الإسرائيلية، ورجال الأعمال الذين يملكون الفرق الرياضية يصمون آذانهم عن مظاهر العنصرية ويتعايشون معها". 
ويلفت إلى أن "عقوبات إدارة الفرق أو اتحاد كرة القدم المشجعين الذين يطلقون شعارات عنصرية، غير رادعة، وتشمل كحد أقصى الإبعاد عن الملاعب لمدة شهر". وأشار إلى أن عالم كرة القدم في إسرائيل بات يخص "مجانين".
أما يواف بيروفيتش، المعلق الرياضي في قناة "كان" الرسمية، فيلفت إلى أن مشجعي الفرق الإسرائيلية لا يطلقون عبارات عنصرية ضد اللاعبين والمشجعين العرب، بل أيضاً ضد اللاعبين السود الأجانب الذين يلعبون في فرق كرة القدم وكرة السلة. 
ويشدد على أن "سلطات حفظ القانون تتجاهل العنف ومظاهر العنصرية في الملاعب، فالشرطة لم تعتقل أي شخص بسبب مظاهر العنصرية في الملاعب، رغم أن هذا الأمر يخالف القانون".
وفعلياً تعكس مظاهر العنصرية تجاه فلسطينيي الداخل وغير اليهود في ملاعب كرة القدم في إسرائيل التوجهات العنصرية للمجتمع الإسرائيلي ذاته.

وكشف استطلاع للرأي العام نشرت نتائجه صحيفة "معاريف" في 20 مارس/ آذار الماضي أن 94 في المائة من فلسطيني الداخل قالوا إنهم تعرضوا لممارسات عنصرية وتمييز، وحصل ذلك لنسبة 41 في المائة منهم في مطار "بن غوريون" الرئيسي في إسرائيل. 
واعتبر 75 في المائة من فلسطينيي الداخل أن الممارسات العنصرية "إهانات تمس كرامتهم"، في حين رأى 73 في المائة منهم أن الممارسات العنصرية ضدهم تمس بمستوى الشعور بالأمن الشخصي، وأكد 67 في المائة منهم أنهم يمتنعون عن التنافس على فرص عمل بسبب التعاطي العنصري معهم.
وتشهد المرافق الرسمية التي يسجل فلسطينيو الداخل نسبة حضور كبيرة مظاهر عنصرية كثيرة. ونظراً إلى أن فلسطينيي الداخل يمثلون نسبة كبيرة من الأطباء في المستشفيات الإسرائيلية، فهم أكثر الفئات تعرضاً للعنصرية. وأظهر تقرير نشره موقع "أطباء فقط" في 28 يناير/ كانون الثاني 2019، أن مرضى يهوداً ينعتون الأطباء العرب الذين يقدمون لهم العلاج  بـ"عرب نتنين". ونقل التقرير عن الدكتورة ياسمين أبو فريحة أن المؤسسات الطبية تميّز في ظروف وشروط العمل بين الأطباء العرب واليهود.

المساهمون