ستة أعوام، وعائلة المسن محمد الأحمد تتنقل من مكان إلى آخر، هربا من القصف والموت، بعد أن خرجت من ريف محافظة حماة الشرقي وسط سورية إلى ريف إدلب شمال غرب البلاد، في رحلة تهجير سببتها قوات النظام المدعومة من مليشيات إيران وروسيا، إثر حملة عسكرية أفرغت مناطقهم من سكانها.
وطوال الأعوام الستة، عاشت العائلة معاناة النزوح، لكنها تكيفت مع ظروف الحياة وتكاثرت حتى بلغ عدد أفرادها 60 شخصا، هم أبناء المسن أحمد وزوجاتهم وأحفاده، قبل أن يقضى محمد بقصف لقوات النظام مع إحدى حفيداته، باستهداف خيامهم قرب مدينة سرمين، في ريف إدلب الأوسط، ويصاب كذلك حفيد آخر.
ومنذ الخامس من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، شنت قوات النظام والطيران الروسي، حملة قصف طاولت مناطق عدة في محافظة إدلب وريف حلب والتي تُعرف بمنطقة خفض التصعيد الرابعة شمال غرب سورية، وأدت تلك الحملة إلى عشرات الضحايا والمصابين، علاوة على حملة نزوح كبيرة.
تنحدر عائلة الحمد من ريف حماة الشرقي وسط سورية، وتعيش حياة البدو وتعمل في تربية الأغنام، بدأت رحلة نزوحها منذ عام 2017، وتنقلت عديد المرات إلى أماكن مختلفة بسبب القصف والاستهداف، لتستقر قرب مدينة سرمين منذ ثلاث سنوات.
كان محمد الحمد، المسن الذي يبلغ من العمر 95 عاما، يحضّر نفسه للنوم، عندما باغت خيمته صاروخ أطلقته راجمة لقوات النظام، ليخلد في نومه الأبدي إلى جانب حفيدته.
يقول عزو الحمد، وهو ابن المسن محمد: "كان والدي مستلقيا في فراشه الساعة الثامنة مساء، ليضرب صاروخ خيمته ويقتل كبيرنا وقدوتنا، وقُتلت أيضا ابنة أخي وهي طفلة، وأصيب ابن أخي الآخر وهو طفل أيضا".
يضيف لـ"العربي الجديد" قائلا: "دُمرت خيامنا وتشردنا، إذ بقي جزء من العائلة مع الأغنام في نفس المكان لصعوبة نقلها، وعدم وجود مكان ننزح إليه معها، ونزح القسم الآخر والأكبر إلى مخيم على أطراف مدينة كللي شمالي إدلب".
بعد القصف، تم نقل العائلة وتجديد خيامهم التي أحرقها ومزقها القصف على نفقة المتبرعين من أهالي المنطقة، لكن العائلة تفرقت في أماكن عدة لصعوبة تواجدها في مكان واحد مع أغنامهم.
تقول عنود الحمد، وهي كنّة المسن محمد، والتي فقدت ابنتها حنان كذلك في القصف، إن "الصاروخ الذي ضرب خيامنا لم يقتل عمي وابنتي فقط ويسبب الرعب لجميع أفراد العائلة وحسب، بل شرد العائلة بأكملها وأفقدها كبيرها".
تضيف: "تدمرت خيامنا وساعدنا الناس على الهروب من تحت القصف، وكل ما نملك كان في الخيام التي احترقت وأصبحت رمادا، وحاليا لا نعرف كيف سنواجه فصل الشتاء"، منوهة إلى أن لديهم طفلا مصابا بإصابة بليغة، يحتاج إلى اهتمام ورعاية طبية كبيرة، وهذا ما سيصعب عليهم القادم من الأيام.
وبحسب فريق "منسقو استجابة سوريا"، وهو فريق مختص بمتابعة الأوضاع الإنسانية شمال غرب سورية، فإن قوات النظام وحليفتها روسيا شنت 639 هجوما على إدلب وريفها خلال أكتوبر/تشرين الأول الفائت، من بينها غارات بالطائرات الحربية وقصف بأسلحة محرمة دوليا 9 مرات، وخلفت الهجمات 67 قتيلا، من بينهم 13 امرأة و26 طفلا و4 من كوادر العمل الإنساني.
فيما أشار تقرير صدر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، إلى أن 70 شخصاً قُتلوا، بينما أُصيب 349 آخرون، ثلثهم من الأطفال، جراء التصعيد في شمال غرب سورية في أكتوبر، بينما بلغ عدد النازحين 130 ألفاً، حيث أثرت الأعمال العدائية، وفق التقرير، في 40 مرفقاً صحياً و24 مدرسة و20 منظومة مياه.