عائلة سمرين المقدسية.. حكاية 30 عاماً من مقارعة الاستيطان

عائلة سمرين المقدسية.. حكاية 30 عاماً من التمسك بالأرض ومقارعة الاستيطان

القدس المحتلة

محمد عبد ربه

avata
محمد عبد ربه
06 ابريل 2023
+ الخط -

لم يكن مفاجئاً لعائلة سمرين المقدسية القرار الذي أصدرته، قبل 3 أيام، المحكمة الإسرائيلية العليا، والذي منحها حقها في البقاء في منزلها ببلدة سلوان جنوبي القدس المحتلة، بعد صراع قضائي مرير مع جمعيات استيطانية وفي مقدمتها شركة "همينوتا" التي حاولت طوال أكثر من 30 عاماً الاستيلاء على المنزل مدعومة من دوائر الاحتلال الإسرائيلي المختلفة.

منزل العائلة تحوّل بعد القرار إلى بيت فرح عمره أهالي البلدة الذين وفدوا لتهنئة العائلة بقرار المحكمة، وما إن حلّت ساعات ما بعد الإفطار حتى انطلق أصحاب المنزل يوزعون الحلوى على أهالي سلوان في انتصار لم تشهده البلدة منذ سنوات طويلة، عانت خلالها ولا تزال تغولاً من قبل الجمعيات الاستيطانية في الاستيلاء على منازل الفلسطينيين مستعينة بسماسرة محليين، لكن هذه الجمعيات لم تفلح في مخططها مع عائلة سمرين.

يقع منزل عائلة سمرين جنوب المسجد الأقصى، ويلاصق مقر جمعية إلعاد الاستيطانية التي تدير كامل منطقة سلوان ومحيطها أو ما يعرف بـ"الحوض المقدس" وفق التسمية الإسرائيلية لهذه المنطقة، حيث تدير مركزاً سياحياً للزوار في ما تعرف بـ"مدينة داود"، كما تدير هذه الجمعية أكثر من 80 بؤرة استيطانية في البلدة، وتسيطر كذلك على بعض المواقع التاريخية وأشهرها عين سلوان التي باتت موقع جذب سياحي عالمي.

بالنسبة لعائلة سمرين، ولا سيما لربة المنزل أمل سمرين، فإنّ قرار المحكمة حقق لها ولعائلتها حُلماً طويلاً انتظروه على مدى ثلاثة عقود، وفق ما تقوله لـ"العربي الجديد"، وتضيف: "أخيراً تحقق للعائلة ما أرادت، فطفقت تحتفل وتعلن لأهالي سلوان انتصارها على أشرس جمعيات الاستيطان العاملة في سلوان والبلدة القديمة من القدس".

"لقد انتهى الكابوس.. لم يعد بإمكانهم إجلاءنا من منزلنا.."، هذا ما قاله أحمد سمرين نجل أمل، لـ"العربي الجديد"، وهو يستذكر مرارة سنوات طويلة من الصراع في المحاكم مع جمعيات الاستيطان كان يتابعه مع محامين ولم يفوت أي جلسة من جلسات المحاكم، وخلال ذلك لم يفقد الأمل بكسب القضية، مشدداً على أنّ "صاحب الحق قوي ولا يخاف.. ومن يسعى وراء حقه يأخذه مهما طال الزمن".

لم تكن معاناة هذه العائلة نفسية فقط، ولم تكن السنوات الطويلة الماضية مجرد كابوس وخوف وقلق، بل كانت مصحوبة أيضاً بأموال طائلة أنفقتها العائلة على متابعة جلسات المحكمة، قاربت نصف مليون دولار، "لكن كل مال الدنيا يهون أمام بيتك الذي عشت فيه أباً عن جد.."، يقول سمرين.

المنزل الذي تقطنه عائلة سمرين كان قد شيّده الجد الأكبر للعائلة وهو موسى سمرين، وتحيط به قطعة أرض مساحتها تبلغ نحو دونمين.

ما حدث بعد ذلك، كما يقول أحمد، أنّ أبناء الحاج موسى نزحوا في العام 1967 إلى الأردن، لكنه بقي فيه مع ابن أخيه الذي اشتراه منه قبل موته، وانتقلت الملكية بشكل تلقائي للابن محمد سمرين والد أحمد، حيث تزوج أمل وعاشا فيه، وأنجبا 7 من الأبناء.

وفي العام 1983، أي بعد وفاة الجدّ، حوّلت سلطات الاحتلال ملكية العقار إلى دائرة "حارس أملاك الغائبين" بادعاء أنّ أبناءه يعيشون في الأردن وليس له ورثة في البلاد، وجرى ذلك من دون إبلاغ العائلة، حتى وصلت إليهم مذكرة إخلاء من المنزل عام 1991، علماً أنّ العقار لم يخلُ يوماً من السكان. بيد أنّ العائلة استأنفت ضد القرار وقدمت ما يثبت شراء المنزل من قبل محمد زوج أمل.

وبالرغم مما قدّم إلى المحكمة من وثائق ومستندات، إلا أنّ العائلة تلقّت أمراً آخر بالإخلاء عام 2011، وفي حينه أصدرت إحدى المحاكم قراراً اعتبرت فيه أنّ عائلة سمرين محمية بالعقار كون محمد سمرين الذي اشترى العقار ما زال على قيد الحياة.

لكن وفاة محمد سمرين في العام 2015 أدخلت العائلة في صراع قضائي جديد مع المستوطنين، تراوح بين محكمة الصلح ابتداء مروراً بالمركزية وانتهاء بالمحكمة العليا، التي أصدرت قراراً لصالح العائلة بعد نحو عامين من التقدّم بالتماس لها.

ولا تخفي سمرين، ربة المنزل، سعادتها بقرار المحكمة الذي أنهى سنوات طويلة من الخوف والقلق والمعاناة، وتقول: "حتى اللحظة أنا لا أصدّق، فرحتنا لا توصف، لقد انتهينا، لا يوجد قرارات إخلاء ولا محاكم، سننام ونحن مطمئنين".

تتذكر أمل وصية زوجها الذي مات تاركاً المنزل أمانة في عنقها، بعدما عانى أمام محاكم الاحتلال حتى آخر لحظة في حياته.

بدوره، يعتبر المحامي وسيم دَكوَر، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ قرار المحكمة العليا الإسرائيلية "نادر وغير مسبوق"، بالنظر إلى أنّ هذه المحكمة، وهي أعلى سلطة قضائية، وغيرها من محاكم مركزية أو ابتدائية، لا تصدر قرارات لصالح المقدسيين في هذا النوع من القضايا عادة، في حين أنّ المحكمة لم تأخذ بردّ المستشار القانوني للحكومة ودائرة "حارس أملاك الغائبين" حول القضية، مشيراً إلى أنّ قرار المحكمة "يكتسب أهمية خاصة تمكن الاستفادة منها في قضايا مماثلة لمقدسيين".

ذات صلة

الصورة
حسن قصيني

سياسة

بلدة طيرة حيفا واحدة من القرى الفلسطينية التي هُجر أهلها في النكبة عام 1948. حسن قصيني أحد أبناء البلدة يروي لـ"العربي الجديد" أحداث التهجير.
الصورة

سياسة

من عمليات اعتداء عشوائية، إلى هجمات دامية ومنظمة، هكذا تحوّل تنظيم "شبيبة التلال" الإرهابي خلال أكثر من عقدين على تأسيسه في جبال الضفة الغربية.
الصورة

سياسة

أدى أكثر من 60 ألف فلسطيني، اليوم الأربعاء، صلاة عيد الفطر في المسجد الأقصى في القدس المحتلة من دون أيّ أجواء احتفالية، حزناً على ضحايا الحرب الإسرائيلية
الصورة
دانييلا فايس

سياسة

تواصل عرّابة الاستيطان وأحد أشد قادته دانييلا فايس تصريحاتها الفاشية المعادية للفلسطينيين، منادية بترحيلهم من غزة وسائر فلسطين والعودة للاستيطان في غزة.

المساهمون