- إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي الإسرائيلي، يدعم الاستيطان اليهودي بشكل صريح ويتدخل في قرارات هدم منازل المقدسيين، مما يسهم في تصعيد الصراع ويعكس سياسة عقابية صارمة تجاه الفلسطينيين.
- محكمة الصلح تتجاوز قرار المحكمة العليا الإسرائيلية الذي يجمد عمليات الإخلاء، مما يضع العائلات المقدسية أمام تحديات قانونية وضغوط مستمرة، بينما يدعو صالح دياب الحكومة الأردنية للتدخل وتثبيت حقوق العائلات في مواجهة محاولات التهويد.
تستمر مساعي الاحتلال الإسرائيلي لتهويد حي الشيخ جراح وغيره والاستيطان. وتواجه عائلة دياب المقدسية، بالإضافة إلى عائلات أخرى، قراراً صادراً عن محكمة الصلح بالاستيلاء على منزلها والأرض المقام عليها.
فصل آخر من فصول الصراع الميداني والقضائي تخوضه عائلة دياب المقدسية من حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، المهددة بالاستيلاء على منزلها والأرض المقام عليها. هذا الفصل الجديد بدأ بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وتولي إيتمار بن غفير منصب وزير الأمن القومي، والذي عهد إليه من قبل حكومته بملفات حيوية من قبيل الاستيطان اليهودي في حي الشيخ جراح، ومصير المسجد الأقصى، وهدم منازل المقدسيين، وقد نازع بلدية الاحتلال على صلاحيات قراراتها بهدم منازل المقدسيين، سواء تلك التي شيدها أصحابها من دون ترخيص أو المنازل التي اتهم أحد أبناء مالكيها بتنفيذ هجمات فدائية. ملفات أضيفت إلى الملف الرئيسي الذي في حوزته، وهو ملف الأسرى الفلسطينيين. وشهدت فترة توليه منصبه استشهاد عدد من الأسرى بفعل السياسة العقابية الصارمة التي طبقها داخل السجون.
منتصف الأسبوع الجاري، تمردت محكمة الصلح على قرار المحكمة العليا وتجاوزت قرار الأخيرة بتجميد عمليات الإخلاء لعائلة دياب وعائلات الدجاني وحماد والداودي، كما يقول المواطن المقدسي صالح دياب لـ"العربي الجديد"، ويضيف أنه صدر بحق عائلته أمر إخلاء من قبل محكمة الصلح التي أمهلت العائلات حتى منتصف شهر يوليو/ تموز المقبل لتنفيذ قرار الإخلاء، مع إمكانية الاعتراض عليه خلال شهرين، حيث تعيش ثلاث عائلات يراوح عدد أفرادها ما بين 17 و20 شخصاً.
يقول دياب: "انتزع محامي المستوطنين من قاضي المحكمة القرار المذكور لصالح موكليه، رغم ما أظهره القاضي من أن قرار المحكمة العليا هو الذي يلزم المحكمة التي حددت مصير المنازل المستهدفة بانتهاء عملية التسوية حول ملكيتها". يتابع دياب أن "المحكمة برمتها باتت تحت سيطرة بن غفير، الذي يساند المستوطنين والاستيطان ويعتبر معركته مع الشيخ جراح حساباً شخصياً مفتوحاً بعد صمود أهالي الحي عام 2021 أمام الهجمة التي قادها شخصياً، وقد اصطدمت معه أكثر من مرة، وكاد أن يستخدم سلاحه الشخصي ضد أهالي الحي بعدما أشهر مسدسه مهدداً بأنه سيأخذ القانون بيده".
وممّا يذكره دياب في هذا الخصوص أن معركته مع المستوطنين قديمة وبدأت عام 2009 بالتزامن مع المعركة التي خاضتها عائلتا الغاوي وحنون في الجزء الشرقي من حي الشيخ جراح، المعروف بكرم الجاعوني، في مطلع سبعينيات القرن الماضي، لتنتهي عام 2009 باستيلاء المستوطنين على المنزلين.
ولا تختلف قصة عائلة الغاوي عن قصص سائر العائلات من حي الشيخ جراح، منها الغاوي وحنون أو من تبقى من العائلات الأخرى، مثل الدجاني وحماد والداودي والكرد، وهي عائلات مهجرة منذ عام 1948 واستقرت بعد النكبة في القدس بعد اتفاق مع وزارة الإنشاء والتعمير الأردنية، إذ كانت الحكومة الأردنية تتولى مسؤولية حارس أملاك العدو، ووقعت مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، اتفاقية شيدت فيها الأخيرة منازل لنحو 20 عائلة في الشيخ جراح مقابل تنازل هذه العائلات عن بطاقات الإغاثة. وبقيت هذه العائلات تقيم في منازلها دون مساءلة من أحد إلى أن ظهرت أطماع المستوطنين في مطلع السبعينيات من خلال ادعاء جمعية نحلات شمعون الاستيطانية ملكيتها للأرض والمنازل التي أقيمت عليها باعتبارها أملاكاً يهودية.
وفي وقت يقود فيه صراع الحفاظ على منزل عائلته، يواجه دياب حرباً عليه في لقمة عيشه بتحريض من المستوطنين وبدعم من بن غفير. لوحق في أكثر من مكان عمل به ليطرد منه، إضافة للملاحقة الضريبية والحجز على حساباته في المصارف. ولا تتوقف اعتداءات المستوطنين في بؤرة الاستيطان المجاورة والملاصقة لمنزله، إذ يتم رشق المنزل بالحجارة دون توقف، وبدلاً من إيقافهم من قبل شرطة الاحتلال، تعاقب الأخيرة دياب وتعتقله وتأخذ بادعاءات المستوطنين المتطرفين.
ماذا عن مصير عائلته بعد قرار محكمة الصلح الأخير؟ وهل يخشى الاقتلاع منه؟ يرد دياب قائلاً: "ليست القضية بيتي فقط، فالقضية أكبر من ذلك بكثير، هم يريدون تهويد كامل حي الشيخ جراح وسلوان وكل بقعة في محيط البلدة القديمة من القدس. بالنسبة لي أنا باق في هذا البيت ولن أغادره لأنه بيت كل فلسطيني. ما نطلبه كأهالي حي الشيخ جراح هو أن تنخرط معنا الحكومة الأردنية في صراعنا لتثبيت حقنا في أرضنا وبيتنا، كونها المسؤولة وهي التي شيدت لنا البيوت هنا، ولم نكن طارئين على أحد".
من جهته، يقلل المحامي حسني أبو حسين، من طاقم الدفاع عن عائلة دياب وثلاث عائلات مقدسية مهددة بإخلاء من منازلها في حي الشيخ جراح، من أهمية القرار الذي أصدرته محكمة الصلح الإسرائيلية لصالح جمعية نحلات شمعون الاستيطانية والقاضي بتمليكها منزل عائلة المواطن المقدسي صالح دياب والأرض المقام عليها، ويقول إنه "لا أهمية لهذا القرار المطلق نظراً إلى أن هناك قراراً إلزامياً كانت قد أصدرته المحكمة العليا الإسرائيلية، وهي أعلى هيئة قضائية في إسرائيل، حول أحقية عائلة دياب وعائلتين أخريين هما حماد وإسكافي بمنزليهما والأرض في الحي ذاته، علماً أن الأرض التي كانت قد أقيمت عليها المنازل الثلاثة انتقلت في خمسينيات القرن الماضي إلى الحكومة الأردنية التي شيدت هذه المنازل بموجب اتفاق مع (أونروا) مقابل تنازل تلك العائلات عن بطاقات الإغاثة التي تمنح للاجئين".