استمع إلى الملخص
- **رسالة الصمود والأمل**: تسعى عائلة المقيد من خلال الفقرات الإنشادية والغنائية إلى الترفيه عن الشعب الفلسطيني وإيصال رسالة صمود للعالم، مؤكدين على أهمية هذه الحفلات في محاكاة مراحل القضية الفلسطينية.
- **ابتسامة تتحدى الدمار**: يصر منشدو عائلة المقيد على مواصلة الغناء الثوري، مؤكدين أن الابتسامة تعكس حب الحياة وستظل شعلة الثورة حتى تحقيق المجد، رغم الدمار الهائل.
على ركام المنازل التي دمرها جيش الاحتلال الإسرائيلي في مخيم جباليا للاجئين، شمال قطاع غزة، يجلس أفراد عائلة المقيّد الفلسطينية يرددون أغاني وطنية وأناشيد ثورية. يحاول هؤلاء المنشدون بث روح الأمل والفرحة بين سكان المخيم المنكوب، الذين يعيشون آلام الحرب والحصار والجوع.
وبشكل شبه دوري، ينظم أفراد عائلة المقيد جلسات طربية ثورية داخل المخيم للتخفيف من معاناة السكان، والتي خلفتها الحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. بصوته الندي، يردد محمد المقيد كلمات من أغنية للشاعر الراحل إبراهيم صالح المعروف بـ"أبو عرب"، والتي تقول "يا توتة الدار.. صبرك على الزمان إن جار.. لا بد ما نعود مهما طوّل المشوار".
مخيم جباليا يعزف ألحان الصمود
وجد الفلسطينيون الذين أحاطوا بالمقيد بهذه الكلمات تجسيدا لمعاناتهم التي خلفتها الحرب من تشرد، ومحاكاة لأحلامهم بالعودة، ولاقت هذه الوصلات الإنشادية والغنائية تفاعلا كبيرا من المواطنين الذين وجدوا فيها ملاذا يهربون إليه من واقعهم المرير.
يقول محمد: "نسعى من خلال هذه الفقرات الإنشادية والغنائية الترفيه عن أبناء شعبنا الفلسطيني في ظل الحرب الإسرائيلية المتواصلة، وإيصال رسالة لشعوب العالم أجمع أننا صامدون رغم الحرب والقتل والدمار"، مضيفا والبسمة ترتسم على وجهه: "سنوصل رسالتنا من قلب الدمار والمخيم والمعاناة بأن هناك ابتسامة وأن هناك حياة تنبض في مخيم جباليا".
من جهته، يقول المنشد أشرف المقيد: "ننظم حفلات تحاكي مراحل القضية الفلسطينية، رغم ما يعتريها من قتل وألم وتدمير وتشريد للشعب الفلسطيني"، مضيفا: "أعدنا إحياء بعض الأغاني الثورية والوطنية الفلسطينية القديمة والحديثة التي تكشف حجم الدمار والمعاناة التي يعانيها الشعب، خاصة أننا نعيش منذ تسعة أشهر وما يزيد في حرب الإبادة الجماعية".
ابتسامة تتحدى الإبادة في مخيم جباليا
يصر منشدو عائلة المقيد على مواصلة مشوارهم في الغناء الثوري الذي يحاكي الواقع الفلسطيني مهما حدث من "قتل وتدمير وتهجير"، وفق قولهم. ويتابع أشرف قائلا: "الابتسامة تعكس حب الحياة، ونحن لنا حق في هذه الحياة، وسنبقى مبتسمين مهما حدث".
أما أبو عمر المقيد فيقول: "نطلق على جباليا اسم مخيم الثورة (مثّل شرارة انطلاق الانتفاضة الأولى عام 1987)، وجاءت هذه الحرب الغاشمة لإنهاء الوجود الفلسطيني فيه وتغييب ابتسامة سكانه"، مضيفا: "هذه الابتسامة ضج فجرها من وسط هذا الدمار ولاقت من يحتويها، لذا سنبقى حافظين لهذه الشعلة، شعلة الابتسامة والثورة حتى نصل بها إلى المجد العالي".
الطفل أحمد فوزي، وهو أحد المشاركين في الجلسات الغنائية، يقول: "عند عودتنا إلى حارتنا في مخيم جباليا بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي وجدنا الشبان ينشدون أغاني ثورية ووطنية على أنقاض المخيم المدمر". ورغم حجم الدمار الهائل، إلا أن الطفل يرسم على محياه ابتسامة بثتها الأغاني التي ساهمت بالتخفيف من معاناة سكان المخيم، وفق قوله، مضيفا: "بهذه الأصوات والأغاني الثورية، شعرنا بأن الحياة عادت للمخيم".
ورغم الدمار الهائل في مخيم جباليا الناجم عن آخر هجوم إسرائيلي في مايو/ أيار الماضي، إلا أن عددا كبيرا من العائلات ما زالت تعيش في المخيم على أنقاض منازلها المهدمة. في نهاية مايو أعلن الجيش الإسرائيلي إنهاء عمليته العسكرية في جباليا التي استمرت 20 يومًا، والتي خلّفت أعدادا كبيرة من القتلى المدنيين ودمارا هائلا في البنية التحتية، وأفاد شهود عيان آنذاك بأن جيش الاحتلال "دمر أحياء سكنية كاملة في المخيم قبل انسحابه، ضمن سياسة العقاب الجماعي التي يمارسها بحق الفلسطينيين".
ومنذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي يشن الاحتلال الإسرائيلي بدعم أميركي مطلق حربا على غزة أسفرت عن أكثر من 125 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن عشرة آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.
(الأناضول، العربي الجديد)