عائلة المقدسية مزين نصار تواجه هدم منازلها بعد ربع قرن من الصمود

عائلة المقدسية مزين نصار تواجه هدم منازلها بعد ربع قرن من الصمود

13 يونيو 2023
قبل 5 سنوات صادر الاحتلال الأرض تحت مسمى "المصلحة العامة" (العربي الجديد)
+ الخط -

على أرض مساحتها نحو دونمين تملكها المواطنة المقدسية مزيّن نصار في بلدة سلوان جنوب القدس، تقيم في ست شقق سكنية منذ نحو 28 عاماً، ثلاث أسر فلسطينية هي أسرة نصار مالكة الأرض، وأسرتا صهريها فادي الطويل وعاصم برقان، والبالغ عدد أفرادها اليوم نحو مائة نسمة، لكنهم على مدى نحو 25 عامًا يخوضون صراعًا في محاكم الاحتلال الإسرائيلي، لينتهي بهم الأمر قبل أيام بإخطار الاحتلال لهم بهدم منازلهم.

الاحتلال يزعم الهدم لـ"المصلحة العامة"

تقع الأرض وما أقيم عليها من مساكن في حي واد قدوم، وهو واحد من أحياء بلدة سلوان التي باتت هدفاً يومياً لعمليات الهدم واستيلاء المستوطنين على عقاراتها، كما الحال في عين اللوزة والبستان ووادي حلوة، حيث يتهدد الهدم في حي واحد فقط وهو البستان المتاخم لواد قدوم، قرابة مائة منزل تؤوي مجتمعة أكثر من 500 نسمة.

الصورة
عائلة المقدسية مزين نصار تواجه هدم منازلها (العربي الجديد)
الأرض مملوكة لعائلة نصار منذ أكثر من خمسين عاماً (العربي الجديد)

الأرض البالغة مساحتها دونمين مملوكة لعائلة نصار منذ أكثر من خمسين عاماً، كما يروي زوج المواطنة مزيّن، معروف نصار (صاحبا الأرض) لـ"العربي الجديد"، قائلا: "أزيل ما على الأرض من مساكن بأيدي أصحابها"، وقد شيدت على قطعة الأرض المساكن المهدمة من قبل أبنائه وأصهاره، وتم استصلاحها وزراعتها، لتفاجأ العائلة قبل خمس سنوات بأن الأرض مصادرة لما تسمى "المصلحة العامة"، بينما لم تكن قبل ذلك مصنفة لما ادعته بلدية الاحتلال بأنها للمنفعة العامة، وبالتالي كان موقف البلدية الدائم رفضها منح العائلات تراخيص البناء.

صمود نهايته الهدم

على مدى ربع قرن من المحاكم والصراع القضائي مع بلدية الاحتلال أي بعد ثلاث سنوات فقط من بناء تلك المنازل توسعت خلالها هذه الأسر الثلاث وتضاعف عدد أفرادها، لم يغلق ملفها في محاكم الاحتلال إلا قبل نحو عشرة أيام حين أخطرت بلدية الاحتلال في القدس هذه الأسر الثلاث هدم شققها السكنية الست بأيديها تحت طائلة الغرامة المالية العالية إن لم تنفذ الهدم بأيديها.

سبق وأُرغمت العائلات قبل عامين على هدم 3 منازل في ذات الأرض

قبل أيام اضطر أصحاب تلك الشقق، فادي مع عديله عاصم برقان وأنسابه من عائلة نصار، إلى استئجار جرافة ضخمة لتنفيذ عملية الهدم، يقول فادي لـ "العربي الجديد": "لم يكن أمامنا خيار آخر، قررنا أن نهدم بيوتنا بأيدينا، تجنباً للغرامة والمخالفة ورسوم الهدم إن هدمتها البلدية عبر طواقمها وبحماية من قوات الاحتلال".

يؤكد فادي أن العائلات استنزفت جميع مواردها المالية، ولم يعد بمقدورها أن تتكبد رسوماً إضافية لدفعها إلى بلدية الاحتلال، التي ظلت ترفض منح العائلات تراخيص البناء، لتنتهي الأمور بالهدم الذاتي بعد معركة قاسية وصعبة خاضتها الأسر الثلاث للحفاظ على مساكن تؤويها، وامتدت على مدى ربع قرن تكبدت خلالها تلك الأسر خسائر مالية كبيرة ودفع غرامات بعشرات آلاف الشواقل (عملة إسرائيلية)؛ سواء لبلدية الاحتلال ولطواقم المحامين والمهندسين الذين تابعوا ملف تلك الشقق.

100 مقدسي بالعراء

عاصم برقان الذي يملك هو الآخر مسكناً بجوار عديله الطويل، يؤكد أن بلدية الاحتلال رفضت التعاطي مع طلباتهم المتعددة لترخيص مساكن العائلات بحجة أن "الأرض مصادرة لصالح المنفعة العامة"، وهي من المناطق المصنفة بمنع البناء عليها، وموقف البلدية هذا أيدته المحكمة العليا الإسرائيلية التي أصدرت قراراً نهائياً بهدم جميع الأبنية المقامة على الأرض وإخلائها لصالح المنافع العامة".

يقول برقان لـ"العربي الجديد": "نحن اليوم ننفذ القرار رغم الألم الكبير الذي نشعر به، حيث فقدنا المسكن والمأوى، وبات أكثر من 100 نسمة تتشكل منهم ست أسر في العراء، نجمع حوائجنا وأثاثنا لنقيم قرب أنقاض ما هدمناه".

الصورة
عائلة المقدسية مزين نصار تواجه هدم منازلها (العربي الجديد)
لم تكن عملية الهدم الأخيرة التي تمت قبل أيام الأولى (العربي الجديد)

لم تكن عملية الهدم الأخيرة التي تمت قبل أيام هي الأولى، إذ سبق وأُرغمت العائلات قبل عامين على هدم 3 منازل في ذات الأرض لأبناء وأحفاد عائلة مزين نصار وزوجها معروف نصار ولأحفادهم.

ذكريات مهدومة

لا ترتبط مساكن هذه الأسر فقط بوجودها في أرضها وبحقها في أن يكون لها مأوى، بل هي مرتبطة بذكريات كل فرد فيها ولد هناك وعاش طفولته فيها وكبر عليها، كما تؤكد لـ"العربي الجديد"، هناء الطويل زوجة فادي الطويل.

هناء تؤكد أن العائلة كانت عمرت الأرض بيديها، وزرعت فيها الورود والأشجار المثمرة من التين والزيتون والعنب والكرز، وحولتها إلى جنة وسط عدد كبير من المباني التي يمنع الاحتلال أهلها التوسع والبناء فيها.

أما أسرة المواطن عاصم برقان فقد حرمها الاحتلال فرحتها بينما كانت في ذروة استعداداتها لتزويج أحد أفراد العائلة في إحدى شقق البناية التي تسكنها، وبدلاً من تجهيزها بأثاث العرس، ها هي تخليها من كل ما فيه، لتهدمها بأيديها، كما تقول والدة معتصم برقان، التي ستضطر لإلغاء كل ما ارتبط بفرحة زواج نجلها، وهي فرحة لم تتم، بينما العائلة كلها في انشغال بمصيرها حيث تحول المكان إلى ردم وأنقاض.

وليس بعيداً عن حي واد قدوم وتحديداً في حي واد الجوز الواقع شمال البلدة القديمة من القدس هدم الاحتلال قبل أيام منزل عائلة المواطنة المقدسية جميلة طوطح، التي كانت خارج منزلها في زيارة لطبيب العائلة، لتبلغ هناك من خلال اتصال جيرانها باقتحام جرافات بلدية الاحتلال محيط المنزل وتستعد لهدمه بعد نحو ربع قرن من بنائه، إضافة لمسلسل من عمليات الهدم بحق العائلة منذ مطلع العام الجاري، طاول 3 منازل أخرى ومنشآت، بادعاء أن الأرض المقامة عليها المنشآت السكنية مصنفة منطقة حدائق.

خطر تغيير معالم القدس

ما جرى مع عائلات طوطح ونصار وبرقان والطويل يفتح نافذة الخطر على المناطق التي تقع في نطاق البلدة القديمة من القدس والتي تشهد نشاطاً استيطانياً مكثفاً، وتغييراً لمعالم المدينة المقدسة، خاصة في سلوان التي شهدت الهدم في واد قدوم، وإلى الجنوب الغربي من بلدة سلوان حيث تقوم سلطة الآثار الإسرائيلية بحفريات واسعة أخطرها بناء جسر هوائي معلق يمر بمحاذاة سور البلدة القديمة من القدس المتاخم للمسجد الأقصى، وصولاً إلى جبل الزيتون.

وتشير معطيات مركز معلومات وادي حلوة المختص بالشأن المقدسي إلى أن سلطات الاحتلال نفذت منذ مطلع العام الجاري وحتى نهاية مايو/أيار الماضي، عمليات هدم طاولت 79 منشأة من بينها بنايات سكنية، ومنشآت تجارية، ومنازل، وغرف، وأسوار، ومنشآت سكنية، وحيوانية.

المساهمون