عائلات ليبية تتحدى الأزمات للحفاظ على تقاليد رمضان
تشهد العديد من المحال الليبية إقبالاً واسعاً خلال الأيام الأخيرة، خصوصاً محال المستلزمات المنزلية، وتلك الخاصة بالسلع ذات الصلة بشهر رمضان، كمحال التمور ولوازم إعداد الحلويات.
اشترت الليبية سارة سويدان ما يلزم مطبخها من مستلزمات، وتقول لـ"العربي الجديد" من العاصمة طرابلس: "غلاء الأسعار مبالغ فيه، لكن الغلاء لا يمكنه أن يمنعنا من الاستعداد لشهر رمضان. الإقبال كبير على شراء أوانٍ جديدة، وأجهزة طبخ حديثة، وأغلب المحال التجارية تقبل الشراء بالبطاقات المصرفية، ما يشجع ربات البيوت على الشراء مع الاحتفاظ بالسيولة النقدية للمراحل المقبلة من شهر الصيام".
تضيف سويدان: "أغلب المحال أعلنت تخفيضات على السلع، ما يشجع على الشراء، وتحدي الأسعار مؤشر على إصرار الناس على بعث البهجة بين أسرهن، واسترجاع الفرحة بشهر رمضان. تغاضت كثير من الأسر عن بعض الكماليات بسبب ارتفاع أسعار المؤن الغذائية الأساسية، وهي مسألة أكدت الحكومة العناية بها خلال هذا العام".
وخلال الأسبوع الماضي، قررت حكومة الوحدة الوطنية تشكيل غرف طوارئ لـ"متابعة توفر السلع الأساسية، وضبط أسعارها، واستمرار المتابعة خلال شهر رمضان"، مؤكدة ضرورة قيام جهاز الحرس البلدي ومركز الرقابة على الأغذية بدورهما في "متابعة صلاحية السلع، والزيادة غير المقبولة في الأسعار".
وفي السياق ذاته، أعلنت الحكومة صرف رواتب شهر مارس/آذار قبيل شهر رمضان، وصرف رواتب شهر إبريل/نيسان قبيل عيد الفطر، بحسب بيان لوزارة المالية، كما أوضحت أنها بدأت في إحالة المخصصات المالية لمنحة الزوجة والأبناء عن الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، وأن "المنح ستكون في حسابات المستفيدين قبل شهر رمضان".
يثني المهدي أبو شريدة، من مدينة سبها، على الإجراءات الحكومية، لكنه يلفت إلى أن تطبيقها قد يقتصر على المدن الكبيرة التي تسيطر عليها سلطات حكومة الوحدة الوطنية، ويسأل عن مصير المناطق البعيدة التي لا تخضع للرقابة ويتفشى فيها جشع التجار.
ويشدد أبو شريدة، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، على رسوخ عادات رمضانية في ثقافة المجتمع، وأنها تجعل ارتفاع الأسعار مجرد عقبة مؤقتة، مؤكداً أن "الشعائر الدينية الرمضانية لها مكانة خاصة في قلوب الناس، والغالبية يحرصون عليها، ويرفضون تغييرها، وعادة ما يفضل أبناء الأرياف العاملين في المدن العطلات خلال أيام رمضان، لقضاء وقت أكبر مع أسرهم وأقاربهم. رغم التمدن، فإنه لا يسهل الانفكاك عن تقاليد المنطقة".
وتختلف استعدادات الأسر بحسب قدراتها المالية، تقول سويدان: "بعض الأسر تفضل الشراء المبكر لمستلزمات الصيام، خصوصاً السلع التموينية، تلافياً للزحام، وربما الشح، لكنني أفضل شراء جزء منها، وتأجيل جزء لما بعد مضي الأسبوع الأول من رمضان، فحينها تتراجع الأسعار مع إقبال الناس على شراء ملابس العيد".
وتضيف: "أحرص على لقاء جاراتي خلال الأسبوع الأخير من شهر شعبان لإعداد حلويات رمضان التي تتناولها الأسر بعد الإفطار، وبعضها يجرى تجهيزه للسهرات الخاصة بلقاء الجارات، وهي عادة نحافظ عليها. عادات الأسر الليبية خلال الأيام الأولى من رمضان مختلفة، فبعض الأسر تفضل أن يكون إفطار أول يوم في بيت ذوي الزوج، والبعض يفعل ذلك طيلة الأيام الأولى، لكن في بعض أحياء المدن الكبيرة، تتبادل الأسر الجارة الاستضافة على الإفطار خلال الأيام الأولى".
وحول أصناف الطعام التي تفضلها الأسر الليبية، توضح سويدان أن "الأصناف تختلف باختلاف ثقافات المدن والمناطق، لكن صحن الحساء أساسي عند كل الأسر، بالإضافة إلى المحشوات كالدولمة والمبطن وغيرها. أما الحلويات الأساسية فهي لقمة القاضي، والزلابية، والغريبة، والتي لا تزال الأسر الليبية تحافظ على بقائها ضمن الأطباق الأساسية، والبعض يجرب عدداً من الأطباق الشرقية والمغاربية التي يتعرف عليها عبر القنوات الفضائية".
وتستعد العديد من الجمعيات الخيرية لإطلاق حملات لتوفير المستلزمات للأسر المحتاجة، أو النازحين، ويقول عضو جمعية التيسير الأهلية حسن بركان، لـ"العربي الجديد"، إن العديد من الجمعيات شرعت في جمع التبرعات العينية والمادية استعداداً لدعم الأسر المحتاجة.
وفي السياق، أعلنت الهيئة الليبية للإغاثة والمساعدات الإنسانية (حكومية)، بالتعاون مع حركة الكشافة والمرشدات، إطلاق حملة تحت شعار "عطاءنا غير في شهر الخير"، وتشمل الحملة جمع التبرعات العينية المختلفة، وخصوصاً المواد الغذائية، ودعت الخيرين من رجال الأعمال والشركات والمؤسسات إلى التبرع من أجل تجهيز سلال غذائية لتوزيعها على الأسر المحتاجة.