- السلطات وقوات الأمن تحركت لمواجهة الأزمة، حيث تم القبض على بعض الفاعلين الشباب وبدأت التحقيقات لكشف الأسباب، والضحايا يأملون في التعويض ومحاسبة المجرمين.
- الظاهرة تعكس مشاكل اجتماعية أعمق مثل تدمير التعليم، الإدمان، عمالة الأطفال، والتمايز الطبقي، مع غياب الأمن والعدالة كأسباب رئيسية لهذه الأفعال.
يُواجه سكان القامشلي في محافظة الحسكة شمال شرقي سورية، ظاهرة غير مسبوقة تتمثل بتخريب وسرقة محتويات السيارات الخاصة والعامة، ما أثار حالة من القلق والخوف، خاصة مع تجاوز أعداد السيارات المسروقة والمخربة 200 سيارة في عموم المدينة، وفقاً لتقديرات نشطاء ومصادر محلية.
ويقول محمود خلف من سكان مدينة القامشلي، وهو من بين الذين تعرّضت سياراتهم للتخريب لـ"العربي الجديد"، إنه "في صباح يوم أمس وعند الخروج من منزلي باتجاه سيارتي وجدت عجلاتها مثقوبة بالسكاكين والشارع الذي أركنها فيه خال من كاميرات المراقبة".
ويشير خلف إلى وجود نحو 60 سيارة بالحال نفسه، موضحاً أنه قام باستبدال عجلات السيارة الأربع، وقد كلّفه هذا الأمر 250 دولاراً أميركياً، ما زاد من إثقال كاهله بمصاريف لم تكن في الحسبان، مشدداً على ضرورة معرفة الفاعلين ومحاسبتهم.
بدوره يتحدث رمضان خليل المنحدر من مدينة عين العرب (كوباني) عما وقع له ويقول لـ"العربي الجديد": "تعرضت سيارتي من نوع "فان" والتي أعمل عليها، للتخريب من طرف مجهولين وضرب عجلاتها بالسكاكين في الشارع، استدنت مبلغاً مالياً قدره 150 دولاراً لإصلاح الأضرار، وأريد المساعدة في البحث عن مرتكبي هذه الأفعال".
أما هيثم عثمان من حي الكورنيش في القامشلي فيوضح لـ"العربي الجديد": "استيقظت في الصباح على صراخ صوت الجيران في الحي، عندما نزلت إلى الشارع رأيت عجلات سيارتي مضروبة والأمر نفسه منطبق على السيارات المركونة في الحي، عقب ذلك حلّت دورية للأسايش (الأمن الداخلي) بعين المكان، وذهبنا إلى مكتبهم، وأخبرونا بأنهم أمسكوا بالفاعلين".
وأضاف "قالوا إنهم أربعة أشخاص استناداً إلى معطيات كاميرات المراقبة في الحي، وبحسب ما بلغنا فإن عدد السيارات المتضررة قرابة 200 سيارة من حي السياحي، والكورنيش، وقد تقدم المتضررون بشكاوى للجهات المعنية، ونتمنى تقديم التعويض عن الضرر".
أما مالك أبو محمد وهو من سكان حي السياحي ومتضرر أيضاً، فيقول لـ"العربي الجديد": "قمنا بمشاهدة الكاميرات وتعرفنا على الفاعلين، واتصلنا بالأسايش، وتم القبض على المتهمين، وكانت أعمارهم تتراوح بين 14 إلى 16 عاماً، وتم إشعارنا بأنه فتح تحقيق رسمي لمعرفة الأسباب وراء تخريب السيارات".
ويتحدث عيسى أبو علي عن صدمته الصباحية لدى ذهابه إلى العمل: "فوجئت بأن إطارات سيارتي قد ثقبت بأداة حادة، كما حاول الفاعلون العبث بعشرات السيارات التي كانت مركونة في الشارع، لكنهم اختاروا القريبة من الرصيف كي لا يشاهدهم أحد، وقد كلفتني تلك التصليحات ما يقارب 30 دولاراً، فيما لا يزال الفاعلون مجهولين".
وطالب أبو علي "الإدارة الذاتية" التابعة لـ"قوات سوريا الديمقراطية"، التي تسيطر على مناطق شمال شرقي سورية، بالتحقيق في الموضوع وكشف ملابساته ومحاسبة المجرمين "حتى يصبحوا عبرة لغيرهم".
من جهته يشير محمود عبده لـ"العربي الجديد"، إلى أن سياراته تعرضت للسرقة بعد تخريبها، وأقدم اللصوص على سرقة هاتف محمول له ومبلغ مالي كان داخلها، ويتابع: "خرج الأمر عن السيطرة، وكأن المدينة ليست فيها أي أجهزة أمنية، كيف يمكن تخريب وسرقة هذا العدد الكبير من السيارات في مدينة القامشلي، أين قوى الأمن وأين المسؤولون؟ نطالب بوضع حد للتخريب والسرقات التي فاقت كل الحدود خلال اليومين الماضيين".
وتعليقاً على هذه الظاهرة، يقول الباحث التربوي فريد سعدون لـ"العربي الجديد": "أعتقد أن هذا الانفلات الذي يقف وراءه في الغالب شباب وفتيان يسرقون ويخربون له عدة عوامل، أهمها الفراغ الحاصل بعد تدمير المنظومة التعليمية والتربوية في المنطقة، انتشار الإدمان والتسول وعمالة الأطفال، التمايز الطبقي الصارخ الذي حدث في المجتمع، وهذا ولّد لدى هذه الفئات ردود فعل سلبية تجاه طبقات معينة".
ويضيف "لا يخفى اليوم أن الشارع غير منضبط، وليس هناك أمن كاف، وإلا فما يبرر ظاهرة سرقة السيارات من أمام البيوت تحت رقابة الكاميرات، إنه تعبير عن فقدان الأمن وعدم قدرة المسؤولين على ضبط الأمن وغياب المحاسبة والعدالة".