بدأ التضامن الطلابي في مصر مع أهالي غزة فور عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وشهد تنظيم تظاهرات حاشدة في الجامعات والميادين العامة والشوارع الرئيسية.
واستغل الطلاب المتظاهرون حينها سماح السلطات بإعلان الشعب رفضه التهجير القسري للفلسطينيين إلى سيناء، ونظموا احتجاجات عبرت عن دعمهم ومساندتهم للقضية الفلسطينية، ثم منع التشديد الأمني والقيود التي فرضتها السلطات على التجمعات الجماهيرية والتظاهرات، لكن ذلك لم يجعل التضامن الطلابي في مصر ينحصر في تظاهرات الأيام الأولى من العدوان على غزة، بل توسع إلى أشكال أخرى عكست التعاطف مع أهالي غزة، وأبرزها مواكبة الطلاب تجهيز المؤسسات الخيرية والاجتماعية قوافل تبرعات احتوت مساعدات يحتاجها سكان القطاع، وتلبية دعوات حملات أطلقت لتشكيل فرق طبية من أجل تقديم معالجة مصابين في سيناء.
كما تحوّلت بوابات الجامعات المصرية إلى أماكن ثابتة لتنظيم حملات للتبرع بالدم لصالح أهالي غزة، والتي أشرفت عليها وزارة الشباب والرياضة بالتنسيق مع وزارة الصحة، وشهدت استجابة كبيرة من الطلاب وأعضاء هيئات تدريس والعاملين.
ولم يتوقف الأمر على حملات التبرع والمساعدة في الجامعات، إذ لجأ طلاب إلى منصات التواصل الاجتماعي لإعلان الدعم ونشر أخبار المقاومة، وفضح الجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها قوات الاحتلال، إضافة إلى تنظيم حملات لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية وتلك التي تنتجها شركات عالمية تدعم الكيان الصهيوني.
ورغم التحديات التي تواجه رواد هذه المنصات، يؤكد متابعون النجاح في إقناع المواطنين بالانضمام إلى حملات المقاطعة، في وقت يتحايل طلاب على شروط "فيسبوك" لنشر أخبار بطولات المقاومة الفلسطينية، وصمود أهالي غزة على صفحاتهم الشخصية.
لكن ذلك لا يمنع الطالب في كلية الهندسة محمد عادل من القول لـ"العربي الجديد" إن "تظاهرات الاحتجاج التي نظمت لدعم فلسطين منذ بداية العدوان الاسرائيلي على غزة غير كافية مقارنة بتلك السابقة التي كانت تجتاح الجامعات المصرية وتملأ الساحات خلال أحداث مشابهة عدة. ويؤكد أن "تاريخ الحركة الطلابية المصرية عريق ومؤثر في النضال الوطني، والفعّاليات والاحتجاجات التي تشهدها الجامعات مهمة للتعبير عن مشاكل وهموم المجتمع المصري".
ويوافق الناشط السياسي وعضو اتحاد كلية التربية سابقاً محمد محسن، في حديثه لـ"العربي الجديد"، على أن "لا وجود لتحركات طلابية حقيقية في الوقت الحالي، في ظل سيطرة النظام على العمل السياسي، وتطبيقه خططاً مدروسة للقضاء على هذه الحركات في الجامعات، ومنع المشاركة فيها، باعتبارها المحرك الأساسي للشارع السياسي في مصر". لكن الطالبة في كلية التجارة صفاء إبراهيم تخالف هذا الرأي، وتعتبر أن التظاهرات الحالية لطلاب الجامعات لا يمكن أن تقاس بحجمها أو عددها، فهي تأتي في شكل عفوي يتفاعل مع التطورات الميدانية للأحداث، والرغبة في التعبير عن مشاعر الغضب وإظهار التضامن مع الإخوة في فلسطين ودعمهم ومساندة قضيتهم.
وتشير الى تنظيم تظاهرات في عدد من الجامعات المصرية في القاهرة والإسكندرية، ومشاركة الطلاب في كثير من الفعّاليات للتعبير عن رفض عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة الذي خلّف آلاف القتلى والجرحى في صفوف أبناء الشعب الفلسطيني.
من جهته، يقول أحمد أمام، عضو اتحاد طلاب كلية الهندسة بجامعة الإسكندرية، لـ"العربي الجديد": "حين تبلغنا رفض الجهات الأمنية السماح بتنظيم تظاهرات لدعم غزة داخل الجامعة أو خارجها تحركنا ضمن الحدود المسموح بها عبر نشر التوعية بالقضية الفلسطينية في مواقع التواصل الاجتماعي، والدعوة إلى التبرع للفلسطينيين ومقاطعة منتجات الاحتلال".
يضيف: "تطور التحرك الطلابي منذ بداية العدوان على غزة، وتوّحد بالتعاون مع المؤسسات الرسمية والقنوات الشرعية للدولة بهدف تقديم دعم ومساعدة لأهالي غزة في هذه الظروف الصعبة. وهكذا تحوّلت التظاهرات الاحتجاجية التي عبرنا عنها في البداية إلى جهود ملموسة تنسجم مع الإطار القانوني الذي تحدده الدولة. ونحن نؤمن بقوة بأهمية العمل من خلال المؤسسات الرسمية والقنوات الشرعية لتقديم الدعم المناسب ومساعدة أشقائنا في غزة، من خلال التعاون في شكل وثيق مع التحالف الوطني للعمل الأهلي والأحزاب والمؤسسات الرسمية في تنظيم حملات لجمع التبرعات والدعم المادي للمتضررين من العدوان".
ويقول محمود طلبة، عضو اللجنة الشعبية لدعم فلسطين (منظمة مجتمع مدني مستقلة)، لـ"العربي الجديد": "تحوّل دور طلاب الجامعات من التظاهر إلى الدعوة إلى إرسال التبرعات والمساعدات الإنسانية لصالح أهالي غزة عبر منصات التواصل الاجتماعي. وهم يوضحون للمواطنين سبل إرسال التبرعات المالية والعينية إلى الجهات التي تعمل بالتنسيق مع التحالف الوطني لدعم العمل الأهلي والتنموي (حكومي) الذي يجهّز قوافل إغاثة لغزة".
أما الطالبة في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة الإسكندرية، هند منصور، فتقول لـ"العربي الجديد": "أصبحت حملات التبرع بالدم الوسيلة الأهم لدعم أهالي غزة بالنسبة إلى الطلاب، في وقت تفرض قيود كبيرة على التظاهرات والتبرعات وكل أشكال التضامن".