يرتبط فتح أبواب الجامعة اللبنانية للعام الجامعي 2020/ 2021 بمعدّل انتشار فيروس كورونا الجديد من جهة، وبموقع كلّ فرع من فروع الجامعة، الرسمية الوحيدة في لبنان، من جهة أخرى. تستمر المدارس والجامعات بقرار الإغلاق في المناطق الموبوءة، التي صُنّفت مناطق حمراء معزولة، كما سيتجدد الإغلاق في جميع المناطق بدءاً من هذا السبت، أسبوعين على الأقل. أمّا طلاب الجامعة اللبنانية، الذين كانوا يجدون في الجامعة الوطنية المعروفة بـ"جامعة الفقراء" والتي تضم 80 ألف طالب، متنفساً وحيداً لمتابعة تحصيلهم الجامعي من دون أن تكويهم الرسوم الباهظة، باتوا اليوم أمام تكاليف إضافية لا طاقة لهم على تحمّلها، سواء لناحية السكن والمواصلات أو حتّى تصوير المواد والمحاضرات وطباعتها.
في حديثه إلى "العربي الجديد" يؤكّد صاحب مكتبة محاذية لأحد فروع الجامعة اللبنانية أنّ "الأسعار ارتفعت بشكل فائق، بعدما باتت حياتنا اليومية والمهنية مرتبطة بالدولار الأميركي، فورق الطباعة ارتفع سعره ويُشترط أن ندفعه بالدولار ووفق سعر الصرف في السوق السوداء (7500 ليرة تقريباً، مقابل 1500 وفق سعر الصرف الرسمي). كلّها عوامل أدّت إلى زيادة التكلفة علينا وعلى الطلاب، ناهيك بصعوبة تأمين الحبر، والذي نضطرّ لاستيراده بكميات صغيرة تقدر بغرامات، لا سيّما للماكينات الكبيرة، ونسدّد كذلك ثمنه بالدولار. وفي حال تعطّلت إحدى ماكينات الطباعة، فلا بديل جديداً عنها، إنّما نحاول صيانتها لتيسير أمورنا".
ويشير إلى أنّ "الطلاب بغالبيّتهم باتوا يعتمدون على البريد الإلكتروني كوسيلة لتلقّي المواد والمحاضرات، كما لإرسال التقارير والأبحاث والعروض التقديمية المطلوبة منهم. ولا يأتينا سوى الطالب المضطر إلى الطباعة، فنساهم في دعمه وتوفير الكلفة عليه، من خلال الطباعة على الورقة الواحدة من الجهتين، وتصغير حجم الحرف، وغيرهما من الطرق".
صاحب المكتبة نفسه، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، يضيف: "اعتدتُ تأجير الشقق السكنية الثلاث المحاذية للجامعة إلى الطلاب، غير أنّ حركة التأجير خلال العام الماضي اقتصرت على الفصل الجامعي الأول، جرّاء انتفاضة أكتوبر/ تشرين الأول 2019 (حراك شعبي مطلبي وسياسي) وتفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية، ومن ثمّ تفشّي جائحة كورونا وإقفال البلاد، وبالتالي الجامعات. أمّا هذه السنة فما زال مصير العام الجامعي مجهولاً، لكن، في حال فتحت الجامعة أبوابها، فمن الطبيعي أن تتضاعف القيمة التأجيرية للسكن الطالبي، لتلامس 600 ألف ليرة لبنانية (400 دولار رسمياً، ونحو 80 دولاراً في السوق الموازي) كحد أدنى لكلّ سرير، خصوصاً مع ارتفاع فاتورة الكهرباء والإنترنت واستمرار انقطاع المياه والاضطرار لشرائها".
القرطاسية ارتفعت أسعارها نحو خمسة أضعاف، كونها مستوردة بالكامل
وفي سياقٍ متصل، يكشف مدير الخدمات لدى إحدى المكتبات المعروفة في لبنان، أنّ "حركة الطباعة والتصوير تراجعت بشكلٍ ملحوظٍ هذه السنة، نظراً للظروف الاقتصادية وتضاعف الأسعار، إذ باتت تقتصر على حركة خجولة عند اللزوم، ترتبط بتعثّر البعض في فهم الدروس أو إنجاز الفروض الجامعية والمدرسية لعدم اعتياده على الشاشة الذكية. كما أنّ التوجّه العام نحو التعلّم عن بُعد، وما يرافقه من اعتماد على الأجهزة الإلكترونية كبديل عن الورق، ساهم بدوره في الحدّ من هذه الحركة". ويقول لـ"العربي الجديد": "الأسعار الباهظة طاولت القرطاسية التي ارتفعت نحو خمسة أضعاف، كونها مستوردة بالكامل. أمّا كلفة الطباعة والتصوير فقد ارتفعت ضعفَي ما كانت عليه، نظراً لارتفاع سعر الحبر والورق".
من جهته، يوضح الطالب الجامعي هادي الفرو، كيف ارتفعت الكلفة على الصعد كافة. ويقول لـ"العربي الجديد": "لم تعد كلفة النقل نفسها، بل زادت بمعدل مرة ونصف تقريباً. أمّا بالنسبة للطباعة فقد زادت بمعدل ثلاث مرات، لكن لا يمكننا الاستغناء نهائيّاً عن الورق، فجهاز الكومبيوتر يسبّب آلاماً ومشاكل في العيون بعد طول استخدامه في القراءة"، لافتاً إلى أنّه اضطر عند تصوير كتب الفصل السابق، إلى دفع نحو 170 ألف ليرة (113 دولاراً رسمياً) بعد عرض من صاحب المكتبة له، فقد دفع زملاؤه 200 ألف ليرة (133 دولاراً رسمياً) في مكتبة أخرى". يتابع الفرو: "كنتُ أدفع 200 دولار أميركي شهريّاً مقابل السكن إلى جانب الجامعة، لكنّ السعر قد ارتفع طبعاً هذه السنة، عدا عن كلفة الطعام الباهظة، فالشطيرة الواحدة التي كانت تُباع بخمسة آلاف ليرة (3.3 دولارات رسمياً) باتت اليوم بـ 15 ألف ليرة (10 دولارات رسمياً) بالإضافة إلى ارتفاع كلفة المستوى المعيشي ككلّ".
وإذ يؤكّد بعض الطلاب أنّ أسعار السكن في مجمّع رفيق الحريري الجامعي، في منطقة الحدث (مجمّع سكني تابع للجامعة اللبنانية) ما زالت على حالها كما العام الماضي، بقيمة تأجيرية شهرية تبلغ 167 ألف ليرة لبنانية (111 دولاراً رسمياً) لكلّ سرير، فإنّهم يشيرون إلى أنّ "باب التسجيل للسكن الجامعي للطلاب الجدد لم يُفتح بعد، فمصير السكن الجامعي كما بداية العام الدراسي الجديد ما زال مجهولاً".