طالبان تحظر كتابة الأطباء أسماء الأدوية بالرموز

11 أكتوبر 2022
كان الأفغاني يخضع لفساد الطبيب والصيدلية (فاروق نعيم/فرانس برس)
+ الخط -

بعد حملة مشددة ضد استيراد الأدوية غير القانونية والمهربة، بدأت حكومة طالبان اتخاذ خطوات إضافية لإصلاح قطاع الصحة، من بينها حملة ضد وصفات الأدوية التي تكتب بالرموز، وليس بشكل واضح، والتي تتيح الفرصة للفساد، وتعد من أهم أسباب تفشي بيع الأدوية المهربة، بل والأدوية منتهية الصلاحية.

وكان بعض أطباء أفغانستان يكتبون وصفات الأدوية بالرموز، ما يجبر المريض على أن يشتريها من صيدلية بعينها، تكون مملوكة للطبيب نفسه في أغلب الأحيان، أو بينه وبينها اتفاق على نسبة من الربح، كما كانت الأدوية الرديئة تباع للمرضى مقابل ربح أكبر مقارنة بالأدوية التي تنتجها شركات عالمية.
وأثيرت القضية خلال الأعوام الماضية في سياقات مختلفة، ولكن من دون جدوى، إذ كان قطاع الصحة الأفغاني من القطاعات الغارقة في الفساد، بيد أن حكومة طالبان بدأت بإجراء إصلاحات فيه، كانت الخطوة الأولى منها منع تهريب الأدوية كونها سبب الفساد الرئيسي.
وأعلنت الحكومة مؤخراً، في بيان، منع الأطباء من إعطاء وصفات للمرضى بها رموز للأدوية، أو مكتوبة بشكل غير واضح، أو غير مفهوم، أو تضم أي دواء غير قانوني، وأصدرت آلية تحدد كيفية إعطاء الأطباء الوصفات الطبية للمرضى في جميع الأقاليم، وقال بيان الوزارة إن "كتابة رموز الأدوية يعتبر جريمة، والجهات الأمنية ستلاحق كل من يفعل ذلك".
ولم تكن وسائل الفساد تلك وليدة اليوم، بل هي موجودة منذ سنوات، لكنها انتشرت خلال العقدين الماضيين بشكل أكبر بالتزامن مع ضعف الرقابة على القطاع الصحي.
وكانت بعض مصانع الدواء في شمال غرب باكستان، وكثير منها داخل منازل قرب الحدود الأفغانية، تتعاقد مع الأطباء الأفغان، وتصنع لهم أدوية بثمن رخيص، ليبيعها الأطباء في صيدلياتهم الخاصة، ويكون المريض مجبراً على شراء تلك الأدوية لأنهم يكتبون الوصفات برموز لا يعرفها إلا صاحب الصيدلية.
ووجهت السلطات خطابات رسمية إلى أجهزة القطاع الصحي الحكومي وغير الحكومي، بينت فيها بشكل مفصل كيفية كتابة الأطباء للوصفات الطبية، وطالبت لجان المراقبة المحلية في الولايات بأن تراقب الأمر، وأن تتخذ الخطوات اللازمة عند الضرورة، مؤكدة أن "القرار نهائي، وأي استثناء غير مقبول".

الصورة
بعض أطباء أفغانستان يملكون الصيدليات أيضا (Getty)
بعض أطباء أفغانستان يملكون الصيدليات أيضا (Getty)

وطلبت وزارة الصحة من أصحاب الصيدليات إبلاغ لجان المراقبة حين وصول أي وصفة طبية غير واضحة، وأن على الصيدليات كتابة أسعار الأدوية بشكل واضح، وأن تعطي نسخة من الفاتورة للمريض، في محاولة للقضاء على بيع الأدوية بأسعار مرتفعة. 
كما ناشدت الوزارة المواطنين إبلاغ لجان المراقبة في حال كتابة الطبيب الوصفة بشكل غير واضح، أو في حال بيع الصيدلية الأدوية بأسعار مرتفعة.
ولاقت الخطوة قبولاً واسعاً لدى المواطنين والمهتمين بقطاع الصحة، يقول التاجر الأفغاني فضل الرحيم، من العاصمة كابول، إنه بات يشتغل في استيراد المواد الغذائية من باكستان، لكنه في السابق كان يشتغل في استيراد الأدوية، ويوضح لـ"العربي الجديد"، أن "هذه القرارات مهمة، لأن كتابة الوصفات بالرموز كان متفشياً، وكان يتيح الفساد عبر استيراد الأدوية التي تصنع في منازل ومصانع صغيرة في باكستان من أجل تصديرها إلى أفغانستان بشكل غير قانوني، والتي كانت تدر أرباحاً كبيرة، كما كانت تتيح الفرصة لبيع الأدوية بأسعار مرتفعة، لأن المريض مرغم على أن يشتري الأدوية من صيدلية محددة، إما مملوكة للطبيب، أو بينه وبينها اتفاق".

ويضيف فضل الرحيم: "الآن، عندما تكتب الوصفات الطبية بشكل واضح، سيعرف الجميع ما هي الأدوية، ولأي شركة تعود، كما يمكن العثور عليها في الأسواق، خاصة وأن طالبان أمرت الأطباء بكتابة أصل الدواء، لأن لكل دواء اسم علمي، واسم تجاري، وهذا سيضع حداً للفساد القائم".
ويقول الطبيب نقيب الله سلطان محمد لـ"العربي الجديد"، إن "الفساد كان مستشرياً في كل القطاعات، ولكنه في قطاع الصحة كان أكبر، و الحكومات السابقة كانت عاجزة عن فعل أي شيء، وكان من أهم مظاهر الفساد إعطاء الوصفات للمريض بالرموز، والذي كان يتيح الفرصة للأدوية غير المعيارية، والأدوية منتهية الصلاحية، وكان معظم أطباء البلاد ضالعين في ذلك، المواطن الأفغاني المسكين كان يدفع الثمن".
ويؤكد أن "قرار طالبان مهم للغاية، ليس فقط للمواطن، بل لمستقبل قطاع الصحة، وأتعجب من صمت الأطباء ونقاباتهم طوال سنوات حيال هذا الموضوع المهم الذي يدمر مهنتهم ويسيء إلى سمعتهم".

المساهمون