ضحايا مجزرة سجن أبو سليم يستحقون الإنصاف

31 مايو 2021
قتل 1269 سجيناً في المجزرة (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

أعلنت الدائرة الجنائية الثانية بالمحكمة العليا الليبية، أخيراً، نقض الحكم الصادر عن الدائرة الجنائية التاسعة بمحكمة استئناف طرابلس، بشأن المجزرة التي جرت في السجن الواقع بالعاصمة طرابلس، في عام 1996، والذي قضى بسقوط التهم عن جميع المتهمين، لتقرر إعادة النظر في القضية مجدداً من قبل دائرة جنائية أخرى.
وقال المستشار القانوني لرابطة شهداء مذبحة أبو سليم، مصطفى المجذوب، في تصريحات صحافية عقب القرار، إن "الدائرة الجنائية الثانية بالمحكمة العليا قبلت الطعون المقدمة من رابطة شهداء مذبحة أبو سليم، ومن النيابة العامة"، مضيفاً أن المحكمة قضت بإعادة الدعوى كاملة إلى محكمة استئناف طرابلس لتحديد دائرة جنائية جديدة، معبراً عن أمله في أن تقبض السلطات على كل المتهمين في المجزرة، وتقدمهم إلى العدالة، وتعيد النظر في حقيقة الاتهامات الموجهة لهم وفق القانون.
ومنذ بدأت المحاكم الليبية إعادة النظر في القضية، بعد نجاح الثورة في إسقاط النظام السابق في عام 2011، ينتظر أهالي ضحايا المجزرة إنصاف أبنائهم، لكن المحكمة قضت في ديسمبر/ كانون الأول 2019 بإسقاط التهم عن المتهمين، ما أثار سخط الأهالي، ورغم عدول المحكمة عن حكمها، وتأكيدها إحالة المتهمين إلى محكمة جنائية أخرى، إلا أن بعضهم لا يبدون متفائلين.
وتعرف مجزرة سجن أبو سليم بأنّها من أكبر الجرائم التي اقترفها نظام العقيد معمر القذافي، خلال سنوات حكمه الأربعين، وقد وقعت في 30 يونيو/ حزيران 1996، عندما داهمت قوات الأمن السجن الأكثر تحصيناً في البلاد، والواقع في وسط العاصمة، وفتحت النار مباشرة على النزلاء بزعم تمردهم، ما أوقع 1269 قتيلاً، قبل أن تخفي جثثهم في مقبرة جماعية في باحة السجن.
وينتمي السجناء القتلى إلى أفكار متعددة المشارب والاتجاهات، وغالبيتهم من سجناء الرأي، ورغم أن غالبية الضحايا يحملون الجنسية الليبية، إلا أنه كان من بينهم أيضاً من ينتمون إلى جنسيات عربية، ومن بينهم فلسطينيون.
وقضى الحكم الصادر عام 2019 بإسقاط التهمة عن خمسة من المتهمين لوفاتهم، وعن اثنين آخرين غيابياً، وإسقاط التهم عن المتهمين الباقين وجاهياً بسبب "مضي المدة وتقادمها"، دون أن تذكر المحكمة عدد المتهمين.

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

وتحدث سالم الحوتي، أحد أهالي ضحايا المجزرة، عن حالة من اليأس والإحباط تسبب فيها الحكم السابق، مشيراً إلى أنه لا يبدي تفاؤلًا بشأن التحول الجديد في القضية. وأوضح الحوتي لـ"العربي الجديد" ضرورة محاكمة المتهمين بشكل نزيه، ووفقاً لعدالة القانون، مضيفاً أن "القضية قضية رأي عام، ولم تعد تهمنا فقط كليبيين، بل هي مؤشر على نزاهة القضاء".
من جانبها، طالبت رابطة أهالي ضحايا مجزرة أبو سليم بضرورة إصلاح القضاء، وتعديل التشريعات في البلاد، مؤكدة حق أهالي الضحايا في الاحتجاج بكافة السبل وفق مبدأ التظاهر السلمي. واتهمت الرابطة، في بيان، الجهات القضائية بـ"إهمال القضية"، معتبرة أن التلكؤ وإطالة أمد النظر في القضية أتاحا الفرصة لإسقاط التهم عن المتورطين بحجة "مضي المدة"، بينما يعتبر استمرار الإهمال متعارضاً مع المبررات التي قامت من أجلها ثورة فبراير ضد النظام السابق.
وطالبت الرابطة مؤسسات المجتمع المدني والنشطاء بـ"تكثيف التواصل مع المنظمات والجهات الحقوقية الدولية، بما في ذلك اللجوء إلى القضاء الدولي"، مؤكدة أن المجزرة تعد "جريمة ضد الإنسانية، ولا تسقط بالتقادم".
ورغم مقتل أكثر من 1200 نزيل في سجن أبو سليم بالعاصمة طرابلس، في عام 1996، إلا أن الجريمة ظلت طي الكتمان لسنوات طوال، إلى أن أبلغت سلطات النظام السابق أهالي الضحايا بمقتلهم في نهاية عام 2009، ما جعلهم يلجأون إلى تنظيم وقفات احتجاجية للمطالبة بفتح تحقيق في الجريمة.
وكانت المجزرة من بين أبرز القضايا التي أثارها الليبيون إبان اندلاع الثورة في 2011، كما تعتبر من أبرز القضايا المقامة ضد صهر القذافي رئيس جهاز الاستخبارات، عبد الله السنوسي، والذي تم القبض عليه في 2011، باعتباره من أبرز المتهمين فيها، وكانت أحد أسباب الحكم عليه بالإعدام في منتصف عام 2015. 

ويقول سالم الحوتي إن عناصر مخابراتية أبلغت بعضاً من أهالي الضحايا بإمكانية تعويضهم مادياً مقابل وقف الاحتجاجات، ويشير إلى أن "الضغوط التي يمارسها الرأي العام أجبرت المحكمة على قبول الطعن، ونقل القضية إلى محكمة جنائية أخرى، لأن مذكرات الطعن بينت العديد من الأسباب القانونية لإبطال الحكم السابق بإسقاط التهم عن المتورطين".
وقال إن "من بين الأسباب أن المحكمة ليس لديها حصر رسمي بعدد المتهمين حتى الآن، ما يعني أنها لم تواصل التحقيق، ما يجعل الحكم منقوصاً، وهناك جانب آخر يتعلق بالضحايا، فبعض الأسر لم تبلغ بمقتل أبنائها السجناء في ذات السجن، ولم تصدر لهم شهادات وفاة، وتم تصنيفهم باعتبارهم مفقودين، فضلاً عن أسباب أخرى يمكن أن يفيد فيها إجراء تحقيق نزيه في القضية".

المساهمون