مع الارتفاع الشديد في درجات الحرارة وتكرر انقطاع التيار الكهربائي، أصبحت المسابح الخاصة داخل الأحياء السكنية الملاذ الوحيد للمواطنين العراقيين هرباً من قيظ الصيف الذي لا يحتمل. وعزز هذا الواقع استمرار حوادث الغرق في نهري دجلة والفرات اللذين يشهدان أيضاً نسبة تلوّث عالية، ما يتسبب في أمراض جلدية للسابحين.
بات إنشاء المسابح في العراق من المشاريع التجارية الناجحة التي تجلب مكاسب جيدة بسبب الإقبال الكبير عليها. ويخبر بعض روادها "العربي الجديد" أن "المسابح الحكومية تحديداً أصبحت الملاذ الوحيد لهم للهروب من حرّ الصيف، رغم أن غالبيتها تفتقر إلى التأهيل الجيد، وتعاني من إهمال وسوء الخدمات المقدمة".
وفي مسبح بحي العدل وسط العاصمة بغداد تغص أحواض السباحة بعشرات الشبان من أعمار مختلفة. ويقول الشاب سيف أحمد لـ"العربي الجديد": "تواجد الشبان في هذه المسابح من فترة ما بعد الساعة العاشرة صباحاً حتى أوقات متأخرة من الليل مرتبط بالهرب من الارتفاع الشديد في درجات الحرارة، وعدم توفر التيار الكهربائي لساعات طويلة قد لا تتجاوز 4 ساعات يومياً. والسباحة رياضة محبوبة وممتعة، ومن الجيد ممارستها خاصة أن المجمعات المائية أصبحت متطورة جداً وكثيرة وتنتشر في غالبية مناطق العاصمة بغداد".
يضيف: "المسابح هي المتنفس الوحيد للترفيه عن أنفسنا، وتناسي حرارة الصيف، وارتيادها لا ينحصر في فئة الشباب، إذ تفضل عائلات قضاء فترات الظهيرة مع أطفالها داخل المسابح هرباً من حرارة الشمس، ولتخفيف معاناة أفرادها من هموم الطقس والتلوّث عموماً".
وتتجاوز درجات الحرارة في العراق خلال الصيف 45 درجة مئوية، وتترافق مع انقطاع التيار الكهربائي فترات طويلة، ما يدفع العراقيين إلى تنظيم تظاهرات وقطع الطرق الرئيسة وحرق الإطارات للاحتجاج على سوء الخدمات وانقطاع التيار الكهربائي في ظل ارتفاع درجات الحرارة.
ويقول عماد الكربولي لـ"العربي الجديد": "أقطع مع أبنائي الثلاثة يومياً المسافة سيراً على الأقدام من أجل الوصول إلى أقرب مسبح من منزلي في مدينة الطارمية، وأمضي معهم ساعات الظهيرة الحارّة داخل الأحواض".
يتابع: "كان معظم الشبان يمضون أوقاتهم سابقاً في نهري دجلة والفرات، وتلك الصغيرة التي تتفرع منهما للتخلص من حرّ الصيف. ونتيجة حالات الغرق الكثيرة التي يرونها أو يسمعون أخبارها يومياً أصبحوا يفضلون الذهاب إلى المسابح والمدن المائية".
وأمل في أن تلتزم كل إدارات المسابح والمجمعات المائية في العاصمة التعليمات والإجراءات الصحية، خاصة أنها تشهد إقبالاً واسعاً، ما يزيد احتمال ارتفاع نسبة انتقال الأمراض بين المرتادين.
وفي بغداد تحديداً، أفتتح عدد من المسابح الحكومية بمواصفات متباينة، لكن الكثير منها ما زال يعاني من إهمال إلى جانب عدم القدرة على استيعاب أعداد كبيرة من الرواد، ما يدفع البعض إلى العودة إلى الأنهر مجدداً، ما يعرّضهم لمخاطر الغرق.
التقيّد بالتعليمات
من جهته يوضح مدير مسبح الغدير وسط بغداد مهند ياسين لـ"العربي الجديد" أن "السباحة في مدن مائية أصبحت لا تقتصر على الرجال فقط، إذ تخصص مسابح للنساء. وقد انتشرت المسابح في العراق بشكل كبير خلال العام الحالي لا سيما بعد انحسار فيروس كورونا".
يضيف: "يتوافد المواطنون إلى المسابح يومياً بدءاً من الساعة 12 ظهرا ويستمر وجودهم حتى ساعات متأخرة من الليل للهرب من ارتفاع درجات الحرارة. وإيرادات المسابح خلال شهر يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز وأغسطس/ آب جيدة جداً بسبب ارتفاع درجات الحرارة إلى أعلى مستوياتها خلال هذه الأشهر، وصولاً إلى أكثر من 50 مئوية في بعض محافظات الجنوب".
ويشير إلى أن "سعر بطاقة الدخول إلى المسابح في بغداد تتراوح بين 10 آلاف دينار (7 دولارات) وما فوق، بحسب المنطقة التي يقع فيها المسبح والخدمات المقدمة من قبل إدارة إدارته إلى مرتاديه".
وحول إجراءات الوقاية يقول ياسين: "تلزمنا تعليمات وزارة الصحة ووزارة الرياضة والشباب تبديل المياه كل يومين أو ثلاثة أيام، مع معالجتها بمواد تقتل الجراثيم، إضافة إلى مطالبة المواطنين بالاستحمام قبل دخولهم أحواض السباحة بالمياه والمواد المعقّمة".