صيادلة لبنان يضربون ويقفلون أبوابهم: الأمن الدوائي بخطر

صيادلة لبنان يضربون ويقفلون أبوابهم: الأمن الدوائي بخطر

18 مارس 2021
احتجّ الصيادلة على ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء (فيسبوك)
+ الخط -

أطلق صيادلة لبنان، اليوم الخميس، صرخة عالية بوجه ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، وتدهور قيمة العملة الوطنية، وتضخّم الأسعار، تُرجمت بسلسلة اعتصامات ووقفات احتجاجية، منها أمام وزارة الصحة العامة، فيما كان إقفال أبواب الصيدليات سيّد المشهد في أغلب المناطق اللبنانية.

وطالب الصيادلة، خلال وقفتهم الاحتجاجية أمام وزارة الصحة في بيروت، برفع جعالتهم (نسبة الربح على سعر المبيع) التي ما تزال وفق سعر الصرف الرسمي أي 1515 ليرة لبنانية، في حين أنّ سعر الصرف يسجّل أرقاماً جنونية، غير مسبوقة، في السوق السوداء، وصلت إلى 15 ألف ليرة للدولار، وقد خسرت العملة الوطنية أكثر من 90% من قيمتها، والغلاء المعيشي يطاولهم مثل كافة المواطنين اللبنانيين، كما دعوا إلى استيراد الأدوية بالكميات المطلوبة.

وحذّر الصيادلة من أنّ تحرّك الخميس، هو خطوة أولى، ستتبعه خطوات تصعيدية إن لم يتم الاستماع إلى مطالبهم، وعندها سيضطرون إلى إقفال صيدلياتهم.

وعجز المواطنون، اليوم الخميس، عن إيجاد أدوية هم بحاجة إليها، خصوصاً في ظلّ جائحة كورونا، فقد وجدوا أبواب الصيدليات مقفلة بوجههم، حتى تلك التي فتحت واعتصم أصحابها داخلها، رفضت إعطاء الدواء للمواطنين، حتى من كانوا يحتاجون إلى أدوية الأمراض المزمنة، واعتذرت عن عدم استقبالهم لضرورات الإضراب الذي يجب أن يكون الالتزام به جماعياً، للضغط على المعنيين حتى تحقيق مطالبهم.

يقول مالك صيدلية في جونية، شمال العاصمة بيروت، (فضّل عدم الكشف عن هويته) لـ"العربي الجديد"، إنّه "لا يمكن السكوت عن الوضع الراهن بعد اليوم، والإضراب أبسط الخطوات المتاحة للاحتجاج على ما وصلت إليه الأمور في البلاد، اقتصادياً ونقدياً، وانعكاساتها الخطيرة على القطاع الذي لم يعد يقوى على الصمود، واستمراريته باتت مهدّدة نتيجة الخسائر التي منيَ بها. نحن كصيادلة ندرك واجبنا الإنساني ولسنا في مواجهة مع الناس، لكن معيشتنا أصبحت بخطر، إذ إنّ تداعيات الأزمة النقدية والغلاء الفاحش تسري علينا أيضاً وعلى عائلاتنا، في حين أنّ جعالة الصيدلي ما تزال وفق سعر الصرف الرسمي".

ويشير مالك الصيدلية إلى أنّ "الصيادلة يدركون مدى خطورة إقفال أبوابهم بوجه الزبائن الذين يحتاجون إلى شراء الأدوية، ولكن القطاع يعاني أصلاً من انقطاع وشحّ في الأدوية، سواء أضربنا أم لا، وبالتالي الكارثة الصحية موجودة وإلى تفاقم، في حال عجز المسؤولون عن إيجاد الحلول السريعة والعاجلة لأزمة الدولار".

وفي وقتٍ أكّد نقيب الصيادلة غسان الأمين، أنّ النقابة لا علاقة لها بالإضراب، أبدى تفهّمه لصرخة أصحاب الصيدليات والعاملين في القطاع.

وقال النقيب لـ"العربي الجديد"، "الصيدليات هي الآن داخل غرفة الإنعاش ومستقبلها بات في خطر، حيث إنّ أكثر من 600 صيدلية أقفلت أبوابها نهائياً، ومنها من هاجر أصحابها إلى الخارج، وهذا الرقم مرجّح للارتفاع في حال بقيت الأزمة وتفاقمت أكثر في ظلّ غياب الحلول والمعالجات السريعة".

وشدّد النقيب الأمين، على أحقيّة مطالب الصيادلة وخصوصاً لناحية رفع الجعالة، في ظلّ ارتفاع الأكلاف التشغيلية والرأس المال الكبير الذي يتكبّده الصيادلة في عملهم، مع ضرورة ترشيد دعم الدواء بهدف إحداث توازنٍ في السوق.

وناشدت نقابة الصيادلة، رئيس حكومة تصريف الأعمال، حسان دياب، التوقيع ووضع قيد التنفيذ خطة ترشيد دعم الدواء التي تمّ إقرارها في اللجنة المخصّصة لبحث الملف، وذلك قبل فوات الأوان والوقوع في المحظور، وقبل أن يصبح الأمن الدوائي في مهبّ الريح.

وطالبت النقابة، في بيان، بتعديل جعالة الصيادلة للحدّ من خسائرهم التشغيلية المتراكمة، وذلك "من أجل التمكّن من المحافظة على جودة ونوعية الخدمات، كما ومن أجل المحافظة على ما تبقى من هذا القطاع الحيوي الذي بات يندثر يوماً بعد يوم".

ويعاني لبنان من شحّ في الأدوية، خصوصاً تلك المرتبطة بعلاج كوفيد-19 والأمراض المزمنة، مع تأخّر مصرف لبنان المركزي في دعمه للفاتورة الطبية، حيث بات المواطن اللبناني يقصد أكثر من صيدلية وأحياناً يتجه إلى منطقة بعيدة عن مكان إقامته بحثاً عن الدواء.

وقد لجأ اللبنانيون في الفترة الأخيرة، إلى مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات الهاتفية لطلب الأدوية الضرورية والطارئة، والتي يستوجب تناولها بشكل يومي من دون انقطاع، وكانت التلبية سريعة لتأمين الأدوية في لفتة مميزة لمواطنين ما عادوا يملكون إلّا بعضهم البعض للصمود، في ظلّ غياب المسؤولين السياسيين والمعنيين.

كذلك، عمد الكثير من اللبنانيين إلى طلب الأدوية من الخارج ولو بأثمانٍ باهظة نتيجة انقطاعها في لبنان، عن طريق أشخاص وأصدقاء لهم في دول عربية وأوروبية.

المساهمون