شهداء كفر نعمة: فصولٌ فلسطينية من حكايات النضال ضدّ المحتلّ

رام الله

جهاد بركات

جهاد بركات
12 يونيو 2024
مقتل 4 فلسطينيين وإصابة 8
+ الخط -
اظهر الملخص
- في العاشر من يونيو، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي أربعة فلسطينيين في كفر نعمة، بينهم محمد رسلان عبده، الذي نعته حماس كشهيد قسامي، في حادثة تعكس استمرار التوتر في الضفة الغربية.
- الشهداء الآخرون، محمد جابر عبده، وسيم أبو عادي، ورشدي عطايا، يمثلون الصراع المستمر والحياة تحت الاحتلال، مع تنوع انتماءاتهم السياسية وقصصهم الشخصية التي تجسد النضال الفلسطيني.
- الرواية الإسرائيلية تبرر العملية بالرد على هجوم، بينما تشير شهادات فلسطينية إلى اغتيال متعمد، مما يسلط الضوء على الصراع حول الأراضي والمعاناة المستمرة للفلسطينيين في ظل الاحتلال والتوسع الاستيطاني.

مازالت دماء شهداء كفر نعمة، غرب رام الله وسط الضفة الغربية، ساخنة، وآثار عملية اغتيال 4 فلسطينيين على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي في العاشر من يونيو/حزيران الجاري مازالت حاضرة. فوفقاً للفلسطينية سمية عَبَدَه، تأجل موعد استشهاد ابنها محمد رسلان عَبَدَه (22 عاما) سبع سنوات تقريبا، حيث اقتحم وهو فتى قاصر في عمر 15 عاما مستوطنة "حشمونائيم" غرب رام الله، واعتقل حينها في سجون الاحتلال لعشرين شهرا، ليعاود الكرّة وتتهمه قوات الاحتلال بتنفيذ عملية اقتحام أخرى لبؤرة "سدي أفرايم" الاستيطانية المقامة على جبل الريسان الفلسطيني على أراضي قرى كفر نعمة وخربثا بني حارث وراس كركر غرب رام الله، وإحراق بيت متنقل فيه في 9 يونيو/حزيران الجاري، ليستشهد في اليوم التالي بعملية اغتيال نفّذتها قوات خاصة إسرائيلية أمام منزله في كفر نعمة غرب رام الله وسط الضفة الغربية.

شهداء كفر نعمة... حياة من الأسر والصبر

يعود محمد مقاوما وهو في عمر 22 عاما، وقد نعته حركة حماس في بيان رسمي كشهيد قسامي، أي ينتمي لجناحها العسكري كتائب القسام. وشهدت عملية اغتياله استشهاد 3 آخرين بعد محاولتهم الوصول إلى مكان الاغتيال؛ هم الأسير المحرر محمد جابر عَبَدَه (43 عاما)، ووسيم أبو عادي (22 عاما)، ورشدي عطايا (37 عاما).

الصورة
شهداء كفر نعمة في الضفة الغربية، 10 يونيو 2024 (فيسبوك/العربي الجديد)

يروي رسلان عَبَدَه، والد محمد، لـ"العربي الجديد"، تفاصيل عملية الاغتيال، التي يقول إنها كان من الممكن أن تكون عملية اعتقال، لكن قوات الاحتلال أرادت القتل، فعند التاسعة ليلا سمع عبده زوجته تصرخ، مع سماعه صوت إطلاق نار، لينظر من نافذة المنزل، ويشاهد قوات الاحتلال تواصل إطلاق النار على ابنه الذي كان في مركبته، ولم يكن قد ابتعد عن باب المنزل سوى 50 مترا؛ أطلق الجنود النار على المركبة من عدة اتجاهات، بعد أن كانوا متخفّين في المكان، وقد نصبوا كميناً، كما يقول الأب، حيث كان الجنود يكمنون بلا آليات أو جيبات. بعد ذلك أجبر الجنود ذوي محمد رسلان على الدخول إلى المنزل والبقاء داخله، ليسمعوا صوت إطلاق نار كثيف، ويتبين أنه استهداف لمركبة أخرى، انحرفت بعد إطلاق النار عليها ووصلت إلى مزرعة أغنام قرب المنزل ذاته، ويلحق بها الجنود ويكملوا إطلاق النار، ليكتشف رسلان لاحقا أن فيها شهداء كفر نعمة الآخرين.

الصورة
شهداء كفر نعمة في الضفة الغربية، 10 يونيو 2024 (العربي الجديد)

بعد ساعات من حصار المكان ومنع مركبات الإسعاف والأهالي من الوصول، تم احتجاز جثامين شهداء كفر نعمة الأربعة، وفجّرت قوات الاحتلال المركبة الخاصة بمحمد رسلان عبده، بحجة العثور على مواد متفجرة بداخلها، ولباس عسكري، وسلاح، بينما بقيت المركبة الأخرى وقد ملئت بآثار الرصاص وآثار الدماء قرب مزرعة الأغنام.

لماذا جبل الريسان؟

لا تملك العائلة الكثير من المعلومات حول عملية ابنها محمد رسلان، لكنها تعلم ما كان يتمناه؛ الشهادة، كما تقول والدته، "فهو محب لدينه ووطنه، ويغار على الوطن كثيرا"، تضيف والدته أن الله أخر استشهاده مرتين؛ الأولى وهو بعمر 15 عاما، والثانية قبل أيام في جبل الريسان، لكي يستشهد أمام منزلها، لتقرأ له الفاتحة كلما خرجت من المنزل وتذكرت لحظة اغتياله.
كان الشهيد محمد رسلان يعمل في الزراعة وتربية الماشية، ويقضي معظم وقته في عمله، كما تقول والدته، حتى أنه ينام في كثير من الأحيان في المزرعة لرعاية المواشي، ويعود إلى المنزل صباحا، وتعلم العائلة أيضا ثأرها مع البؤرة الاستيطانية، وما عانته من مستوطني تلك البؤرة المقامة على جبل الريسان، فللعائلة أرض قرب البؤرة طرد منها والده كما يروي ثلاث مرات، حيث تعرّض أفراد من العائلة للطرد وإطلاق النار، والهدف أن تحرم أرضهم عليهم بقوة السلاح.

الشهيد محمد جابر عبده.. 20 عاما في المعتقل

من بين الشهداء الثلاثة الآخرين، الأسير المحرر محمد جابر عبده (43 عاما)، والذي نعته حركة حماس قائدا قساميا، فقد سبق اعتقاله لمدة عشرين عاما، يؤكد شقيقه ممدوح لـ"العربي الجديد"، أن 7 سنوات من الأسر قضاها شقيقه في العزل الانفرادي، و12 سنة في العزل الجماعي، لكن الإفراج عنه لم يكن نهاية مطاف ملاحقة الاحتلال له كأسير قسامي سابق، فالتهديدات ضده لم تتوقف، خاصة كما يقول ممدوح بعد اندلاع الحرب على غزة، فضابط الاحتلال هدده أكثر من مرة بعد اقتحام منزله، بأنه سيقوم بتصفيته وتصفية زوجته، وكان يتلقى اتصالات بالمعنى ذاته.

الصورة
أهالي شهداء كفر نعمة في الضفة الغربية، 10 يونيو 2024 (العربي الجديد)

كان محمد جابر قد تزوج قبل أربعة أشهر تقريبا من استشهاده، وكان في انتظار مولوديه التوأم على أحرّ من الجمر. يقول شقيقه إنه توجه فورا مع شبان آخرين إلى مكان اغتيال الشهيد محمد رسلان، بعد أن قال له شبان من القرية بوجود مصاب، وإن جيش الاحتلال انسحب، فتوجه هناك لإسعافه، وفور وصوله بمركبته أطلق الاحتلال النار بكثافة على مركبته، لينضم إلى شهداء كفر نعمة.

الشهيد وسيم أبو عادي... حلم الوطن الحر

ونعت حركة الجهاد الإسلامي الشهيد وسيم بسام أبو عادي (22 عاما) كأحد كوادرها، قائلة إنه استشهد مع الشهداء الثلاثة الآخرين خلال أدائهم واجبهم تجاه وطنهم. ويقول غالب أبو عادي عم الشهيد لـ"العربي الجديد" إن ابن شقيقه شاب طيب خلوق، أحلامه كأي شاب آخر، أن يكون وطنه حرا، وأن يعيش بكرامة كباقي الشعوب. وقال أبو عادي، إن وسيم شاب أعزب، كان عاملا في عدة مجالات، وقد توجه مع الشبان الآخرين إلى مكان اغتيال محمد رسلان، كونه لا يبعد عن منزله أكثر من 300 متر.

الشهيد رشدي عطايا... محاولة إنقاذ تنتهي بشهادة

 يقول رشيد عطايا لـ"العربي الجديد" إن شقيقه رشدي البالغ من العمر 37 عاما، متزوج وله طفل وطفلة، وكان يعمل معه في الأراضي المحتلة عام 1948، وتوقف عن العمل بعد طرد العمال من الداخل بعد الحرب، لكنه لم يستسلم، فقاما بإنشاء عملهما الخاص، وهو عبارة عن مطعم في مدينة رام الله، مؤكدا أن شقيقه كأي شخص توجه لإنقاذ شخص بحاجة إلى المساعدة، فقتله الاحتلال بعملية إعدام بالرصاص ضمن شهداء كفر نعمة الآخرين.

رواية الاحتلال الإسرائيلي

يقول جيش الاحتلال إنه وخلال 24 ساعة قضى على أحد المطلوبين الذين نفّذوا الهجوم على ما أسماها "مزرعة سدي أفرايم"، في إشارة إلى البؤرة الاستيطانية، وإلى الشهيد محمد رسلان عبده. وادعى جيش الاحتلال محاولة رسلان والثلاثة الآخرين الهرب في مركبتين ودهس الجنود "المستعربين"، وقتل جيش الاحتلال من أسماه المطلوب الأساسي والثلاثة الآخرين، وأصيب خلال العملية أحد جنود وحدة "المستعربين" بجروح طفيفة، كما نشرت صورة لما قالت إنه لباس عسكري وسلاح استولت عليهما خلال العملية.

الصورة
شهداء كفر نعمة في الضفة الغربية، 10 يونيو 2024 (العربي الجديد)

 
وكان مستوطنون استولوا على قمة جبل الريسان وأنشأوا بؤرة استيطانية تحت مسمى بؤرة زراعية، في عام 2018، على أراضي ثلاث قرى غرب رام الله، هي كفر نعمة، ورأس كركر، وخربثا بني حارث، ما أدى حينها إلى احتجاجات فلسطينية استمرت أشهرا بمسيرات أسبوعية، أصيب خلالها العديد من الشبان.

وهذه البؤرة كانت مكانا لاستشهاد كل من الشاب خالد نوفل في فبراير/شباط 2021، وهو من قرية رأس كركر المجاورة، وطارق معالي في يناير/كانون الثاني 2023، حيث استشهدا برصاص مستوطنين، بادعاء محاولتهما تنفيذ عمليات، لكن الأهالي في حينها أكدوا أن كل من يقترب من الأراضي المجاورة لهذه البؤرة يتعرض للمضايقات، رغم أنها أراض يملكها فلسطينيون ويزرعونها على مدار الوقت.

وسبق واعتقل الاحتلال قرب البؤرة الاستيطانية الأسيرة المحررة أنهار الديك، وهي حامل في مارس/آذار 2021، بعد الاعتداء عليها بالضرب بذريعة محاولتها تنفيذ عملية طعن كذلك، ويخشى الأهالي من أطماع للمستوطنين للاستيلاء على مزيد من الأراضي حول البؤرة الاستيطانية التي تمت السيطرة على أراضيها بالقوة وبحماية جيش الاحتلال قبل سنوات.

ذات صلة

الصورة
مشهد من دير البلح وسط قطاع غزة - يوليو 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

أفاد رئيس بلدية دير البلح في وسط قطاع غزة ذياب الجرو "العربي الجديد"، بأنّ المدينة التي ادّعى الاحتلال أنّها آمنة تتعرّض مناطق فيها لاستهداف عسكري متواصل.
الصورة
منظر للدمار في منطقة المواصي بخانيونس بعد الهجوم الإسرائيلي، 14 يوليو 2024 (الأناضول)

منوعات

دشن متابعون فلسطينيون وعرب وسم #العربية_شريك_في_الإبادة، ليعبروا عن غضبهم إزاء تغطية القناة العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.
الصورة
دخان ودمار في تل الهوى في مدينة غزة جراء العدوان الإسرائيلي، 10 يوليو 2024 (الأناضول)

سياسة

تراجعت قوات الاحتلال الإسرائيلي من منطقتي الصناعة والجامعات، غربي مدينة غزة، اليوم الجمعة، بعد خمسة أيام من عمليتها العسكرية المكثفة في المنطقة.
الصورة
وزير خارجية المغرب بعد قمة النقب في إسرائيل، 28 مارس، 2022 (Getty)

سياسة

أفادت وسائل إعلام عبرية، بأن دولة الاحتلال الإسرائيلي تواصل بالتوازي مع حرب الإبادة التي تشنها على قطاع غزة، تعزيز علاقتها الأمنية مع المغرب.
المساهمون