استخدم جيش الاحتلال، كعادته، ذريعة نية الدهس لتبرير إقدامه على قتل زوجين وطفلة، عند حاجز الجيب العسكري شمال غرب القدس المحتلة، علماً أن الإقدام على عملية مماثلة يعد مستحيلاً في هذا الموقع
دحضت عائلة الشهيد محمد مزيد أبو عيد، الذي استشهد برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي عند حاجز الجيب العسكري شمال غرب القدس المحتلة برفقة زوجته بينما كانا متوجهين إلى بيت عزاء في المنطقة، رواية الاحتلال بشأن قيام الشهيد بدهس متعمد لاثنين من جنود الحاجز، وهو ما يبينه شريط فيديو يظهر سيارة الشهيد وهي تسير ببطء خلف مركبة عمومية من نوع فورد، وقد تعرضتا لاطلاق نار كثيف من قبل جنود الحاجز واستشهدت في المركبة العمومية طفلة في الخامسة من عمرها.
يقول سائد أبو عيد وهو ابن عم الشهيد محمد، في حديث لـ "العربي الجديد": "الشهيد، وهو عامل بناء كان حتى السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يعمل في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948. ولم يسبق أن اعتقل لأي سبب، وهو متزوج من قريبته ضحى أبو عيد التي استشهدت معه، ولهما أربعة أبناء أكبرهم في الثالثة عشرة وأصغرهم في التاسعة. ويوضح أن قوات الاحتلال لا تزال تحتجز جثمان الشهيدين محمد وزوجته ضحى، كما استدعت شقيقين للشهيد إلى سجن عوفر غرب رام الله للتحقيق معهما، ثم أفرجت عنهما.
ويقول ابن عم الشهيد إن من يعتزم تنفيذ عملية دهس كالتي ادعى الاحتلال حصولها لا يصطحب معه زوجته، كما أن الخروج والدخول إلى الحاجز يتم على مهل نظراً إلى وجود مسامير حديدية على أرضية الحاجز تجعل من الصعب على أية مركبة السير فوقها والصعود عليها بسرعة لتنفيذ عملية دهس.
بدوره، يقول عودة أبو دهوك جد الطفلة الشهيدة رقية أحمد، التي استشهدت برصاص قوات الاحتلال وهي داخل المركبة العمومية التي كانت تسير أمام مركبة الشهيد، إن حفيدته كانت بصحبة والدتها وعمها واثنتين من شقيقاتها حين أصيبت برصاص جنود الاحتلال الإسرائيلي على الحاجز وارتقت في المكان، في وقت أصيبت مواطنة أخرى بشظايا الرصاص.
يضيف ابو داهوك: "لا ندري إن كان هناك عملية دهس أصلا كما ادعى الاحتلال، لكن ما نعلمه أن حفيدتنا أصيبت، ولا تزال قوات الاحتلال تحتجز جثتها لغرض الفحص والتحقيق في كيفية إصابتها، كما احتجزت قوات الاحتلال الوالدة والشقيقتين وثلاثتهن كن داخل المركبة العمومية، لعدة ساعات، ثم أفرجت عنهن".
وتقطن عائلة الطفلة الشهيدة في قرية بيت إكسا القريبة من قرية بدو شمال غرب القدس، حيث الدخول والخروج إلى هاتين القريتين يتطلب اجتياز حاجز عسكري، وهو واحد من الحواجز الرئيسية في منطقة شمال غرب القدس يجتازه في العادة أهالي نحو خمس عشرة قرية وبلدة يقطنون هناك في طريقهم إلى رام الله والقدس. ويزيد تعداد سكان تلك القرى والبلدات عن 70 ألفاً، وقد صادرت سلطات الاحتلال معظم أراضيها لتقيم عليها مستوطنات تشكل جزءاً من الكتلة الاستيطانية الضخمة شمال غرب القدس، ومن أشهر مستوطناتها جفعات زئيف وجفعون وراموت، ويقطنها مجتمعة أكثر من ثلاثين ألف مستوطن.
بدوره، يستبعد القيادي في حركة فتح والوكيل المساعد في وزارة شؤون القدس سعيد يقين، من أهالي قرية بدو، تعمد الشهيد أبو عيد دهس جنود الحاجز، مؤكداً ما قالته عائلة الشهيد أبو عيد بأن تنفيذ عملية دهس على حاجز الجيب مهمة متعذرة، إذ إن الوصول إلى مكان توقف الجنود للفحص والتفتيش ليس سهلاً بسبب التحصينات الموجودة عليه.
ويتهم يقين جنود الاحتلال بسرعة الضغط على الزناد لمجرد الاشتباه، مشيراً إلى ممارسات الجنود العنيفة بحق المواطنين الفلسطينيين بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وسرعة إطلاقهم النيران على المواطنين سواء على حاجز الجيب كما حدث أمس أو عند سائر الحواجز المنتشرة في عموم الأراضي الفلسطينية وخصوصاً القدس.
ويشير يقين إلى حادثتي قتل مواطنين أبرياء من شمال غرب القدس. واستشهدت الفتاة سوسن علي داود منصور ابنة السبعة عشر عاماً، برصاص قوات الاحتلال على بعد خمسة عشر متراً من الحاجز العسكري المقام عند مدخل قرية بيت إكسا شمال غرب القدس في شهر مايو/ أيار عام 2016، بزعم محاولتها تنفيذ عملية طعن، وكانت في حينه تستعد لخوض امتحانات الثانوية العامة. كما أطلق النار على مواطن وزوجته في منطقة نفق الجيب، ما أدى إلى استشهاد الزوج وإصابة زوجته بجروح خطيرة، وذلك في شهر إبريل/ نيسان عام 2021.
وكان المواطن أسامة منصور وزوجته في طريق عودتهما قرب بير نبالا شمال غرب القدس، قبل أن تقدم قوات الاحتلال على إمطار سيارتهما بالرصاص، واخترقت 10 رصاصات جسد أسامة، ما أدى لاستشهاده على الفور، وإصابة زوجته برصاصتين. وقع الحادث آنذاك بحدود الساعة الثالثة من فجر السادس من شهر إبريل/ نيسان 2021، حيث كان جنود الاحتلال منتشرين على طول الشارع الرئيسي بين قريتي بير نبالا والجيب شمال غرب القدس، في الخط الرابط بين 8 قرى وبلدات مجاورة. ووفقاً لرواية يقين، كانت الزوجة برفقة زوجها عائدين إلى منزلهما في بلدة بدو حين أجبرهما أحد الجنود على إيقاف مركبتهما. وبعدما سمح لهما بالمرور، أمطر الجنود المركبة بالرصاص الحي ما أدى إلى استشهاد الزوج وإصابة الزوجة.