شلل الأطفال في غزة: إسرائيل تمضي في حربها على الصغار

29 اغسطس 2024
شلل الأطفال يهدد قطاع غزة وسط الحرب المتواصلة، دير البلح، 19 أغسطس 2024 (مجدي فتحي/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **عرقلة تحصين الأطفال في غزة**: العدوان الإسرائيلي يعوق جهود تحصين الأطفال ضد شلل الأطفال رغم توفر 1.2 مليون جرعة، والأمم المتحدة تطالب بوقف إنساني لإطلاق النار لمدة أسبوع.

- **أهمية تطويق شلل الأطفال**: بعد تسجيل أول إصابة منذ 25 عامًا، تسعى وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لتحصين 640 ألف طفل، بالتعاون مع اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية وأونروا.

- **رفض الهدنة والمناشدات الدولية**: حكومة نتنياهو ترفض الهدنة الشاملة، والاتحاد الأوروبي يدعو لوقف إنساني فوري لمدة ثلاثة أيام، محذرًا من خطر انتشار شلل الأطفال في ظل الظروف المزرية.

في سياق عدوانها المتواصل على الفلسطينيين في قطاع غزة، تمضي إسرائيل في حربها على الأطفال، وقد راحت تستهدفهم أخيراً من خلال عرقلة عملية تحصينهم ضدّ شلل الأطفال التي تُعَدّ أولوية، علماً أنّ أكثر من 1.2 مليون جرعة من اللقاح صارت متوافرة، إنّما في انتظار "ضوء أخضر" من سلطات الاحتلال التي تتحكّم بصحة صغار غزة. وهذا الضوء الأخضر يعني موافقتها على وقف إنساني لإطلاق النار على مدى أسبوع، بحسب ما تطلبه الأمم المتحدة، علماً أنّ الأخيرة تحذّر من أنّ تأخير الهدنة من شأنه أن يزيد من خطر انتشار شلل الأطفال.

ويمثّل تطويق شلل الأطفال في قطاع غزة أولوية اليوم بالنسبة إلى عدد من الوكالات التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الدولية، وذلك بعد إثبات إصابة بالمرض في دير البلح وسط القطاع، هي الأولى منذ نحو 25 عاماً. وقد عبّرت الوكالات والمنظمات عن قلق عميق إزاء ظهور الإصابة الأولى بمرض شلل أطفال في وسط قطاع غزة بعد ربع قرن على اجتثاته. ولأنّ الأمر يُعَدّ حالة طوارئ، وفّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) جرعات لقاح شلل الأطفال المطلوبة وأدخلتها إلى قطاع غزة، في حين أنّها تتعاون مع منظمة الصحة العالمية ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وشركاء آخرين، من أجل تحصين أكثر من 640 ألف طفل يهدّدهم هذا المرض.

نتنياهو يرفض الهدنة لتطويق شلل الأطفال

ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ منظمة الصحة العالمية كانت قد أعلنت شلل الأطفال "حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقاً عالمياً" في عام 2014، وإلى أنّها لم ترفعها حتى يومنا هذا. لكنّ سلطات الاحتلال لا ترى داعياً للاستعجال في تحصين أطفال غزة، وبالتالي قد يُدرَج موقفها في إطار حرب الإبادة الجماعية التي تمضي بارتكابها في حقّ الفلسطينيين في قطاع غزة. ويتزامن ذلك مع مناشدات أممية ودولية بهدنة أو بوقف إنساني لإطلاق النار، حتى تتمكّن الجهات المعنيّة من تنفيذ خطّة التحصين العاجلة.

في هذا الإطار، بثّت القناة 13 الإسرائيلية، مساء أمس الأربعاء، خبراً مفاده أنّ حكومة بنيامين نتنياهو وافقت على اقتراح أميركي بوقف مؤقّت لإطلاق النار في قطاع غزة من أجل السماح بتحصين الفلسطينيين الصغار ضدّ شلل الأطفال. يُذكر هنا أنّ وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية أنتوني بلينكن كان قد صرّح، في 20 أغسطس/ آب الجاري، بأنّ إدارته تعمل مع إسرائيل على إعداد خطة للتحصين ضدّ شلل الأطفال في قطاع غزة، مشيراً إلى أنّ ذلك سيكون "في الأسابيع المقبلة"، كأنّما الأمر يحتمل التأجيل.

لكن سرعان ما عمدت القناة الإسرائيلية نفسها إلى بثّ تعقيب على خبرها المذكور آنفاً، بيّنت فيه أنّ مكتب نتنياهو ينفي موافقته على هدنة في قطاع غزة، وأشارت إلى أنّه وافق فقط على تخصيص أماكن معيّنة في القطاع لتزويد الصغار باللقاح. وفي تعليق على ذلك، أفاد القيادي في حركة حماس عزت الرشق، في وقت متأخّر من مساء أمس الأربعاء، بأنّ نتنياهو يحاول، بطريقة مشبوهة، إفشال خطوة الأمم المتحدة الرامية إلى هدنة إنسانية شاملة لمدّة سبعة أيام، محذّراً من أنّ ذلك "يحرم المئات" اللقاح.

من جهته، كان مفوض السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، قد دعا إلى "وقف إنساني فوري لإطلاق النار" لمدّة ثلاثة أيام في قطاع غزة، من أجل تحصين الصغار ضدّ شلل الأطفال. وحذّر بوريل، أوّل من أمس الثلاثاء، من أنّ الانتشار السريع لمرض شلل الأطفال يهدّد أطفال غزة الذين يقعون ضحية النزوح والحرمان وسوء التغذية. وشدّد على أنّ وقف إطلاق النار الإنساني "ضروري" لضمان تنفيذ منظمة الصحة العالمية ومنظمة يونيسف عمليات التحصين في القطاع.

وكان إعلان رصد فيروس شلل الأطفال في قطاع غزة قد جرى في 18 يوليو/ تموز الماضي، وذلك بعد تحليل عيّنات من مياه الصرف الصحي أُخذت من دير البلح (وسط) وخانيونس (جنوب) في يونيو/ حزيران الماضي. وقد استدعى الأمر من الجهات المعنيّة، ولا سيّما الأمم المتحدة، الاستنفار وتوفير جرعات لقاح ضدّ شلل الأطفال، ولا سيّما أنّ الحرب الإسرائيلية عرقلت عمليات التحصين الروتينية، وبالتالي حُرم عدد كبير من الأطفال لقاحاتهم المنقذة للحياة. وفي هذا السياق، كان المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، قد أشار أخيراً إلى أنّ احتمال تحصين 50 ألف طفل وُلدوا بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بأيّ لقاح، "منخفض جداً".

وتشدّد الجهات المعنية، من وكالات تابعة للأمم المتحدة ومنظمات دولية تُعنى بشؤون الطفولة أو الصحة أو الحقوق، على ضرورة وقف إنساني فوري لإطلاق النار أو هدنة لأيام عدّة في قطاع غزة من أجل تحصين الفلسطينيين الصغار ضدّ شلل الأطفال، لأنّ أوضاع هؤلاء المزرية وسط الحرب الإسرائيلية المتواصلة هي التي ساهمت في ظهور هذا التهديد الصحي الذي يُضاف إلى تهديدات أخرى تختلف طبيعتها. فهؤلاء الصغار يعيشون وسط ظروف متدهورة منذ أكثر من عشرة أشهر، على كلّ الأصعدة، ويتعرّضون لكلّ الانتهاكات التي قد تنطوي عليها حرب ما، مع العلم أنّ منظمة يونيسف كانت قد حذّرت في أكثر من مرّة، منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، من أنّ ثمّة "حرباً على الأطفال" في القطاع المحاصر والمستهدف.

المساهمون