يعاني النازحون في بعض مخيمات شمال غربي سورية من أزمة عمرها بعمر المخيمات نفسها، وهي انقطاع الطرقات وتحوّلها إلى طينية موحلة مع هطول الأمطار، ما يعزل السكان عن المدن والقرى المحيطة بهم. وقد يستمر ذلك أياماً حتى تجفّ وتعود الحياة مجدداً، ما يجعلهم يتطلعون إلى أدنى الحلول لتخفيف هذه الأزمة.
تقول فاطمة علوش التي تقيم في مخيمات بمنطقة قاح في ريف إدلب، لـ"العربي الجديد": "أواجه مشكلات عدة مع بداية فصل الشتاء بسبب هطول الأمطار وإغلاق الطرقات بتأثير الوحل، وعدم وجود بنى تحتية أو شبكة لتصريف برك المياه التي تتجمع في الطرقات الوعرة المليئة بالحفر. وأحاول مع الإعلان عن أي منخفض جوي تموين ما أستطيع من خبز ومياه وعلب حليب لطفلي الرضيع في انتظار أن تجف الطرقات بعد أسبوع مشمس في الأقل. وأطالب الجهات المعنية بالنظر في حال المخيمات العشوائية، والعمل لإصلاح الطرقات وفرشها، وجعلها صالحة ومؤهلة".
ويقول مصطفى العجمي الذي نزح من ريف إدلب الجنوبي إلى مخيم عشوائي في محيط بلدة كفر يحمول بريف إدلب الشمالي، لـ"العربي الجديد": "شيّد المخيم ضمن أرضٍ زراعية، وهطول الأمطار يشكل دائماً مستنقعات طينية تقطع الطرقات، وتمنع وصول صهاريج المياه وسيارات الخبز إلى داخل المخيم".
ويوضح أن المستنقعات الطينية تتسبب أيضاً في اتساخ ملابس الأطفال بشكل يومي، في حين لا نستطيع جلب ملابس شتوية للأطفال في كل سنة بسبب الوضع المعيشي المتردي. والغسيل داخل المخيم في الشتاء يستغرق أياماً كي يجف".
ويلفت إلى أن "المنظمات الإنسانية بدأت في تخفيض مستحقات النازحين من تدفئة وغذاء وألبسة وغيرها من المستلزمات المعيشية، كما أن نسبة البطالة مرتفعة وفرص العمل قليلة والأجور العمال والأسعار غالبية، وهذه الأمور تزيد معاناة النازحين".
ويخبر عيسى خليل لـ"العربي الجديد" الذي يقيم الذي في مخيم قرب بلدة دير حسان أن "الدفاع المدني السوري يبذل جهوداً لفرش الطرق بالحصى، لكن النتائج محدودة حالياً. عندما يذهب الأولاد إلى المدرسة تتلطخ ثيابهم بالطين، وننتظر حتى تمتص الأرض المياه كي نتحرك مجدداً. والأكثر صعوبة أن السيارات التي نقل المياه إلى المخيم يصبح وصولها شبه مستحيل إلى المخيم".
ويقول أكرم محمد، الذي يقيم في مخيمات دير حسان أيضاً، لـ"العربي الجديد": "تنقطع الطرقات حين يهطل المطر، ولا يصلنا الخبز وسيارات الغذاء، ونحن بعيدون عن المدينة".
وفي بعض مخيمات منطقة الريف الشمالي الغربي لمحافظة إدلب، يضع السكان الحجارة في الحفر التي تتشكل فيها المياه من أجل تسهيل حركة تنقلاتهم، لكن هذه الحلول فردية لا تكفي في الطرقات الرئيسة للمخيمات التي تدخل عبرها سيارات الخبز والمياه.
ويتحدث الناشط الإعلامي عدنان الطيب لـ"العربي الجديد" عن أن "غالبية المخيمات تعاني من أزمة لأن طرقاتها مشيّدة ضمن أراضٍ زراعية مستأجرة، أو مبنية في الأماكن الطبيعية لجريان المياه. ولا تنحصر الصعوبات في إدخال سيارات الخبز أو المياه، إذ تشمل تنقلات الأهالي وتلبية حالات الإسعاف من أجل نقلها إلى المستشفيات أو المراكز الصحية في ظروف هطول الأمطار، وانتقال التلاميذ والعمال. وتتكرر الأزمة مع كل فصل شتاء في المخيمات، حتى تلك التي فرشت طرقها بطبقة من الحصى، والتي تزيلها الأمطار ما يجدد المشكلة". ويشير إلى أن سكان مخيمات أطمة ودير حسان وقاح ينتظرون العمل لفرشها أو تعبيدها بالإسفلت.
كذلك تتكرر مشكلة انقطاع الطرقات مع هطول مطر في مخيم صابرون القريب من مدينة الدانا شمالي إدلب, ويقول موسى البندر مدير المخيم لـ"العربي الجديد": "الطريق الذي يربط المخيم بالطريق الرئيسي ينقطع أيضاً مع هطول المطر. ويجب فرش الطرق بحصى خصوصاً أن خياماً تعزل تماماً مع هطول المطر. ويضم المخيم 45 عائلة تقطن في 65 خيمة".
وتعمل منظمة الدفاع المدني السوري لفرش الطرقات التي تربط المخيمات بالقرى المحيطة وتلك ضمنها بالحصى بهدف تخفيف معاناة السكان، وتسهيل حركة تنقلهم خاصة في فصل الشتاء، كما تفرش ساحات المدارس ضمن المخيمات بالحصى، في إطار الأعمال التي تدعم عملية التعليم. وهي تهتم أيضاً بتجهيز عدة طرقات في مخيم عربيا قرب مدينة حارم ومخيم قلعة السنديان بمنطقة خرجة الجوز إضافة لإبى طريق بلدة سيجر غربي إدلب.
ووفق إحصاءات فريق "منسقو استجابة سورية" يبلغ عدد المخيمات في منطقة شمال غربي سورية ومراكز الإيواء المخصصة لمتضرري الزلزال 1873 يعيش فيها نحو مليوني نازح ومهجر ومتضرر من زلزال فبراير/ شباط الماضي.