شبكات التزوير تؤرق السلطات العراقية: أختام مؤسسات حساسة معروضة للبيع

شبكات التزوير تؤرّق السلطات العراقية: أختام مؤسسات حساسة معروضة للبيع

13 فبراير 2022
مئات المتهمين في العراق بالتزوير خلال العامين الماضيين (Getty)
+ الخط -

تواصل السلطات الأمنية العراقية، بشكل شبه يومي، القبض على شبكات مختصة في تزوير أختام الدوائر والمؤسسات الحكومية، ومنها دوائر حساسة في الدولة، ما يعكس نشاطاً واسعا لحركة التزوير في البلاد، وسط دعوات لوضع حد لهذا النشاط الذي يُهدّد السلم المجتمعي.

وتمكّنت قوة من جهاز الأمن الوطني، الجمعة، من الإطاحة بشخصين في محافظة ذي قار (جنوبا)، ضبطت بحوزتهما أكثر من 70 ختما مزورا لدوائر ومؤسسات عدة، وقد تمت إحالتهما على التحقيق.

كما اعتقلت قوة أخرى قبل ذلك بيوم واحد متهمين بتزوير سندات عقارية بقيم تزيد عن 3 مليارات دولار.

ضابط في جهاز الأمن الوطني العراقي أكد لـ"العربي الجديد" أن "القوات الأمنية تنفذ عمليات متسارعة، ضد شبكات تزوير باتت أنشطتها مُهددة للأمن، بعد اقترابها من تزوير تعاملات أمنية مختلفة".

وأضاف الضابط أن قوات الأمن نجحت، منذ مطلع العام الحالي، في "تفكيك ما لا يقل عن 5 شبكات تزوير في بغداد وعدد من المحافظات، كان بحوزتها أختام لدوائر أمنية ووزارات وقطاعات مهمة بالدولة، تقوم من خلالها بعمليات تزوير كبيرة، كان ضحيتها مواطنون في الغالب".

وأضاف: "النشاط أغلبه داخل العاصمة، وضبطنا متورطين أيضا في هذه الأنشطة يعملون موظفين في دوائر الدولة خلال الفترة الماضية".

وأشار إلى أن "شبكات التزوير تعمل بمحورين، الأول تزوير الكتب والمستندات الرسمية، وأخرى تتورط في مساعدة أشخاص بانتحال صفات مختلفة بهدف الابتزاز وتهديد رجال أعمال وأصحاب شركات لغرض المال"، واصفا تلك الشبكات بأنها "مثل شبكات المخدرات، تتمتع بعلاقات واسعة مشبوهة، وبعضها يحظى بغطاء معين للتحرك"، دون أن يحددها.

وتحدث الضابط ذاته عن "وجود ما لا يقل عن 400 متهم بجرائم تزوير خلال العامين الماضيين تم الزج بهم بالسجن، وقسم منهم صدر بحقه أحكام قضائية وآخرون على ذمة التحقيق".

ويؤكد ناشطون عراقيون أن الأختام المزورة لكافة الدوائر العراقية "أصبحت متاحة في الأسواق المحلية".

الناشط إبراهيم الفتلاوي يسكن مدينة الصدر الضاحية الشرقية للعاصمة بغداد يقول لـ"العربي الجديد"، إنّ "الكثير من شبكات التزوير تعمل من خلال سماسرة منتشرين في أغلب مناطق العراق، وبعضهم يعمل بواجهات معينة، منها تجارية وحزبية".

واعتبر الفتلاوي أن "العراق في حاجة إلى استراتيجية لمحاصرة شبكات التزوير، خاصة تلك التي تعمل على تزييف الأختام وصرف الصكوك والشيكات والسندات المالية، أو أخذ أموال من مواطنين لغرض التوظيف، ثم يتبين عدم صحة ذلك".

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

وأكد الناشط أن "شبكات التزوير اليوم باتت لها القدرة على توفير أختام خطيرة جدا، ولمؤسسات أمنية، واستخبارية، ومالية، وغير ذلك، فهي توفر كل ما يكون عليه الطلب"، مشيرا إلى أن "بعض الشبكات يتورط فيها أفراد لهم غطاء يتحركون به، مثل غطاء حزبي أو فصائل مسلحة، وهذا الأمر يزيد من نشاطها ويصعب مهمة تفكيكها من قبل الدولة".

ويطالب قانونيون بعقوبات مغلظة على المتورطين بعمليات التزوير.

وقال المختص بالشأن القانوني، فراس علي، إنّ "قانون العقوبات العراقي نص على عقوبة السجن لمدة 15 عاما للمتورطين في التزوير"، مبينا لـ"العربي الجديد"، أن "سبب هذه العقوبة هو اقتران الجريمة بالاحتيال، وأنها تؤدي إلى فقدان الثقة في التعامل بين الناس".

وشدد فراس علي: "نحتاج إلى تشديد العقوبة، كونها اليوم باتت تهدد السلم المجتمعي والأمن في البلاد، خاصة أن شبكات التزوير تنتج أختاما وتزور كتبا رسمية لجميع المؤسسات الأمنية الحساسة، وهو ما يتطلب عقوبات رادعة تضع حدا لهذه الشبكات الخطيرة".

يشار إلى أن الفساد المستشري في العراق تسبب بنشاط واسع لشبكات التزوير، ويلجأ الكثير من العراقيين إلى سوق التزوير عندما يحتاجون لأي وثيقة أو هويات شخصية أو حتى شهادات دراسية، فيما لم تستطع الحكومات المتعاقبة على البلد منذ 2003 إلى اليوم السيطرة على سوق التزوير.

المساهمون