شبان من غزة يهجرون موطنهم بحثاً عن الأمل

30 سبتمبر 2023
يبحث عن تحسين أوضاع عائلته المعيشية والاقتصادية (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

قرّر الشاب الفلسطيني إبراهيم الزين (33 عاماً) من مدينة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، مؤخراً، مغادرة القطاع وسلوك طريق الهجرة بحثاً عن تحسين أوضاع عائلته المعيشية والاقتصادية في ضوء استمرار الحصار الإسرائيلي والظروف المعيشية القاسية التي يعيشها الفلسطينيون.

وانتشرت خلال الآونة الأخيرة هجرة الشبان من غزة على شكل مجموعات من الأحياء والمناطق، من خلال مغادرة القطاع إلى القاهرة عبر معبر رفح البري، مرورًا بالأراضي التركية ومنها إلى سواحل اليونان، وبعدها إلى الدول الأوروبية مثل بلجيكا وألمانيا وهولندا.

وتداول عشرات الفلسطينيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الفترة الأخيرة، مقاطع فيديو يظهر فيها شبان في مطار القاهرة الدولي من قطاع غزة وهم يستعدون لسلوك طريق الهجرة هرباً من الأوضاع المعيشية والاجتماعية القاسية.

علاوة على ذلك، فقد تقدم مئات الشبان في الفترة الأخيرة بطلبات للحصول على الفيزا السياحية للسفر إلى تركيا كنقطة انطلاق أولى للهجرة نحو الدول الأوروبية، وهو ما تسبب في أزمة خلال الأسابيع القليلة الماضية أدت لضبط هذه العملية نوعًا ما.

ولا تُعلن الجهات الحكومية التي تديرها حركة "حماس" في غزة عن أية أرقام تخص الهجرة، ومع تصاعد حدة الإشارة إلى ما يحصل والصور ومقاطع الفيديو التي تداولها النشطاء عبر صفحتهم، ردّت الهيئة العامة للمعابر والحدود ببيان عكس عدم وجود زيادة في أعداد المغادرين.

وبحسب الإحصائية الصادرة عن هيئة المعابر والحدود في غزة خلال شهر سبتمبر/أيلول الجاري، فإن أعداد المسافرين المغادرين أو العائدين هي وفق المعدل السنوي المعتاد، ولا يوجد أي تغير ملحوظ فيها بحسب بيانات حركة السفر عبر معبر رفح، حيث جرى تسجيل مغادرة 113234 مواطنا منذ بداية العام عبر كشوفات وزارة الداخلية وكشوفات التنسيق، فيما جرى تسجيل وصول 116651 مواطناً.

في المقابل، تؤكد مؤسسات المجتمع المدني أنّ هناك زيادة مضطردة في أعداد المغادرين للقطاع خلال الآونة الأخيرة، وهو أمر تمكن قراءته من خلال الصور التي التقطت للشبان سواء في المطارات أو لحظة وصولهم إلى الأراضي اليونانية.

ويقول إبراهيم الزين لـ "العربي الجديد" إنّ قرار الهجرة جاء بعد أن فقد الأمل في تحسن الأوضاع المعيشية في غزة، حيث كان يعمل في مهنة الزراعة بأجر يومي لا يتجاوز 15 شيكلاً إسرائيليًا يوميًا (4 دولارات) وهو مبلغ لا يكفي لإعالة عائلته وأبنائه.

ويضيف أن قرار الهجرة اتخذه مع مجموعة من أصدقائه في منطقة سكنه بحثًا عن آفاق جديدة تحسن من أوضاع المعيشية، وتمكنه لاحقًا من جلب عائلته للعيش معه في إحدى الدول الأوروبية، بعد أن يجتاز كافة مراحل اللجوء خلال الفترة المقبلة.

بدوره، يقول مدير العمليات في المرصد "الأورومتوسطي" لحقوق الإنسان أنس الجرجاوي إن المرصد وثق، خلال الفترة من عام 2014 إلى عام 2022، هجرة قرابة 40 ألف فلسطيني من القطاع إلى الخارج وفقًا لمجموعة من المحددات التي وثقت هذه الأعداد.

ويشير الجرجاوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى عدم وجود أرقام دقيقة توثق أعداد المهاجرين خلال العام الحالي، مع الإشارة إلى وجود زيادة واضحة وملحوظة تمكن ملاحظتها من خلال ما جرى خلال الفترة الأخيرة، مع إمكانية ارتفاع الأعداد خلال الفترة المقبلة.

ويوضح أن دوافع الهجرة متعددة ما بين اقتصادية مرتبطة بغياب فرص العمل وتدني الأجور، وأخرى أمنية متعلقة بتكرار الحروب على القطاع وإمكانية اندلاع جولات تصعيد في أي لحظة، وفقًا للحالة القائمة منذ عام 2006 وحتى هذه اللحظة، وهو ما يعزز من دوافع المغادرة.

وعن وجود تسهيلات من الجانب التركي أو اليوناني، يلفت إلى أن زيادة أعداد المهاجرين في تلك المنطقة لم تقتصر على سكان القطاع فقط، بل طاولت جنسيات أخرى، إذ إن هناك يوميًا عشرات المحاولات لعبور الحدود اليونانية بحثًا عن الهجرة.

وخلال رحلة الهجرة من القطاع، يتحمل الشبان مبالغ مالية تتراوح ما بين 3000 و5000 دولار أميركي تُدفع إما للمهربين عبر البحر أو من أجل التنقل بين الدول للوصول إلى أي من دول الاتحاد الأوروبي، وهو ما يعزز من الضغط على الشبان.

بدوره، يقول رئيس شبكة المنظمات الأهلية أمجد الشوا إن الزيادة الملحوظة في أعداد المهاجرين باتت واضحة للعيان، لا سيما في صفوف الشبان الذين وثقت مواقع التواصل الاجتماعي مغادرتهم القطاع نحو أوروبا بحثا عن واقع أفضل من القائم.

ويضيف الشوا لـ"العربي الجديد" أن تداعيات الحصار الإسرائيلي وتكرار الحروب وغياب الأفق السياسي مع تعثر المصالحة الفلسطينية كانت الأسباب الرئيسية وراء ذلك، لكن الخطر، بحسب رئيس الشبكة، هو هجرة الكفاءات الفلسطينية إلى خارج القطاع.

ويشير إلى أن هناك صعوبات حقيقية في توفير أرقام وإحصائيات تتعلق بأعداد المغادرين للقطاع، وتحديدًا خلال العام الجاري، إلا أن هناك مئات الشبان الذين غادروا القطاع بحثًا عن أفق مغاير للواقع القائم حاليًا مع ارتفاع معدلات الفقر والبطالة.

المساهمون