يتدهور واقع الخدمات يوماً بعد آخر في مناطق إدلب، شمال غربي سورية، الخاضعة لسيطرة حكومة الإنقاذ التابعة لـ"هيئة تحرير الشام"، في ظلّ عجز المجالس المحلية عن الترميم والتطوير، وسط غياب التمويل وكذلك ما تقدّمه المنظمات المانحة. يأتي ذلك في حين تشهد المنطقة اكتظاظاً سكانياً من جرّاء استقبال مئات آلاف النازحين من مختلف المناطق السورية التي تعرّضت لعمليات عسكرية في خلال السنوات الماضية.
وفي كلّ مرّة تظهر أزمة خدمية في منطقة ما، آخرها في بلدة حيرجاموس في ريف مدينة سلقين بالريف الغربي لمدينة إدلب، حيث تتشكل سواقٍ ومستنقعات من المياه الآسنة نتيجة تردّي واقع شبكة الصرف الصحي وعدم قدرتها على تصريف تلك المياه، خصوصاً أنّها مشتركة مع "مخيم صامدون" الذي يضمّ مئات العائلات النازحة.
يقول محمد عواد من سكان المنطقة لـ"العربي الجديد" إنّ "وضع الصرف الصحي سيئ جداً، فثمّة اختناقات عدّة تتسبّب في خروج المياه الآسنة إلى الشوارع، الأمر الذي دفع في اتّجاه تشكّل سواق ومستنقعات في شوارع عدّة، فراحت تعيق الحركة بها". يضيف عواد أنّ "ثمّة منازل في البلدة صارت مهدّدة بدخول تلك المياه إليها، في حال عدم إيجاد حلول إسعافية"، لافتاً إلى أنّ "الوضع سوف يكون كارثياً في حال شهدت المنطقة تساقطاً للأمطار. فكثيرة هي خيام النازحين ومنازل أهالي البلدة التي سوف تكون مهدّدة بالغرق في المياه الآسنة".
من جهته، يقول أحمد خليل من سكان المنطقة لـ"العربي الجديد" إنّ "الناس تخشى دخول فصل الصيف من دون إيجاد حلول لمشكلة الصرف الصحي. فمستنقعات المياه الآسنة قد تبقى في المنطقة، لا بل قد تمتدّ أكثر، الأمر الذي من شأنه أن يجعلها مصدراً لانتشار الأمراض، خصوصاً بين الأطفال الذين لا نستطيع منعهم من الاقتراب من تلك المياه".
ويشير خليل إلى أنّ "تلك المياه صارت تجذب الحشرات والقوارض، في وقت بدأ تسجيل إصابات باللشمانيا المعروفة بحبّة حلب، بالإضافة إلى أمراض جلدية أخرى وحالات التهاب"، محذّراً من "خطر إضافي في حال وصول تلك المياه الآسنة إلى المزروعات، إذ سوف يلحق الضرر بها وبمن سيتناولها لاحقاً".
في سياق متصل، كان رئيس المجلس المحلي في بلدة حيرجاموس أحمد مصطفى قد أفاد في تصريح صحافي بأنّ خمسة آلاف نسمة يعانون من تسرّب مياه الصرف الصحي إلى الشوارع الرئيسية الواصلة بين المدن والبلدات، وما تسبّبه من حوادث مرورية. ولفت إلى أنّ المياه الآسنة بدأت تتسّرب إلى المنازل والأراضي الزراعية، موضحاً أنّه وجّه شكاوى عدّة إلى إدارة مخيم صامدون لصيانة مجرى الصرف الصحي، لكن من دون جدوى.
ويعيد المهندس ساري علي من ريف إدلب في حديث إلى "العربي الجديد"، أسباب تردي الأوضاع الخدمية بشكل عام إلى "عدم توفّر تمويل كافٍ للمجالس المحلية، في حين يبدو أنّ ثمّة توجّهاً عاماً لتراجع الدعم المقدّم من المنظمات الإنسانية والدولية لمختلف القطاعات في المنطقة، الأمر الذي ينعكس على ملايين المدنيين المحاصرين في مناطق إدلب". ويؤكد علي أنّ "استمرار سياسات التضييق على المدنيين هو نوع جديد من الحصار الذي يستهدف صمود الأهالي في مناطقهم، فيجبرهم على الخروج من المنطقة إمّا إلى مناطق النظام وإمّا إلى دول اللجوء في أوروبا".