يشكو العديد من السوريين الذين يقطنون دمشق ويتلقون مساعدات، من تناقص كمية المواد الغذائية، ضمن سلّة المساعدات الإنسانية التي توزّع عليهم من قبل بعض المنظمات المحلية، وبدعم من المنظمات الإنسانية الدولية. وراحت شهراً بعد آخر، تتباعد مواعيد توزيع هذه السلّة عليهم، وهي تحوّلت منذ زمن إلى أحد أهم مصادر تأمين القوت اليومي لهذه العائلات، في وقت تزايد فيه انتشار الفقر والعوز.
لا تخفي أم عمر العبدالله (58 عاماً)، وهي أم لخمسة أبناء وبنات، خيبة أملها، بعد أن عادت إلى منزلها حاملة معها سلّة المساعدات الغذائية ورأت ما بداخلها من مواد، قائلةً: "الحمد الله هي أفضل من عدمها، لكن مواد المعونة الغذائية بالأصل لا تكفينا، حتى يخفضوا في شهر رمضان كمية المواد الغذائية بعد".
وأضافت: "هذه المرة، تكاد تكون المواد، نصف الكمية المعتادة تقريباً، كما أنّ هناك بعض المواد التي تمّ إلغاؤها بشكل تام. لا أدري ماذا سنفعل اليوم، والحمد الله في شهر رمضان نتناول وجبة الفطور مما يتوفر لدينا، لكن على ما يبدو، قد نبقي اعتمادنا على وجبة واحدة إلى أن يفرجها الله علينا وتتحسن الأحوال".
من جهتها، قالت أم محمد ديب (43 عاماً)، وهي ربّة أسرة مكوّنة من أربعة أطفال، لـ"العربي الجديد"، "يزداد الوضع سوءاً، في سورية، يوماً بعد يوم، وما كنّا نستطيع شراءه بالأمس أصبح حلم اليوم، مثل اللحوم والأسماك وغالبية أنواع الفواكه، وأصبحت الحبوب مثل البرغل والعدس والحمص والرز، هي مكوّنات الوجبات الرئيسية، ولم نعد قادرين على دفع ثمن جزء من هذه المواد، مثل الحمص والزيت والأرز، لذلك أصبحنا مرغمين نعتمد على السلة الغذائية".
وأضافت: "يبدو أنّ المنظمات شعرت بفقرنا، فالسلّة التي كانت توزّع كلّ شهر أصبحت توزع كل ثلاثة أشهر، وراحوا يقضمون مكوناتها مثل المعلبات والطحين وأخيراً العدس المجروش والمعكرونة"، معربة عن إحساسها بالعجز، قائلةً "لا نعلم ماذا نفعل بعد أن وصل الوضع المعيشي إلى مستوى لا يُطاق. يعجز الكثير من الناس عن شراء ربطة خبز أو كيلو خضار، فتجدهم يسلقون الرز أو البرغل أو العدس ويأكلونه".
بدوره، أعاد مصدر مطلع في مركز لتوزيع المساعدات الغذائية في دمشق، طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب خاصة، سبب تخفيض كمية المواد الغذائية في سلة المساعدات الإنسانية، وتحويل التوزيع من شهري إلى ربع سنوي، إلى "تراجع المساعدات الإنسانية التي تدخل مناطق النظام"، مضيفاً لـ"العربي الجديد" أنّ "هناك أسبابا أخرى مثل الهدر والفساد وتحويل حصة من المساعدات إلى النظام، لا نعلم كيف توزع".
يشار إلى أنّ وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك، كان قد قال، في نهاية شهر فبراير/شباط الماضي، أمام مجلس الأمن الدولي، "إنّ حوالي 60 في المائة من السكان السوريين، أي 12.4 مليون شخص، لا يحصلون بانتظام على ما يكفي من الغذاء الآمن والمغذي"، وأشار إلى أنّ 4.5 ملايين شخص إضافي، انزلقوا إلى هذه الفئة خلال العام الماضي. كما دعا لوكوك، الشهر الماضي، إلى عدم تخفيض المساعدات الإنسانية عن سورية.
وكان المانحون الدوليون تعهّدوا، نهاية الشهر الفائت، بتقديم 6.4 مليارات دولار مساعدات إنسانية للسوريين الذين فرّوا من الصراع المتواصل في سورية منذ عقد من الزمن. في حين كانت الأمم المتحدة تأمل جمع مبلغ قدره 10 مليارات دولار في مؤتمر بروكسل الخامس حول سورية، الذي عُقد عن طريق الفيديو، يومي 29 و30 مارس/آذار الماضي. ما دفع منظمات الإغاثة الدولية العاملة في سورية إلى إدانة نقص المبالغ التي تعهدت بها أكثر من 50 دولة مانحة على الفور.