يشتكي سكان في بلدات متفرقة من محافظة حمص وسط سورية من انقطاع الكهرباء عن مناطقهم أكثر من مناطق أخرى، رغم أن برنامج التقنين الذي يطبقه النظام يلحظ منح ساعات تغذية متساوية لكل المناطق. أما مسؤولو شركة الكهرباء، فيربطون مخالفات البرنامج بـ "لصوص مجهولين".
وتحدث مواطنون ومسؤولون محليون عن تقديم شكاوى عدة إلى مؤسسة الكهرباء التابعة للنظام التي تردّ إدارتها دائماً بأن الشبكة تتعرض لأعطال يقف لصوص وراء بعضها عبر سرقة أسلاك كهرباء، أو قطع من محوّلات تقوم بمهمات تخزين الطاقة، وتغذية المناطق بها.
ويتحدث موظف في مؤسسة الكهرباء لـ"العربي الجديد" عن أن الشركة رفعت دعاوى ضد مجهولين في شأن تعريضها لخسائر قيمتها 4 مليارات ليرة سورية (110 ملايين دولار)، تقول إنها تحتاجها لإعادة إصلاح الأعطال التي سبّبها اللصوص، وتصرّ على أن عدم توفير هذه المبالغ يمنع إكمالها عمليات تصليح الأضرار، ومعالجة النقص في التغذية.
ويسهب الموظف في الحديث عن مراقبة اللصوص المجهولين محطات التغذية والمحوّلات، واستغلالهم ساعات انقطاع الكهرباء لسرقة الأسلاك التي تحتوي على مادة النحاس غالية الثمن، تمهيداً لبيعها مع قطع أخرى لتجار معادن الخردة المعروفين محلياً، لكن لا تجري محاسبتهم.
ويوضح موظف آخر أن "الشركة ادعت أخيراً على مجموعة من العاملين في تجارة معادن الخردة بسرقة مليار ليرة سورية (28.5 مليون دولار)، وذلك استناداً إلى شهادات لمواطنين. لكن القضاء أكد أن لا أدلة واضحة لمحاسبتهم، ما يشير إلى أن هؤلاء السارقين يحظون بدعم وتغطية من جهات أمنية أو مسلحة تابعة لقوات النظام".
وكان المدير العام لشركة كهرباء حمص، صالح عمران، قد توقع في تصريح أدلى به لصحيفة "العروبة" المحلية أن يتحسن التقنين عبر برنامج يلحظ منح ساعتي تغذية في مقابل 4 ساعات قطع، لكن اللصوص منعوا تنفيذ هذا البرنامج بحسب مصادر محلية تحدثت أيضاً عن أن "الورش التابعة للمؤسسة تتوجه إلى مكان العطل لإصلاحه، لكنها تقف عاجزة أحياناً أمام الحجم الكبير للسرقة. أما المتضرر الأول والأخير، فهو المواطن، علماً أن العطل قد ينجم عن فقدان أسلاك مثبتة على أعمدة في طرق تعتبر غالبيتها طويلة وصعبة، ويمتد بعضها 10 كيلومترات، وتتضمن أطناناً من الأسلاك، علماً أن كل طن من الأسلاك النحاسية التي تقاس بالمتر يصل سعره في حال بيعه كخردة بعد سرقته إلى 28 مليون ليرة (8 آلاف دولار). ويعني ذلك أن ادعاء شركة الكهرباء أن هناك أسلاكاً مسروقة بقيمة 5 مليارات ليرة (142 مليون دولار) يعني أن الاعتداءات تشمل أكثر من مائة طن من الأسلاك على الأقل".
وتشكل سرقة الخردة وتجارتها مصدر دخل لمليشيات النظام السوري. ونشطت مع ارتفاع نسبة الدمار الكبير التي أحدثته الحرب التي شنها النظام على المواطنين الذين ثاروا عليه، والتي دمرّت مساحات واسعة من المدن والمناطق المأهولة بالسكان، خصوصاً في المدن الكبيرة.
وتعاني معظم خطوط شبكة الكهرباء في حمص ومناطق أخرى تخضع لسيطرة النظام في كل المحافظات من تسلّط اللصوص. ويؤكد مواطن يستخدم اسم محمد الجنيدي المستعار لدواعٍ أمنية لـ"العربي الجديد"، أنه "يسهل ضبط سلطات النظام هذه السرقات لو أرادت ذلك، علماً أن المجال الوحيد لتصريف الأسلاك النحاسية هو تهريبها إلى أحد موانئ الساحل السوري أو لبنان، التي يسيطر النظام وحلفاؤه على معابرها، ما يدل على أن السارق والمسؤول هما واحد".
وإلى أزمة الكهرباء، تعاني محافظة حمص ومناطق يسيطر عليها النظام من أزمات متلاحقة، آخرها جرّ مياه الشرب والصرف الصحي إلى المنازل، فيما تتواصل أزمات القمح والخبز والمحروقات وانخفاض قيمة الليرة.