شهدت بلدة الفوعة في ريف إدلب تظاهرات نظّمها نازحون مقيمون فيها، أمس الجمعة، رفضاً لبلاغات صدرت عن "فيلق الشام"، طالبهم فيها بإخلاء عشرات المنازل في البلدة.
ويخبر المواطن محمد حمصية، المهجّر من ريف دمشق والمقيم في البلدة، "العربي الجديد" أنّ "الجهة المسؤولة عن إخراج السكان من المنازل هي فيلق الشام، لكنّ التبليغ جاء عن طريق المحكمة العسكرية التابعة لهيئة تحرير الشام. وثمّة عائلات من مناطق داريا وببيلا والحجر الأسود والسبينة بُلّغت بضرورة إخلاء المنازل التي تسكنها".
ويوضح حمصية أنّ "آلية التبليغ جرت من خلال رفع فيلق الشام دعاوى على المقيمين في المنازل المحدّدة، وبعد ذلك سلّمت الشرطة التابعة لهيئة تحرير الشام البلاغات التي يُجبر السكان بموجبها على مغادرة المنازل خلال مدّة خمسة أيام. ومن يرفض قرار الإخلاء تحت تهديد السلاح يكون معرّضاً للاعتقال".
ويحكي حمصية عن "مخاوف كثيرة لدى الناس، إذ لا مكان يذهبون إليه. وهم حتى الوقت الحالي يتمالكون أنفسهم، ولا يملكون سوى التظاهر للتعبير عن رأيهم". يضيف أنّه "في تظاهرة أمس الجمعة، كانت الاستجابة كبيرة، إذ يرى النازحون المقيمون في البلد أن ما يحصل هو عمل كارثي". ويلفت حمصية إلى أنّ "حجّة فيلق الشام هي أنّ المنازل من حقّ القطاع الجنوبي فيه. لماذا لم يصدر قرار كهذا من قبل؟ ولماذا تركت قيادة الفيلق هذه المنازل للنازحين؟".
من جهته، يقول المواطن حمزة أبو علي، وهو أيضاً من النازحين المقيمين في بلدة الفوعة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأمر لا يتعلق بأشخاص ارتكبوا جرائم أو غيره، بل يرتبط بتقاسم المنازل بين الفصائل. والغاية الحقيقية لفيلق الشام هي إمّا إخلاء المنازل لاستخدامها كمنازل لعناصر في الفصيل كما هو متعارف عليه في بلدتَي الفوعة وكفريا، وإمّا إجبار سكانها على سداد بدلات إيجارها للفصيل".
ويشير أبو علي إلى أنّ "ما يحدث الآن مشابه لما جرى في عام 2018، حين طالبت حركة أحرار الشام نازحين من حمص بإخلاء منازل في بلدة الفوعة، تحت حجة أنّ البلدة خاضعة لسيطرة الهيئة وهي سوف تستخدم تلك المنازل كمساكن لعناصرها". يضيف: "نحن نرفض الخروج من البلدة حالياً، إذ ليس لدينا أيّ مكان نقصده، ولا قدرة لنا على دفع إيجارات في مدينة إدلب أو غيرها من مدن المنطقة، فنحن بالكاد نتدبّر أمورنا هنا".
في سياق متصل، يقول الناشط أحمد عبد الرزاق المقيم في إدلب، لـ"العربي الجديد"، إنّ "مركز الشرطة في مدينة بنش التابع لحكومة الإنقاذ، التي تُعَدّ الواجهة السياسية لهيئة تحرير الشام، أرسل بلاغات لأكثر من 90 عائلة نازحة تقيم في بلدة الفوعة، وطالبها بإخلاء منازلها في غضون خمسة أيام. وفيلق الشام يدّعي أنّ ملكية هذه المنازل تعود إليه، كونه أوّل من سيطر عليها بعد تهجير أهالي كفريا والفوعة في عام 2018، في مقابل تهجير أهالي مدينة الزبداني وبلدة مضايا في ريف دمشق، بعد اتفاق بين قوات النظام السوري وجبهة النصرة، وقد حُكي حينها عن اتفاقية المدن الأربع".
ويوضح عبد الرزاق أنّ "الفيلق يسعى إلى استبدال هذه العائلات النازحة من محافظات دمشق ودرعا وحمص، بعائلات مقاتليه، وهو حاول سابقاً إخراجها، لكنّ النازحين رفضوا وخرجوا في تظاهرات مشابهة لتلك التي نُظّمت أخيراً. وحينها، اعتدى عناصره على نساء متظاهرات". ويتابع أنّ "فصائل المنطقة تقاسمت منازل كفريا والفوعة، وكلّ فصيل أسكن عائلات عناصره في المنازل التي كانت من حصته. وقد دفعت عمليات التضييق عائلات كثيرة إلى مغادرة المنطقة، واللجوء إلى مخيمات بالقرب من الحدود مع تركيا".
ويلفت عبد الرزاق إلى أنّ "فيلق الشام كان يبلّغ العائلات التي يرغب في مغادرتها سابقاً، بشكل مباشر. لكنّه فضل في هذه المرّة إبلاغها عبر مركز شرطة مدينة بنش، حتى لا يحدث أيّ احتكاك مع المدنيين الرافضين مثل ما كان يحدث سابقاً".