مازالت تداعيات جريمة قتل فتى يبلغ من العمر 15 عاماً في قرية المراح، التابعة لمنطقة النبك بمحافظة ريف دمشق تحت التعذيب، الأحد، ترخي بظلالها على المجتمع السوري، وسط استمرار التحقيقات، ومطالبات نشطاء بوضع حدّ لجرائم تعذيب الأطفال التي برزت خلال السنوات الأخيرة.
وفي تفاصيل الجريمة، أوضحت وزارة داخلية النظام السوري أنّ فتى قتل يبلغ من العمر 15 عاماً في قرية المراح التابعة لمنطقة النبك بمحافظة ريف دمشق تحت التعذيب على يد والدته.
ووفقاً لبيان الوزارة الصادر يوم الأحد، فقد استغلت الأم ثلاثة من أصدقاء ابنها كبلوه، بذريعة أنها ستقوم بتسليمه للشرطة لكونه لا يطيعها ولا يسمع كلامها، وبعد تكبيله قامت الأم بضربه بأنبوب معدني على رأسه حتى فارق الحياة.
وأوضح المصدر نفسه أن الجريمة كشفت بعد إبلاغ أحد المواطنين في القرية مركز الأمن الجنائي في النبك عنها، إذ اعترفت الأم (ليلى. ح) بقتل ابنها عمران من مواليد عام 2008، أيضا اعترف أصدقاء الفتى أنهم قاموا بتكبيله بطلب من الأم دون معرفتهم أنها ستقتله، وختمت الوزارة بيانها بأن "التحقيقات ما زالت مستمرة وسيتم تقديمهم إلى القضاء المختص".
وبخصوص الجرائم التي ترتكب بحقّ الأطفال في مناطق سيطرة النظام السوري، أكّد الحقوقي عاصم الزعبي أن هناك قصورا في القوانين المتعلقة بالأطفال، كون قانون العقوبات السوري لا يعاقب الأهل في حالة تأديب أبنائهم، ما لم يلحق هذا التأديب ضررا ماديا أو جسديا بالطفل، و"هنا يتم التعامل مع المعتدي من الأهل وفق المواد 540، 541، 542 من قانون العقوبات، حيث يصبح المعتدي وإن كان من الأهل كالغريب". وقال "المهم تفعيل تطبيق هذا القانون وهذه المواد التي تعتبر مواد عقابية، وهنا نقطة القصور أنه لا يوجد أي مادة وقائية تمنع العنف ضد الأطفال".
ولفت الزعبي إلى أن جرائم تعذيب الأطفال في سورية برزت خلال السنوات الأخيرة لعدة أسباب، منها تعاطي المواد المخدرة بين الرجال والنساء على حد سواء، وانتشار الفقر والجهل، والتفكك الأسري والانفلات الأمني.
المدرس عبد الجليل الحسين (50 عاما) ربط ما بين جرائم تعذيب الأطفال وقتلهم من قبل أولياء أمورهم والأمراض النفسية، وقال لـ"العربي الجديد"، إنه "لا يمكن تناول قضايا تتعلق بجرائم قتل أحد الوالدين لطفل من أطفاله إلا في إطار ما نسميه بالأمراض النفسية، ولا يمكن تعميم هذه الحالات، وهناك عوامل تدفع بأولياء الأمور، سواء الوالدين أو أحد أفراد العائلة، للوصول لمراحل ارتكاب جريمة قتل أو سجن أحد الأطفال أو حرمانهم من الطعام أو الحاجات الضرورية، وهذه العوامل يحركها الفقر والبطالة وعدم وجود الموارد أو الحاجات الأساسية للعيش الكريم من ماء وكهرباء وسكن لائق، وكثير من الأمور التي تندرج في متطلبات وسبل العيش".
وتابع المدرس: "بالتأكيد إرادة الإنسان قوية، لكنه يمكن أن يفقد القدرة على التحكم بتصرفاته ويلجأ للعنف"، مشيرا إلى أن هذه المشاكل "لا تحل إلا من خلال تأمين بيئة آمنة وتربوية وصحية وقانونية، آنذاك ربما تلجأ العوائل لمعالجة مشاكلها بحلول مختلفة عن ممارسة العنف، ولا يمكن أن ترتكب أم جريمة قتل إلا إذا تعرضت لضغوط لا يمكن وصفها".
وقبل يومين نشرت وزارة الداخلية التابعة للنظام السوري عن جريمة تعذيب وقتل وقعت في حي الأنصاري بمدينة حلب، ضحيتها طفلة بعمر أربعة أعوام، موضحة أنه من خلال التحقيقات تبين أن (إيمان. س)، زوجة والد الطفلة المتوفاة، تحرّض أولادها (نادر ومحمد) على تعذيب ابنة زوجها، حيث أقدم (نادر) وهو من مواليد 2008 على رفع الضحية من عنقها ورميها ليصطدم رأسها بطاولة خشبية وتفارق الحياة على إثرها.