تجمع سكان أهالي الضاحية الجنوبية لتونس العاصمة، للتعبير عن قلقهم من الكارثة البيئية التي تتواصل منذ عقدين من الزمن، ما دمر الشريط الساحلي الجنوبي، وشكل السكان سلسلة بشرية على امتداد الشاطئ في شكل درع رمزي ضد الخطر البيئي المهدد للمنطقة.
وامتدت السلسلة البشرية على طول شواطئ مدن "رادس" و"الزهراء" و"حمام الأنف" و"حمام الشط" و"برج السدرية"، رافعين شعار "سكّر الأوناس على بحر الضاحية الجنوبية"، أي وقف ربط الصرف الصحي وسكب الفضلات من طرف ديوان التطهير في مياه البحر.
وتهدف هذه الحركة الاحتجاجية للضغط من أجل إيقاف الكارثة البيئية التي تعاني منها هذه الشواطئ، بحسب ما أكدته رئيسة جمعية العمل المواطني، دنيازاد التونسي، في تصريح لـ"العربي الجديد".
وأضافت دنيازاد التونسي أن "المنطقة تعيش على وقع كارثة بيئية وصحية كبيرة"، مؤكدة أن "الخطر يتفاقم على السكان والبيئة والكائنات البحرية بشكل متزايد"، موضحة أن مياه شاطئ الضاحية الجنوبية لتونس العاصمة، التي كانت تمثل متنفساً طبيعياً وبيئياً وصحياً للسكان وللبحارة وللكائنات البحرية، "تحولت إلى مصدر تهديد وخطر بسبب التلوث المركب، المتأتي أساساً من مياه الصرف الصحي التي تسكب مباشرة دون معالجة، بالإضافة إلى المياه المستعملة المتأتية من المصانع القريبة، وحتى من مناطق بعيدة يتم سكبها وتصريف هذه النفايات الخطرة بواد مليان الذي تصب مياهه مباشرة بين شاطئ رادس والزهراء".
وبينت أنه رغم ملاحظة التلوث الشديد للبحر وانبعاث روائح كريهة منه، "فإن وزارة الصحة تصر على إمكانية السباحة في بعض المناطق، رغم خطورتها، في استهتار بحياة الأهالي والمصطافين".
وشددت دنيازاد على أنه "تم القيام برفع عينات من البحر وتحليلها في مخابر معهد باستور، ليتم اكتشاف كميات كبيرة من البكتيريا والسموم الخطيرة التي لا تحصى"، مشددة على أن "التحاليل تؤكد أن الشواطئ غير قابلة للسباحة بما يتضارب مع إعلانات وزارة الصحة".
وأضافت أن "تحليل المخبر بالمركز الدولي لتكنولوجيا البيئة أثبت أن نسب البكتيريات في البحر 4 أضعاف المعدلات المعيارية بما يقارب 800%"، وبينت أنهم "يعيشون كارثة بيئية بخسارة الثروة الحيوانية الشاطئية، على غرار الأصداف والسلطعون الشاطئي والكائنات البحرية والأسماك بسبب التلوث الشديد".
وشددت دنيازاد على أن "السلطات ماطلت الأهالي طيلة سنوات، والحكومات المتعاقبة وعدت بمشاريع بيئية لإنقاذ المنطقة ولكن دون جدوى.."، مشيرة إلى أن "تحركاتهم تتواصل منذ 2016، واليوم بعد جمع المؤيدات والقيام بالاختبارات والتحاليل ستتم مقاضاة الجهات المتسببة في الإضرار البيئي والصحي".
وأمام هذه الكارثة البيئيّة، أكد المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في بيان، أنّ "الفاعل الرئيسي في ما يتعرض له بحر الضاحية الجنوبية من تلوث وإرهاب بيئي بأتم معنى الكلمة، هو الديوان الوطني للتطهير، وتساهم فيه بصمتها وتواطئها مؤسسات أخرى، على غرار الوكالة الوطنية لحماية المحيط ووكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي".
وأضاف أنه "من السهل ملاحظة تراجع عدد المقبلين على هذه الشواطئ، التي كانت تمثل المتنفس الوحيد لمتساكني المنطقة، وللزائرين الذين لا يتاح لهم ارتياد مناطق ساحلية أخرى، نظرا لبعد المسافة وغلاء تكلفة التنقل والإقامة".
Mobilisation des habitants de la banlieue sud de Tunis formant une chaîne humaine contre la pollution de la mer qui dure depuis plus de deux décennies par l’ONAS #Tunisie #سكر_الاوناس_على_بحر_الضاحية_الجنوبية pic.twitter.com/o9Z5dvmVRw
— Mohamed Ali Sghaier (@dalizzoo) September 12, 2021
ودعا المنتدى "الديوان الوطني للتطهير إلى النظر جدياً في تفعيل مشروع التطهير الخاص بواد مليان، وإيقاف تصريف المياه الملوثة ببحر الضاحية الجنوبية، كما دعا الوكالة الوطنية لحماية المحيط إلى تكثيف حملات المراقبة على المؤسسات الصناعية بالمنطقة، وإلى تبني الصرامة في التعامل مع الوحدات المخلة بشروط السلامة البيئية، وفق ما تنص عليه دراسات التأثير على المحيط وكراسات الشروط".
وطالبت المنظمة "وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي بأن تنقذ بحر الضاحية الجنوبية، وتتخذ الإجراءات اللازمة بالنظر إلى النتائج الكارثية التي أفضت إليها تحاليل مياه البحر، ومن أجل أن تسترجع المنظومة الإيكولوجية أنفاسها، وما كانت تزخر به من ثراء وتنوع بيولوجي".
ودعا أيضاً كلا من "مناصري الحقوق البيئية كحق أساسي من حقوق الانسان إلى الالتفاف حول أهالي الضاحية الجنوبية في هبتهم هذه، وأن يكونوا في الموعد خلال التحرك الميداني الذي سيقومون به في قادم الأيام".