سلالات كورونا المتحورة تثير القلق... ماذا نعرف عن نسخة P1؟

03 مارس 2021
يدعو خبراء الصحة إلى وقف الرحلات الدولية لمنع انتقال سلالات كورونا (راي تانغ/ الأناضول)
+ الخط -

تثير السلالة (p1) الجديدة من فيروس كورونا العديد من علامات الاستفهام حول طبيعة التحور الذي يطرأ على الفيروس، خاصة أن إمكانية انتشارها أسرع، ورصد تقرير في صحيفة "ذا غارديان" البريطانية مخاوف بشأن قدرة اللقاحات على مواجهة تلك السلالات، وخاصة السلالة P1 التي سجلت المملكة المتحدة ست إصابات بها حتى الآن.

يقول خبراء الفيروسات إن اكتشاف الإصابات واتخاذ إجراءات صارمة لضمان عدم انتشار السلالة الجديدة هما "علامة جيدة" على أن المملكة المتحدة يمكنها التعامل مع تحور الفيروس، وأنه "لسنا في موقف مماثل لما كنا عليه مع السلالة (B117) التي ظهرت في أواخر الخريف، ولم يكن يعلم أحد بها حتى انتشرت على نطاق واسع، وأصبحت الشكل السائد للعدوى في بريطانيا".

تم رصد السلالة P1 حتى الآن في 25 دولة، وهناك ثلاث إصابات في اسكتلندا، قيل إن السبب فيها أشخاص كانوا في البرازيل، وعادوا إلى اسكتلندا عبر باريس ولندن، وقد اتبعوا قواعد العزل عند وصولهم، وأظهر الفحص لاحقاً إصابتهم، كما انتقلت إصابتان اكتشفتا في جنوب غلوسيسترشاير من ساو باولو إلى لندن عبر زيورخ في سويسرا، وهناك 6 إصابات في الولايات المتحدة.

ووفق خبراء الصحة البريطانيين، فإنه "إن لم يتم إيقاف رحلات الطيران الدولية تماماً، فستصل إصابات بالسلالات الجديدة من الخارج، ولذا يعد اختبار الأشخاص قبل سفرهم وبعد وصولهم، جنباً إلى جنب مع العزل الذاتي أو الحجر الصحي الفندقي، وتتبع المخالطين، أمراً أساسياً".

ويرى الأطباء أن السلالة (B1351)، والتي تم اكتشافها لأول مرة في جنوب أفريقيا، كانت مثيرة للقلق مثل (P1)، وإن السلالات تنشأ عبر طفرات في بروتين الفيروس الذي تستهدفه اللقاحات، ومصدر القلق الأكبر هو طفرة تسمى (E484K)، والتي يبدو أنها تتخلص من الأجسام المضادة لمكافحة الفيروسات التي ينتجها الجهاز المناعي بعد التطعيم، ومن هنا، يعتقد العلماء أن فعالية اللقاح منخفضة في مواجهته.

ويؤكد الخبراء أن هذه السلالات المتحورة المكتشفة لن تكون الأخيرة، إذ من المرجح أن يظهر غيرها، ومن المحتمل أن يكون هناك بالفعل بعض السلالات التي لم يتم تحديدها بعد في العديد من البلدان التي لا تمتلك التسلسل الجيني الشامل الموجود في المملكة المتحدة. لكن على الرغم من قتامة المشهد، إلا أن العلماء يعتقدون أن اللقاح لا يزال هو الأمل القائم.

ما هي السلالة P1؟

نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن عالم الأوبئة بمعهد برود في جامعة كامبريدج، برونوين ماكينيس، قوله: "نحبس أنفاسنا بشأن هذه السلالة.حتى الآن، تشير ثلاث دراسات إلى أنه من المرجح أنها نشأت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وتسببت في ارتفاع قياسي لأعداد الإصابات، إذ يمكنها أن تُصيب الأشخاص الذين كونوا مناعة من إصابة سابقة بفيروس كورونا، كما تشير التجارب المعملية إلى أن P1 يمكن أن يضعف التأثير الوقائي للقاح الصيني المستخدم حالياً في البرازيل".

ويقول عالم الفيروسات في إمبريال كوليدج لندن، نونو فاريا: "تنطبق النتائج التي تم توصل إليها بشأن هذه السلالة على جميع الحالات المرضية في مدينة ماناوس البرازيلية، ومع وجود العديد من الألغاز حول P1، ينبغي التعامل معه بجدية".

ينتشر P1 حالياً في أنحاء البرازيل، وتم العثور عليه في دول أخرى، وللحد من مخاطر تفشيه، يرى فاريا أنه "من المهم مضاعفة كل إجراء لدينا لإبطاء انتشاره. يمكن أن تفيد الكمامات والتباعد الاجتماعي ضد P1، ويمكن أن يساعد التطعيم في تقليل انتقاله، وحماية الأشخاص الذين يصابون به من الأعراض الشديدة".

 

وبدأ الطبيب فاريا وزملاؤه تتبع فيروس كورونا عندما انفجر في البرازيل خلال الربيع الماضي، وتعرضت مدينة ماناوس في منطقة الأمازون، والتي يبلغ عدد سكانها نحو مليوني نسمة، لتفشٍّ شديد في أواخر إبريل/ نيسان الماضي، وفي حين اعتقد سكانها أنهم تجاوزوا الأسوأ بعد انخفاض عدد الإصابات بعد فصل الربيع، وأن المدينة اكتسبت مناعة القطيع، إلا أن فحوص الأجسام المضادة لفيروس كورونا في عينات من بنك الدم في ماناوس، ما بين يونيو وأكتوبر، أظهرت أن ما يقارب ثلاثة أرباع السكان أصيبوا بالعدوى.

ومع قرب نهاية عام 2020، بدأت الإصابات الجديدة في الارتفاع مجدداً، وقال فاريا: "كان هناك عدد أكبر بكثير من الإصابات مقارنة بالذروة السابقة في أواخر إبريل. كان ذلك محيراً للغاية"، ورغم الخطورة، يرى فاريا أنه يمكن للقاحات أن تعطي قدراً من الحماية للأشخاص المصابين، أو على الأقل تقيهم من الأعراض الشديدة لفيروس كورونا.

المساهمون