سكان شمال سورية يروون مشاهد الرعب جراء الزلزال

06 فبراير 2023
تجري حالياً عمليات إنقاذ في الباب وسرمدا وعفرين وأعزاز ومناطق أخرى (العربي الجديد)
+ الخط -

مشاهد مأساوية لم تعشها مناطق الشمال السوري حتى خلال الحرب والقصف من النظام وروسيا طوال السنوات الماضية، وفق ما يقول سكان وناشطون لـ "العربي الجديد"، في الوقت الذي تتواصل فيه جهود الإنقاذ وانتشال الركام، من جراء الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا المحاذي للحدود السورية.

وكان الدفاع المدني قد أعلن في وقت سابق اليوم، أن شمال غربي سورية منطقة منكوبة، نتيجة للوضع الكارثي الذي سببه الزلزال.

مأساة في سرمدا

في الحي السكني الواقع جنوب غربي مدينة سرمدا، انهارت عشرات الأبنية فوق ساكنيها وهم نيام، أطفال ونساء مفقودون تحت الأنقاض، وآخرون وصلوا إلى المشافي إما موتى أو مصابين بجروح خطيرة.

حوالي الساعة الرابعة والنصف تقريباً من فجر اليوم الاثنين، استيقظ السكان في شمالي سورية على أثر زلزال قوي ضرب شمالي سورية وجنوب تركيا، وأدى إلى وقوع مئات الضحايا والجرحى، وكان له أثر بالغ في مناطق أكثر من أخرى، ومن بينها الحي السكني جنوب غربي سرمدا، رغم أن جل أبنيته جديدة ولم تتعرض لقصف سابق. وفي السياق، تقول هادية الأحمد، من مدينة سرمدا لـ"العربي الجديد": إنّ 15 شخصاً على الأقل قضوا جراء انهيار المباني كلها في الحي الغربي، ولا تزال المدينة تعيش حالة صدمة مما حدث، فيما يعمل الدفاع المدني على إنقاذ العالقين تحت الأنقاض، في ظل ظروف جوية صعبة، جراء المنخفض الجوي الذي تعيشه المنطقة.

فيما يوضح مصدر من الدفاع المدني لـ"العربي الجديد"، أن أبنية مكونة من 3 أو 4 طوابق على امتداد 700 متر انهارت بالكامل، إذ بات الحي الغربي تلة من الركام، وبالجوار أيضاً مجموعة أبنية منهارة، وهناك صعوبة في العمل نتيجة ضخامة الركام، مؤكداً أن حجم الكارثة أكبر من قدرات الدفاع المدني بكثير.

في محيط الركام يتجمّع سكان أقارب من علقوا تحت الأنقاض لا يتكلمون وينتظرون بارقة أمل لعل أقاربهم ما زالوا على قيد الحياة، ملتزمين بتحذيرات الدفاع المدني من خطورة العودة إلى المنازل، خاصة التي تصدعت أو تضررت من جراء الزلزال. وقال إبراهيم عليان من سكان المدينة لـ"العربي الجديد"، إن "المصيبة كبيرة ولا يمكن وصفها، لم نعشها خلال سنوات الحرب الماضية، رغم كل ما حدث من قصف النظام وروسيا، الزلزال اليوم كان أثره كبيراً علينا، هذه الأبنية أصبحت ركاماً بسبب عدم بنائها بطريقة تقاوم الزلازل وشدته أيضاً".

وأضاف: "بقيت في المنزل مدة من الوقت حتى استوعبت أن ما يحدث هو زلزال، كل شيء كان يرقص من حولي، الأبنية الطابقية هي الأكثر تضرراً، وإلى الآن نحن خارج المنزل في البرد، أو في الخيام، خوفاً من زلزال جديد".

بدوره، وصف مسعود سماق لـ"العربي الجديد" ما حدث بالكارثة المريعة، إذ حمل طفليه دفعة واحدة وركض هارباً خارج المنزل تتبعه زوجته بطفلهما الثالث، حتى تفاجأ بعد ذلك بانهيار مبان بأكملها بالقرب من منزله، مضيفاً أنه ما زال في البرد خارج المنزل وسيمضي اليوم في الخارج حتى يضمن عدم عودة الزلزال.

وأكد سماق أنه لم يرجع إلى منزله، ولا يعرف حجم الأضرار التي حصلت به بعد خروجه السريع منه، لافتاً إلى أنه في وقت الحادث كان مستيقظاً هو وزوجته، وهذا من حسن حظه. وأشار أيضاً إلى أن المدنيين يساعدون الدفاع المدني في عمله، وحجم الكارثة فوق ما يمكن للناس أن تتحمله.

فيما أفاد رمضان زرزور لـ"العربي الجديد"، أنه عاش وعائلته ليلة قاسية لا تنسى، موضحاً أنه لم يشهد زلزالاً في حياته مشابهاً لما حدث، كنا في اليوم السابق نتحدث عن بعض الشقوق في البناية التي نسكن فيها، وأنها قد تنهار، وحين حدث الزلال اعتقدنا أن البناء ينهار بفعل تلك التصدعات، فخرجت وعائلتي لنستوعب الكارثة، ونحمد الله أننا نجونا من الموت بأعجوبة.

انتشال الضحايا

وما زالت فرق الإنقاذ تعمل على انتشال ضحايا من تحت مبان دمرها الزلزال في إدلب وحلب، وقالت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" إن أبنية بأكلمها تهدمت فوق ساكنيها، وهناك حي بأكمله في مدينة سرمدا شمال إدلب مهدم فوق ساكنيه، حيث قضى وجرح العشرات، بينهم الناشط الإعلامي غياث أبو أحمد.
وأعلنت فرق الدفاع المدني في شمال سورية، ارتفاع حصيلة ضحايا الزلزال في مناطق شمال غربي سورية إلى 147 قتيلاً وأكثر من 340 جريحاً، في وقت تجري حالياً عمليات إنقاذ في الباب وسرمدا وعفرين وأعزاز ومناطق أخرى. وكان الدفاع المدني قد أعلن في وقت سابق اليوم أن شمال غربي سورية منطقة منكوبة نتيجة للوضع الكارثي الذي سببه الزلزال.

وقال علاء الصالح، مدني في بلدة دير حسان بريف إدلب لـ"العربي الجديد"، إنهم استيقظوا فجر اليوم مذعورين إثر اهتزاز منزلهم بشكل متواصل مدة دقيقتين، وسقوط أجزاء منه فوق رؤوسهم، وهم إلى الآن في العراء، بسبب الخوف من سقوط المنزل فوق رؤوسهم، أو حدوث ارتدادات جديدة وهزات أخرى.

مخاوف من "تسونامي"

عاشت المناطق الخاضعة للنظام السوري في اللاذقية وحلب وحماة وطرطوس، اليوم، كارثة بعد الزلزال، حيث قضى وأصيب مئات الأشخاص ولا تزال فرق الإنقاذ هناك تعمل وفق الإمكانيات الضعيفة المتاحة لها. وفي حين انتشرت شائعات عن احتمالية حدوث أمواج تسونامي، يتخوف السكان، خاصة في حلب من انهيارات في الأبنية الطابقية التي تصدعت جراء الزلزال، إذ رصدت كاميرات انهيار مبان بعد ساعات من الزلزال جراء التصدع.

وقالت مصادر محلية من اللاذقية لـ"العربي الجديد"، إن عدداً من السكان ما زالوا خارج منازلهم في البرد، بسبب تصدعها وخطر سقوطها بعد الزلزال، وهناك آخرون في الخارج بسبب تناسل شائعات عن احتمالية حدوث تسونامي جراء جذر حصل في البحر نتيجة الزلزال. وأكد  مصدر من مجلس محافظة اللاذقية، فضّل عدم الكشف عن اسمه لـ"العربي الجديد"، أنه لا صحة للشائعات التي تتحدث عن احتمالية حدوث تسونامي في البحر، وهي أمواج مرتفعة مدمرة تحدث عادة نتيجة حدوث زلازل في المحيطات الواسعة والمفتوحة.

وكانت شبكة الرصد الزلزالي في سورية قد بينت أن الزلزال هو الأقوى منذ عام 1995 وكان بقوة 7.7 وضرب فجر اليوم منطقة لواء إسكندرون، تلاه زلزال آخر بقوة 6.4 درجات في منطقة طوروس على الحدود السورية التركية. وبحسب الإحصاء من الجهات الرسمية في عموم سورية وصلت حصيلة الضحايا إلى 348 وفاة و979 مصاباً جراء الزلزال.

وبثّ ناشطون فيديو قالوا إنه لسقوط مبان في مدينة حلب بعد ساعات من الزلزال المدمر، وهي أبنية متصدعة نتيجة الزلزال، أو كانت متصدعة بسبب عمر البناء القديم، أو القصف عليها من قوات النظام. 

وقال وليد زبدية من مدينة حلب لـ"العربي الجديد"، إن معظم المباني في أحياء حلب الشرقية، اليوم متصدعة، وهناك تخوف من انهيارها، إذ تعرضت تلك الأحياء لقصف عنيف من قوات النظام سابقاً، وهناك أبنية ازداد ضررها جراء الزلزال، فضلاً عن بنائها المخالف لأنظمة مقاومة الزلازل.

وأوضح زبدية أن أبنية طابقية انهارت بعد ساعات من الزلزال، نتيجة التصدع في الزبيدية والكلاسة، والسكان في الشوارع بحالة ذعر لا يستطيعون العودة إلى منازلهم، مشيراً إلى أن الناس بحاجة لتأمين مأوى بشكل عاجل، وإلى أن استجابة النظام لا تغطي بالحد الأدنى حاجات السكان العاجلة.

وأضاف زبدية أن هناك مشردين في الشوارع في البرد والمطر بلا طعام أو ماء أو دواء، والسكان لجؤوا إلى الحدائق العامة والساحات المفتوحة بعيداً عن الأبنية المرتفعة. وفي حي الشيخ مقصود الخاضع لـ"قسد" ذكرت مصادر من الحي لـ "العربي الجديد"، أن هناك حالة ذعر والناس خائفة، حيث فرت مع أطفالها إلى الحدائق وساحات المساجد والمدارس في ظل البرد، مؤكدة أن الخدمات المقدمة أيضاً من السلطة هناك دون مستوى المعاناة.

يُذكر أن زلزالاً ضرب فجر اليوم الاثنين، جنوبي تركيا وشمالي سورية، وأسفر عن وفاة وإصابة المئات من السكان، فضلاً عن دمار كبير في المباني السكنية، وخاصة القديمة أو غير المجهزة لمواجهة الزلازل، إلى جانب انهيار مبان في سورية كانت قد تعرضت سابقاً لقصف من قوات النظام وروسيا.

المساهمون