سرقات "منسّقة" لركام منازل سيناء

21 ابريل 2022
تشهد أسعار مواد البناء والحديد ارتفاعاً كبيراً في سيناء (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -

 

صدمت الأنباء المتداولة عن بدء آلات تابعة لمقاولين إزالة ركام منازل مهدّمة تمهيداً لسرقة الحديد منها وبيعه في السوق مواطني محافظة سيناء المصرية الذين جرى تهجيرهم قسراً من مدينة رفح، خصوصاً أن أسعار الحديد مرتفعة جداً في مصر عموماً وسيناء خصوصاً في ظل التضييق الأمني المستمر منذ عام 2013 على إدخال مواد البناء إليها.

يقول نور محمد سليمان، المهجّر من منطقة الماسورة في رفح، لـ"العربي الجديد": "علمت بوجود آليات هندسية في الحي الذي أقطنه، وتنفيذها عمليات جرف ركام المنازل وتكسير الباطون بهدف نقله إلى الكسارات التي تعمل على تحويله إلى حصى يستخدم في المصانع، والحصول على الحديد الموجود داخل الباطون لتعديله ثم بيعه مجدداً في شمال سيناء. ويعلم الجميع أن أسعار مواد البناء والحديد تشهد ارتفاعاً كبيراً منذ سنوات بفعل التضييق على إدخال مواد البناء لسيناء، وأزمة الغلاء العالمي".

ويوضح سليمان، الذي هُجّر من بيته قسراً عام 2017، أنه لم يحصل على التعويض الحكومي مقابل هدم منزله، بحجة أنه ضمن نطاق المنطقة العازلة التي أنشأها الجيش المصري في نهاية عام 2014، ويشير إلى أن المقاولين سرقوا ركام المنازل في منطقته أمام عيون أصحابها الذين لم يحصلوا على أي تعويض بعد إزالتها، ثم لم يسلم الركام نفسه من السرقة، باعتبار أن المنازل المهدمة تقع ضمن منطقة عسكرية مغلقة لا يمكن المرور إليها إلا بالتنسيق مع قيادة عمليات الجيش في سيناء. وهو إجراء مطبق في شمال سيناء منذ بدء إنشاء المنطقة العازلة على الحدود مع قطاع غزة.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وسبق أن أبلغ تاجر مواد بناء في مدينة بئر العبد "العربي الجديد" بأن أسعار مواد البناء ارتفعت، خصوصاً الإسمنت والحديد، ما حتم توقف أعمال الإنشاء بالكامل إلا للمضطرين، مثل المهجرين من منازلهم في مدن رفح والشيخ زويد وأطراف العريش وبئر العبد، وأوضح أن الحكومة صرفت تعويضات لهؤلاء المهجرين، "لكن بحسب قيمة أسعار بناء المنازل قبل سنوات وليس تلك الجديدة اليوم التي يفترض أن تحتسب الارتفاع المستمر في الأسعار خلال هذه الفترة، ما أجبرهم على الدفع من جيوبهم والاقتراض والاستدانة من التجار من أجل بناء منازل متواضعة تؤويهم بعد التهجير".

وفي الفترة الأخيرة نشر مهجرون لقطات فيديو لاعتقال قوة عسكرية تابعة لاتحاد قبائل سيناء عمالاً استخدموا آلات لسرقة ركام منزل في رفح، وأبدوا غضبهم الشديد من الحادثة، وطالبوا بوقف عمليات السرقة والسماح بعودتهم إلى منازلهم لإخراج محتويات من داخلها، وبينها بعض الأثاث، علماً أن العملية العسكرية الشاملة التي نفذها الجيش المصري في فبراير/ شباط 2018، وترافقت مع قصف جوي ومدفعي كثيف طاول مناطق واسعة من مدينتي رفح والشيخ زويد، لم تسمح بدخول الشاحنات اللازمة إلى المناطق المستهدفة.

الصورة
يسرق مقاولون حديد المباني المدمّرة في سيناء (خالد دسوقي/ فرانس برس)
يسرق مقاولون حديد المباني المدمّرة في سيناء (خالد دسوقي/ فرانس برس)

ويعلّق مسؤول في مجلس مدينة رفح، رفض كشف اسمه، بالقول لـ"العربي الجديد": "لا يمكن أن يتدخل أي طرف حكومي في ما يجري في المنطقة العازلة، لا سيما بيوت المواطنين التي هدمتها الفرق الهندسية التابعة للجيش المصري. ويتولى المجلس التنسيق مع الهيئة الهندسية في الجيش لتقييم الأضرار والتعويضات اللازمة التي يجب أن يحصل عليها كل مواطن، سواء عن  منزل مهدّم أو أرض تعرضت لتدمير وتخريب. وما جرى تداوله أخيراً عن استيلاء على ركام منازل والإفادة من مواد البناء حصل بتنسيق مباشر بين المقاولين وجنود الجيش الذين سمحوا بدخولهم إلى المناطق التي يحظر تحرك المدنيين فيها".

ويشير المسؤول الحكومي إلى أن "المجلس أرسل إلى القائد العسكري في مدينة رفح مذكرة للاستفهام حول ما يجري على صعيد إفادة مقاولين من ركام منازل المواطنين، لكنه لم يتلقَ أي رد، ويدور حديث بين الأهالي الذين جرى تهجيرهم من منازلهم عن أن نواباً في مجلس الشعب يمثلون محافظة شمال سيناء يملكون بعض شركات المقاولات التي تنفذ هذه التعديات على الأملاك الخاصة، لكن لم يتم التأكد من صحة هذه المعلومات".

وفي أعقاب الضجة التي أثارها تداول المواطنين هذه اللقطات، ومطالبة مجلس مدينة رفح بضرورة إيقاف عمليات سرقة المنازل والركام، صدر قرار بتغيير رئيس مجلس مدينة رفح، العميد مصطفى محمد مصطفى، وتعيين جمال عبد الناصر عطوة مغاوري الذي كان يشغل منصب رئيس حي الأميرية بالعاصمة القاهرة بدلاً منه.

يذكر أن الجيش المصري كان قد هجّر آلافاً من سكان مدينة رفح التي أزيلت مناطقها بالكامل بحجة إنشاء منطقة عازلة بين سيناء وقطاع غزة، بعدما تعرض جنوده لهجوم دموي في منطقة كرم القواديس تسبب في مقتل وجرح عشرات منهم في منطقة تبعد أكثر من 30 كيلومتراً عن الحدود. وتبلغ مساحة المنطقة العازلة التي تمددت أكثر من مرة خمسة كيلومترات مربعة، علماً أن الهجمات ضد قوات الجيش استمرت في غالبية مناطق سيناء منذ بدء إنشاء المنطقة العازلة عام 2014 وحتى مطلع العام الجاري، وبينها مدينة رفح ومحيطها.

المساهمون