سجن "بدر" في مصر: الشكاوى تفسد حملة الدعاية

28 سبتمبر 2022
رغم الدعاية، لم يعالج مجمّع سجون "بدر" مشكلات الاحتجاز في مصر (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -

قبل أسابيع، رحّلت السلطات المصرية عدداً كبيراً من السجناء السياسيين، من معتقل "العقرب" الذي يقع جنوبي القاهرة ويخضع لحراسة مشددة، إلى مجمع سجون "بدر" الجديد الذي يبعد نحو 55 كيلومتراً من شمال شرقي العاصمة. وقالت السلطات حينها إن "الخطوة تندرج في إطار إجراءات تهدف إلى تغيير أوضاع السجون والمحتجزين".
لكن رغم المدة الزمنية القصيرة التي أمضاها المعتقلون في مجمع السجون الجديد، ارتفعت الشكاوى من أوضاعه سريعاً، وتركزت بحسب سجناء سياسيين وعاملين في منظمات حقوقية على أنواع جديدة من الانتهاكات. 
وكانت وزارة الداخلية أعلنت في فيديو دعائي نشرته في أواخر ديسمبر/ كانون الأول 2021 افتتاح مركز "بدر 3" للإصلاح والتأهيل، باعتباره ملحقاً ضمن المجمّع الأمني في مدينة بدر المشيّد على مساحة 85 فداناً، ويضم ثلاثة مراكز للإصلاح والتأهيل.

وشدد الفيديو الدعائي على أهمية تطوير منشآت المركز، وأنظمة المراقبة والتحكم داخله، ومنح السجناء حقوق الرعاية الصحية والزيارة والتريض والتعلم. لكن أنس البلتاجي، نجل القيادي البارز في جماعة الإخوان المسلمين، محمد البلتاجي، اشتكى خلال جلسة محاكمته الأخيرة عبر الفيديو من شدة الإضاءة في الزنزانة التي يقول مسؤولو السجن إنها تضمن مراقبة أمنية على مدار الساعة، لكنها تتلف فعلياً أعصاب السجناء، وتمنعهم من النوم. 
وسبق أن قدمت مجموعة من أسر لمحتجزين في سجن "بدر 3" شكوى رسمية إلى رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان، وتحدثت فيها عن استمرار حرمان المحتجزين من حقوقهم القانونية، وطالبت بالسماح بالزيارات، وبإدخال أطعمة وكتب وملابس وأغطية وأدوات التنظيف، وأيضاً بالتواصل الكتابي مع السجناء، ومنح إذن لأعضاء في المجلس القومي لحقوق الإنسان بتفقد مركز "بدر 3".
وفي ما يتعلق بحق الزيارة، أفادت الشكوى بأن "إدارة مركز بدر 3 تستمر في حرمان الأسر من حقها في زيارة السجناء الذين نقل بعضهم إلى المركز في أغسطس/ آب الماضي، وذلك بعد حرمانهم لمدة 6 سنوات من الزيارات في سجن العقرب". 
وأكدت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان تدهور أوضاع الاحتجاز في مركز "بدر 3" للإصلاح والتأهيل، وتحديداً أولئك الذين نقلوا من سجن "العقرب" خلال الأشهر الأخيرة. وقالت في بيان إنه "بعد سنوات من تدهور أوضاع الاحتجاز داخل سجن العقرب ذي السمعة السيئة، تستمر إدارة مركز بدر 3 في حرمان السجناء من حقهم في الزيارة والتواصل مع العالم الخارجي، وتتعامل معهم في شكل مهين، ما يدحض الدعاية الحكومية التي تزعم أن أوضاع الاحتجاز تحسنت بمجرد نقل المعتقلين إلى سجون جديدة، ويثبت أن هذا المركز لا يقدم أي جديد، بل يُدار بنفس فلسفة العقاب والثقافة المؤسساتية لدى موظفي وإدارات السجون".

الصورة
يستمر حرمان السجناء من حق الزيارة (خالد دسوقي/ فرانس برس)
يستمر حرمان السجناء من حق الزيارة (خالد دسوقي/ فرانس برس)

ونقلت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان عن أسر محتجزين في مركز "بدر 3" قولهم إنه "رغم الحديث عن تحسين أوضاع الأهالي أثناء الزيارة على صعيد توفير مظلة لأفرادها وكافتيريا، وتخصيص استعلامات للتفاعل معهم، لكن لم يسمح لهم بتنفيذ أي زيارة حتى الآن. ويتناقض ذلك مع زعم السلطات أن مركز بدر للإصلاح والتأهيل يتيح تنظيم زيارات لأسر السجناء بشكل متطور، بينها نقلهم إلى أماكن الزيارة بأتوبيسات، ومقابلة ذويهم في ساحات واسعة". 
وعلى صعيد الحق في التواصل مع العالم الخارجي أوردت الجبهة أن "أسر المحتجزين تشتكي من أنها لا تملك أي وسيلة للاطمئنان على السجناء داخل مركز بدر 3، ولا تتلقى أي أخبار عن أحوالهم، في ظل استمرار منع كل وسائل التواصل القانونية، من مراسلات ومكالمات هاتفية، ما يزيد بالتالي مخاوفها على أوضاعهم، خاصة في ظل استمرار منع الزيارات".
وتؤكد الجبهة المصرية لحقوق الإنسان أن القادة السياسيين البارزين المحتجزين داخل مركز "بدر 3" يتعرضون إلى شتم وإهانات من قبل موظفي السجن.
وأبلغت مصادر الجبهة أنه يجرى تسليط كشافات الضوء بشكل مستمر داخل الزنزانات التي يُحتجز فيها القياديون، وأن الزنزانات مراقبة بكاميرات، ما يتطابق مع المشاهد التي نقلها الفيديو الدعائي لوزارة الداخلية الذي يشدد على أهمية تحديث أساليب إدارة المركز. لكن هذه المشاهد تؤكد اختراق خصوصية المحتجزين، وتعمّد زيادة الضغوط النفسية عليهم".

وتطالب الجبهة المصرية لحقوق الإنسان السلطات بتوضيح مصير المحتجزين داخل مركز "بدر 3" للإصلاح والتأهيل، والتوقف فوراً عن حرمانهم من حقوقهم الأساسية التي يكفلها قانون تنظيم السجون. 
كذلك، تطالب الجبهة المصرية بأن يضطلع المجلس القومي لحقوق الإنسان بدوره، وتنظيم زيارة رسمية إلى مركز "بدر 3" للوقوف على حقيقة أوضاع الاحتجاز داخله. وتؤكد ضرورة الاهتمام بـ "تطوير فلسفة العقاب والثقافة المؤسساتية للعاملين في السجون بالتزامن مع تطوير البنية التحتية للمنشآت، والتوقف عن استخدام أعمال التطوير ضمن حملات دعاية لا تفيد المحتجزين، ولا تواجه المشكلة الحقيقية، بل تتطلع إلى تلميع صورة النظام في الخارج".

المساهمون